قَالَ أَبو جَهْلٍ: مَا تَسْتَطِيعُونَ يَا مَعشر قُرَيْشٍ، وأَنتم الدَّهْمُ، أَن يَغْلِبَ كلُّ عَشَرَةٍ مِنْكُمْ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَي وأَنتم الْعَدَدُ الْكَثِيرُ؛ وَجَيْشٌ دَهْمٌ أَي كَثِيرٌ. وَجَاءَهُمْ دَهْمٌ مِنَ النَّاسِ أَي كَثِيرٌ. والدَّهْمُ: الْعَدَدُ الْكَثِيرُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مُحَمَّدٌ فِي الدَّهْمِ بِهَذَا القَوْر
، وَحَدِيثُ
بَشير بْنِ سَعْد: فأَدركه الدَّهْمُ عِنْدَ اللَّيْلِ
، وَالْجَمْعُ الدُّهوم؛ وَقَالَ:
جئْنا بدَهْمٍ يَدْهَمُ الدُّهُوما ... مَجْرٍ، كأَنَّ فوقَهُ النُّجوما
ودَهِمُوهُمْ ودَهَمُوهُمْ يَدْهَمُونَهُمْ دَهْماً: غَشُوهُمْ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازِمٍ:
فَدَهَمْتُهُمْ دَهْماً بِكُلِّ طِمِرَّةٍ ... ومُقَطِّعٍ حَلَقَ الرِّحالَة مِرْجَمِ
وَكُلُّ مَا غَشِيَكَ فَقَدْ دَهَمَكَ ودَهِمَكَ دَهْماً؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لأَبي مُحَمَّدٍ الحَذْلَمِيِّ:
يَا سعدُ عَمَّ الماءَ وِرْدٌ يَدْهَمُهْ، ... يَوْمَ تَلاقَى شاؤُه ونَعَمُهْ
ابْنُ السِّكِّيتِ: دَهِمَهم الأَمر يَدْهَمُهُمْ ودَهِمَتْهم الْخَيْلُ، قَالَ: وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ ودَهَمَهُمْ، بِالْفَتْحِ، يَدْهَمُهُمْ لُغَةً. وأَتتكم الدُّهَيْماءُ؛ يُقَالُ: أَراد بالدُّهَيماء السَّوْدَاءِ الْمُظْلِمَةِ، وَيُقَالُ: أَراد بِذَلِكَ الدَّاهِيَةَ يَذْهَبُ إِلى الدُّهَيْمِ اسْمُ نَاقَةٍ، وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: وَذَكَرَ الْفِتْنَةَ فَقَالَ أَتتكم الدُّهَيْماءُ تَرْمي بالنَّشَفِ ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا تَرْمِي بالرَّضْفِ
؛ وَفِي حَدِيثٍ
آخَرَ: حَتَّى ذكرَ فِتْنَةَ الأَحْلاس ثُمَّ فِتْنَةَ الدُّهَيْماءِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: قَوْلُهُ الدُّهَيْماءُ نَرَاهُ أَراد الدَّهْماء فصَغَّرها، قَالَ شِمْرٌ: أَراد بالدَّهْماء الْفِتْنَةَ السَّوْدَاءَ الْمُظْلِمَةَ وَالتَّصْغِيرُ فِيهَا لِلتَّعْظِيمِ، وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
لتكونَنَّ فِيكُمْ أَربع فِتَنٍ الرَّقْطاءُ والمظْلِمةُ وَكَذَا وَكَذَا
؛ فالمُظْلِمةُ مِثْلُ الدَّهْماءِ، قَالَ: وَبَعْضُ النَّاسِ يَذْهَبُ بالدُّهَيْماء إِلى الدُّهَيْمِ وَهِيَ الدَّاهِيَةُ، وَقِيلَ لِلدَّاهِيَةِ دُهَيْمٌ أَن نَاقَةً كَانَ يُقَالُ لَهَا الدُّهَيْمُ، وَغَزَا قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ قَوْمًا فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعَةُ إِخْوة فحُمِلوا عَلَى الدُّهَيْمِ، فَصَارَتْ مَثَلًا فِي كُلِّ داهيةٍ. قَالَ شِمْرٌ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَرْوِي عَنِ المُفَضَّل أَن هَؤُلَاءِ بَنُو الزَّبَّان بْنِ مُجالِدٍ، خَرَجُوا فِي طَلَبِ إِبل لَهُمْ فَلَقِيَهُمْ كَثِيفُ بْنُ زُهَيْرٍ، فَضَرَبَ أَعناقهم ثم حمل رؤوسهم فِي جُوالِقٍ وعَلَّقه فِي عُنق نَاقَةٍ يُقَالُ لَهَا الدُّهَيْمُ، وَهِيَ نَاقَةُ عَمْرِو بْنِ الزَّبَّان، ثُمَّ خَلّاها فِي الإِبل فَرَاحَتْ عَلَى الزَّبَّان فَقَالَ لَمَّا رأَى الجُوالِقَ: أَظن بَنِيَّ صَادُوا بَيْضَ نَعام، ثُمَّ أَهوى بِيَدِهِ فأَدخلها فِي الجُوالِقِ فإِذا رَأْسٌ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: آخِرُ البَزِّ عَلَى القَلُوصِ، فَذَهَبَتْ مَثَلًا، وَقِيلَ: أَثقل مِنْ حِمْل الدُّهَيْمِ وأَشأَم مِنَ الدُّهَيْمِ؛ وَقِيلَ فِي الدُّهَيمِ: اسْمُ نَاقَةٍ غَزَا عَلَيْهَا سِتَّةُ إِخوة فقُتِلُوا عَنْ آخِرِهِمْ وحُمِلوا عَلَيْهَا حَتَّى رَجَعَتْ بِهِمْ، فَصَارَتْ مَثَلًا فِي كُلِّ دَاهِيَةٍ، وَضَرَبَتِ الْعَرَبُ الدُّهَيْمَ مَثَلًا فِي الشَّرِّ وَالدَّاهِيَةِ؛ وَقَالَ الرَّاعِي يَذْكُرُ جَوْرَ السُّعَاةِ:
كتبَ الدُّهَيْمُ مِنَ العَداءِ لِمُسْرِفٍ ... عادٍ، يُريدُ مَخانةً وغُلولا
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
أَهَمْدانُ مَهْلًا لَا يُصَبِّح بُيوتَكمْ ... بِجُرْمِكُمُ حِمْلُ الدُّهَيْمِ، وَمَا تَزْبي
وَهَذَا الْبَيْتُ حَجَّةٌ لِمَا قَالَهُ الْمُفَضَّلُ. والدَّهْماء: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ