للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَي يبلُّه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَقُولُ هَذَا ثَنَائِي على النُّعْمان ابن بَشِيرٍ، وأَجْدر أَن أُصاحبه وَلَا أُفارقه، وأَملي لَهُ يُبْقي ثَنَائِي عَلَيْهِ ويُدَوِّمُ رِيقِي فِي فَمِي بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: والتَّدْويمُ أَن يَلُوكَ لسانَه لِئَلَّا يَيْبَسَ ريقُه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ بَعِيرًا يَهْدِرُ فِي شِقْشِقتِه:

فِي ذَاتِ شامٍ تَضْرِبُ المُقَلَّدَا، ... رَقْشَاءَ تَنْتاخُ اللُّغامَ المُزْبِدَا،

دَوَّمَ فِيهَا رِزُّه وأَرْعَدَا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُهُ فِي ذَاتِ شامٍ يَعْنِي فِي شِقْشِقَةٍ، وشامٌ: جَمْعُ شامةٍ، تَضْرب المُقَلَّدَا أَي يُخْرِجُهَا حَتَّى تَبْلُغَ صَفْحَةَ عُنُقِهِ؛ قَالَ: وتَنْتاخُ عِنْدِي مِثْلُ قَوْلِ الرَّاجِزِ:

يَنْباعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ حُرَّةٍ

عَلَى إِشباع الْفَتْحَةِ، وأَصله تَنْتَخ وتَنْبَعُ، يُقَالُ: نَتَخَ الشَّوْكَةَ مِنْ رِجْلِهِ إِذا أَخرجها، والمِنْتاخُ: المِنْقاش، وَفِي شِعْرِهِ تَمْتاخ أَي تَخْرُجُ، والماتِخُ: الَّذِي يُخْرِجُ الْمَاءَ مِنَ الْبِئْرِ. ودَوَّمَ الزعفرانَ: دافَهُ؛ قَالَ اللَّيْثُ: تَدْوِيمُ الزَّعْفَرَانِ دَوْفُه وإِدارَتُه فِي دَوْفِه؛ وأَنشد:

وهُنَّ يَدُفْنَ الزَّعفران المُدَوَّمَا

وأَدامَ القِدْرَ ودَوَّمَها إِذا غَلَت فَنَضَحَهَا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ لِيَسْكُنَ غَلَيانها؛ وَقِيلَ: كَسَرَ غَلَيَانَهَا بِشَيْءٍ وسكَّنَهُ؛ قَالَ:

تَفُورُ عَلَيْنَا قِدْرُهُمْ فنُدِيمُها، ... ونَفْثَؤُها عَنَّا إِذا حَمْيها غَلَى

قَوْلُهُ نُدِيمُها: نُسَكِّنها، ونَفْثَؤُها: نَكْسِرُهَا بِالْمَاءِ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:

سَعَرْتُ عليكَ الحَربَ تَغلي قُدورُها، ... فهَلَّا غَداةَ الصِّمَّتَيْنِ تُدِيمُها

يُقَالُ: أَدام القِدْرَ إِذا سكَّن غَلَيانها بأَن لَا يُوقدَ تَحْتَهَا وَلَا يُنزِلَها، وَكَذَلِكَ دَوَّمَها. وَيُقَالُ لِلَّذِي تُسَكَّنُ بِهِ الْقِدْرُ: مِدْوامٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الإِدامةُ أَن تَتْرُكَ الْقِدْرَ عَلَى الأَثافيِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ، لَا يُنْزِلُهَا وَلَا يُوقِدُهَا. والمِدْوَمُ والمِدْوامُ: عُودٌ أَو غَيْرُهُ يُسَكَّنُ بِهِ غَلَيَانُهَا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. واسْتَدامَ الرجلُ غَرِيمَهُ: رفَق بِهِ، واسْتَدْماهُ كَذَلِكَ مَقْلُوبٌ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا بأَنه مَقْلُوبٌ لأَنَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ مَصْدَرًا؛ واسْتَدْمَى مَوَدَّته: تَرَقَّبَهَا مِنْ ذَلِكَ، وإِن لَمْ يَقُولُوا فِيهِ اسْتَدام؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:

وَمَا زِلْتُ أَسْتَدْمِي، وَمَا طَرَّ شارِبي، ... وِصالَكِ، حَتَّى ضَرَّ نَفْسِي ضَمِيرُها

قَوْلُهُ وَمَا طَرَّ شارِبي جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسانَ فِي بَابِ كَانَ وأَخواتها: أَما مَا دامَ فَمَا وَقتٌ، تَقُولُ: قُمْ مَا دَامَ زيدٌ قَائِمًا، تُرِيدُ قُمْ مُدَّةَ قِيَامِهِ؛ وأَنشد:

لَتَقْرَبَنَّ قَرَباً جُلْذِيَّا، ... مَا دَامَ فيهِنَّ فَصِيل حَيَّا

أَي مدَّة حَيَاةِ فُصْلانها، قَالَ: وأَما صَارَ فِي هَذَا الْبَابِ فإِنها عَلَى ضَرْبين: بُلُوغٌ فِي الْحَالِ، وَبُلُوغٌ فِي الْمَكَانِ، كَقَوْلِكَ صَارَ زَيْدٌ إِلى عَمْرٍو، وَصَارَ زَيْدٌ رَجُلًا، فإِذا كَانَتْ فِي الْحَالِ فَهِيَ مِثْلُ كَانَ فِي بَابِهِ، فأَما قَوْلُهُمْ مَا دَامَ فَمَعْنَاهُ الدَّوامُ لأَن مَا اسْمُ مَوْصُولٍ بدامَ وَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلا ظَرْفاً كَمَا تُسْتَعْمَلُ الْمَصَادِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>