للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَجُلٌ لبُنَيٍّ لَهُ أَعجبه:

شِنْشِنَةٌ أَعْرفُها مِنْ أَخْزَمِ

أَي قَطَران الْمَاءِ «٢» مِنْ ذَكر أَخْزَمَ، وَقِيلَ: أَخْزَمُ قِطْعَةٌ مِنْ جَبَلٍ. وأَبو أَخْزَمَ: جَدُّ أَبي حاتِمِ طَيِءٍ أَو جَدُّ جَدِّهِ، وَكَانَ لَهُ ابْنٌ يُقَالُ لَهُ أَخْزَمُ فَمَاتَ أَخْزَمُ وَتَرَكَ بَنين فَوَثَبُوا يَوْمًا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ عَلَى جَدِّهِمْ أَبي أَخْزَمَ فأَدْمَوْه فَقَالَ:

إِنَّ بَنِيَّ رَمَّلُوني بالدَّمِ، ... شِنْشِنَةٌ أَعْرِفها مِنْ أَخْزَمِ،

مَنْ يَلْقَ آسادَ الرجالِ يُكْلَمِ

كأَنه كَانَ عَاقًّا، والشِّنْشِنةُ: الطَّبِيعَةُ أَي أَنهم أَشبهوا أَباهم فِي طَبِيعَتِهِ وخُلُقِه. والخَزْمُ، بِالزَّايِ، فِي الشِّعْرِ: زِيَادَةُ حَرْفٍ فِي أَول الْجُزْءِ أَو حَرْفَيْنِ أَو حُرُوفٍ مِنْ حُرُوفِ الْمَعَانِي نَحْوَ الْوَاوِ وَهَلْ وَبَلْ، والخَرْمُ: نُقْصَانٌ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: وإِنما جَازَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي أَوائل الأَبيات كَمَا جَازَ الخَرْمُ، وَهُوَ النُّقْصَانُ فِي أَوائل الأَبيات، وإِنما احْتُمِلَتِ الزيادةُ والنقصانُ فِي الأَوائل لأَن الْوَزْنَ إِنما يَسْتَبِينُ فِي السَّمْعِ وَيَظْهَرُ عَوارُهُ إِذا ذهبتَ فِي الْبَيْتِ، وَقَالَ مُرَّةُ: قَالَ أَصحاب الْعَرُوضِ جَازَتِ الزِّيَادَةُ فِي أَول الأَبيات وَلَمْ يُعْتَدَّ بِهَا كَمَا زِيدَتْ فِي الْكَلَامِ حروفٌ لَا يُعْتَدُّ بِهَا نَحْوَ مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ؛ وَالْمَعْنَى فبرحمةٍ مِنَ اللَّهِ، وَنَحْوَ: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ، مَعْنَاهُ لأَنْ يَعْلَمَ أَهلُ الْكِتَابِ، قَالَ: وأَكثر مَا جَاءَ مِنَ الخَزْمِ بِحُرُوفِ الْعَطْفِ، فكأَنك إِنما تَعْطِفُ بِبَيْتٍ عَلَى بَيْتٍ فإِنما تَحْتَسِبُ بِوَزْنِ الْبَيْتِ بِغَيْرِ حُرُوفِ الْعَطْفِ؛ فالخَزْمُ بِالْوَاوِ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:

وكأَنَّ ثَبِيراً، فِي أَفانينِ وَدْقِهِ، ... كبيرُ أُناسٍ فِي بِجادٍ مُزَمَّلِ

فَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، وَقَدْ رُوِيَتْ أَبيات هَذِهِ الْقَصِيدَةِ بِالْوَاوِ، وَالْوَاوُ أَجود فِي الْكَلَامِ لأَنك إِذا وَصَفْتَ فَقُلْتَ كأَنه الشمسُ وكأَنه الدُّرُّ كَانَ أَحسن مِنْ قَوْلِكَ كأَنه الشمسُ كأَنه الدُّرُّ، بِغَيْرِ وَاوٍ، لأَنك أَيضاً إِذا لَمْ تَعْطِفْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنك وصفتَه بِالصِّفَتَيْنِ، فَلِذَلِكَ دَخَلَ الخَزْمُ؛ وَكَقَوْلِهِ:

وإِذا خَرَجَتْ مِنْ غَمْرَةٍ بَعْدَ غَمْرَةٍ

فَالْوَاوُ زَائِدَةٌ. وَقَدْ يأْتي الخَزْمُ فِي أَول المِصْراعِ الثَّانِي؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

بَلْ بُرَيْقاً بِتُّ أَرْقُبُهُ، ... بَلْ لَا يُرى إِلا إِذا اعْتَلَما

فَزَادَ بَلْ فِي أَول الْمِصْرَاعِ الثَّانِي وإِنما حَقُّه:

بَلْ بُرَيْقاً بِتُّ أَرقبه، ... لَا يُرى إِلا إِذا اعْتَلَما

وَرُبَّمَا اعْتَرَضَ فِي حَشْوِ النِّصْفِ الثَّانِي بَيْنَ سَببٍ ووَتِدٍ كَقَوْلِ مَطرِ بْنِ أَشْيَمَ:

الفَخْرُ أَوَّلُهُ جَهْلٌ، وَآخِرُهُ ... حِقْدٌ إِذا تُذُكِّرَتِ الأَقوالُ والكَلِمُ

فإِذا هُنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ السَّبَبِ الْآخَرِ الَّذِي هُوَ تَفْ وَبَيْنَ الْوَتِدِ الْمَجْمُوعِ الَّذِي هُوَ عِلُنْ؛ وَقَدْ زَادُوا الْوَاوَ فِي أَول النِّصْفِ الثَّانِي فِي قَوْلِهِ:

كُلَّما رابَكَ مِنِّي رائبٌ، ... ويَعْلَمُ العالِمُ مِني ما عَلِمْ


(٢). قوله [أَي قطران الماء إلخ] كذا في الأَصل والتكملة، وعبارة التهذيب: أَي قطرة ماء من ذكرى الأَخزم

<<  <  ج: ص:  >  >>