وصَديقٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي النَّهْيِ عَنِ الاستنجاءِ بالرِّمَّة قَالَ: يَجُوزُ أَن تَكُونَ الرِّمَّة جَمْعَ الرَّمِيم، وإِنما نَهَى عَنْهَا لأَنها رُبَّمَا كَانَتْ مَيْتَةً، وَهِيَ نَجِسَةٌ، أَو لأَن الْعَظْمَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْحَجَرِ لِمَلَاسَتِهِ؛ وَعَظْمٌ رَمِيمٌ وأَعظم رَمائِمُ ورَمِيمٌ أَيضاً؛ قَالَ حَاتِمٌ أَو غَيْرُهُ، الشَّكُّ مِنَ ابْنِ سِيدَهْ:
أَما وَالَّذِي لَا يَعْلَمُ السِّرَّ غَيْرُهُ، ... ويُحْيي العِظامَ البِيضَ، وَهِيَ رَمِيمُ
وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنِي بالرَّمِيمِ الْجِنْسَ فَيَضَعَ الْوَاحِدَ مَوْضِعَ لَفْظِ الْجَمْعِ. والرَّمِيمُ: مَا بَقِيَ مِنْ نَبْتِ عَامِ أَول؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. ورَمَّ العظمُ وَهُوَ يَرِمُّ، بِالْكَسْرِ، رَمّاً ورَمِيماً وأَرَمَّ: صَارَ رِمَّةً؛ الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ مِنْهُ رَمَّ العظمُ يَرِمُّ، بِالْكَسْرِ، رِمَّةً أَي بَلِيَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ رَمَّتْ عِظَامُهُ وأَرَمَّتْ إِذا بَلِيَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تُعْرَضُ صلاتُنا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمَّتَ؟
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْحَرْبِيُّ كَذَا يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُونَ، قَالَ: وَلَا أَعرف وَجْهَهُ، وَالصَّوَابُ أَرَمَّتْ، فَتَكُونُ التَّاءُ لتأْنيث الْعِظَامِ أَو رَمِمْتَ أَي صِرْتَ رَمِيماً، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما هُوَ أَرَمْتَ، بِوَزْنِ ضَرَبْتَ، وأَصله أَرْمَمْتَ أَي بَلِيتَ، فَحُذِفَتْ إِحدى الْمِيمَيْنِ كَمَا قَالُوا أَحَسْتَ فِي أَحْسَسْتَ، وَقِيلَ: إِنما هُوَ أَرْمَتَّ، بِتَشْدِيدِ التَّاءِ، عَلَى أَنه أَدغم إِحدى الْمِيمَيْنِ فِي التَّاءِ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلٌ سَاقِطٌ، لأَن الْمِيمَ لَا تُدْغَمُ فِي التَّاءِ أَبداً، وَقِيلَ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ أُرِمْتَ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، بِوَزْنِ أُمِرْتَ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَرَمَت الإِبل تَأْرمُ إِذا تَنَاوَلَتِ العلفَ وَقَلَعَتْهُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَصل هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ رَمَّ الميتُ وأَرَمَّ إِذا بَليَ. والرِّمَّةُ: الْعَظْمُ الْبَالِي، وَالْفِعْلُ الْمَاضِي مِنْ أَرَمَّ لِلْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ أَرْمَمْتُ وأَرْمَمْتَ، بِإِظْهَارِ التَّضْعِيفِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ كَلُّ فِعْلٍ مضعَّف فإِنه يَظْهَرُ فِيهِ التَّضْعِيفُ مَعَهُمَا، تَقُولُ فِي شَدَّ: شَدَدْتُ، وَفِي أَعَدَّ: أَعْدَدْتُ، وإِنما ظَهَرَ التَّضْعِيفُ لأَن تَاءَ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ مُتَحَرِّكَةٌ وَلَا يَكُونُ مَا قَبْلَهَا إِلا سَاكِنًا، فإِذا سَكَنَ مَا قَبْلَهَا وَهِيَ الْمِيمُ الثَّانِيَةُ الْتَقَى سَاكِنَانِ، فإِن الْمِيمَ الأُولى سَكَنَتْ لأَجل الإِدغام، وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ تَحْرِيكُ الثَّانِي لأَنه وَجَبَ سُكُونُهُ لأَجل تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلا تَحْرِيكُ الأَول، وَحَيْثُ حُرِّكَ ظَهَرَ التَّضْعِيفُ، وَالَّذِي جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بالإِدغام، وَحَيْثُ لَمْ يَظْهَرِ التَّضْعِيفُ فِيهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ احْتَاجُوا أَن يُشَدِّدُوا التَّاءَ لِيَكُونَ مَا قَبْلَهَا سَاكِنًا، حَيْثُ تَعَذَّرَ تَحْرِيكُ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ، أَو يَتْرُكُوا القِياسَ فِي الْتِزَامِ سُكُونِ مَا قَبْلَ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ، قَالَ: فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ وَلَمْ تَكُنْ مُحَرَّفَةً فَلَا يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ إِلا عَلَى لُغَةِ بَعْضِ الْعَرَبِ، فإِن الْخَلِيلَ زَعَمَ أَن نَاسًا مِنْ بَكْر بْنِ وائلٍ يَقُولُونَ: رَدَّتُ ورَدَّتَ، وَكَذَلِكَ مَعَ جَمَاعَةِ الْمُؤَنَّثِ يَقُولُونَ: رُدَّنَ ومُرَّنَ، يُرِيدُونَ رَدَدْتُ ورَدَدْتَ وارْدُدْنَ وامْرُرْنَ، قَالَ: كأَنهم قَدَّرُوا الإِدْغامَ قَبْلَ دُخُولِ التَّاءِ وَالنُّونِ، فَيَكُونُ لَفْظُ الْحَدِيثِ أَرَمَّتَ، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّاءِ. والرَّميمُ: الخَلَقُ الْبَالِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. ورَمَّتِ الشاةُ الْحَشِيشَ تَرُمُّه رَمّاً: أَخذته بِشَفَتِهَا. وَشَاةٌ رَمُومٌ: تَرُمُّ مَا مَرَّتْ بِهِ. ورَمَّتِ البهمةُ وارْتَمَّتْ: تَنَاوَلَتِ الْعِيدَانَ. وارْتَمَّتِ الشَّاةُ مِنَ الأَرض أَي رَمَّتْ وأَكلت. وَفِي الْحَدِيثِ
عَلَيْكُمْ بأَلْبان الْبَقَرِ فَإِنَّهَا تَرُمُّ مِنْ كُلِّ الشَّجَرِ
أَي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute