للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ شِبْهُ العِوَضِ، واسْتَعْقَبَ مِنْهُ خَيْرًا أَو شَرّاً: اعْتاضَه، فأَعْقَبَه خَيْراً أَي عَوَّضَهُ وأَبدله. وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ:

ومَنْ أَطاعَ فأَعْقِبْه بطاعَتِه، ... كَمَا أَطاعَكَ، وادْلُلْهُ عَلَى الرَّشَدِ

وأَعْقَبَ الرجلُ إِعْقاباً إِذا رَجَع مِنْ شَرٍّ إِلى خَيْرٍ. واسْتَعْقَبْتُ الرجلَ، وتَعَقَّبْتُه إِذا طَلَبْتَ عَوْرَتَهُ وعَثْرَته. وَتَقُولُ: أَخَذْتُ مِنْ أَسِيري عُقْبةً إِذا أَخَذْتَ مِنْهُ بَدَلًا. وَفِي الْحَدِيثِ:

سَأُعْطيكَ مِنْهَا عُقْبَى

أَي بَدَلًا عَنِ الإِبقاءِ والإِطلاق. وَفِي حَدِيثِ الضِّيَافَةِ:

فإِن لَمْ يَقْرُوه، فَلَهُ أَن يُعْقِبَهُم بمثْل قِراهُ

أَي يأْخذ مِنْهُمْ عِوَضاً عَمَّا حَرَمُوه مِنَ القِرَى. وَهَذَا فِي المُضْطَرِّ الَّذِي لَا يَجِدُ طَعَامًا، وَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ. يُقَالُ: عَقَبَهم وعَقَّبهم، مُشَدَّداً وَمُخَفَّفًا، وأَعْقَبَهم إِذا أَخذ مِنْهُمْ عُقْبَى وعُقْبةً، وَهُوَ أَن يأْخذ مِنْهُمْ بَدَلًا عَمَّا فَاتَهُ. وتَعَقَّبَ مِنْ أَمره: نَدِمَ؛ وَتَقُولُ: فعلتُ كَذَا فاعْتَقَبْتُ مِنْهُ نَدَامَةً أَي وجدْتُ في عاقبته ندامة. وأَعْقَبَ الرجلَ: كَانَ عَقِيبَه؛ وأَعْقَبَ الأَمْرَ إِعْقاباً وعُقْباناً «١» وعُقْبَى حسَنةً أَو سَيِّئَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا مِنْ جَرْعةٍ أَحْمَدَ عُقْبَى مِن جَرْعَةِ غَيْظٍ مَكْظُومَةٍ

؛ وَفِي رِوَايَةٍ:

أَحمد عُقْباناً

أَي عَاقِبَةً. وأُعْقِبَ عِزُّه ذُلًّا: أُبْدِلَ؛ قَالَ:

كَمْ مِنْ عزيزٍ أُعْقِبَ الذُّلَّ عِزُّه، ... فأَصْبَحَ مَرْحُوماً، وَقَدْ كَانَ يُحْسَدُ

وَيُقَالُ: تَعَقَّبْتُ الخَبَرَ إِذا سأَلتَ غيرَ مَنْ كنتَ سأَلته أَوَّل مَرَّةٍ. وَيُقَالُ: أَتَى فلانٌ إِليَّ خَيْرًا فعَقَبَ بِخَيْرٍ مِنْهُ؛ وأَنشد:

فَعَقَبْتُم بذُنُوبٍ غيرَ مَرّ

وَيُقَالُ: رأَيتُ عَاقِبَةً مِنْ طَيْر إِذا رأَيتَ طَيْراً يَعْقُبُ بعضُها بَعْضًا، تَقَعُ هَذِهِ فَتَطِيرُ، ثُمَّ تَقَعُ هَذِهِ مَوْقِعَ الأُولى. وأَعْقَبَ طَيَّ الْبِئْرِ بِحِجَارَةٍ مِنْ وَرَائِهَا: نَضَدَها. وكلُّ طَرِيقٍ بعضُه خَلْفَ بعضٍ: أَعْقابٌ، كأَنها مَنْضُودة عَقْباً عَلَى عَقْبٍ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ فِي وَصْفِ طرائقِ الشَّحْمِ عَلَى ظَهْرِ النَّاقَةِ:

إِذا دَعَتْ غَوْثَها ضَرَّاتُها فَزِعَتْ ... أَعقابُ نَيٍّ، عَلَى الأَثْباجِ، مَنْضُودِ

والأَعْقابُ: الخَزَفُ الَّذِي يُدْخَلُ بَيْنَ الآجُرِّ فِي طَيِّ الْبِئْرِ، لِكَيْ يَشْتَدَّ؛ قَالَ كُراع: لَا وَاحِدَ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العُقابُ الخَزَفُ بَيْنَ السَّافَاتِ؛ وأَنشد فِي وَصْفِ بِئْرٍ:

ذاتَ عُقابٍ هَرِشٍ وذاتَ جَمّ

ويُروى: وذاتَ حَمّ، أَراد وذاتَ حَمْءٍ، ثُمَّ اعْتَقَدَ إِلْقاءَ حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ عَلَى مَا قَبْلَهَا، فَقَالَ: وذاتَ حَمّ. وأَعقابُ الطَّيِّ: دوائرُه إِلى مؤَخَّره. وَقَدْ عَقَّبْنا الرَّكِيَّةَ أَي طوَيْناها بحَجَر مِنْ وراءِ حَجَرٍ. والعُقابُ: حَجَرٌ يَسْتَنْثِلُ عَلَى الطَّيِّ فِي الْبِئْرِ أَي يَفْضُل. وعَقَبْتُ الرجلَ: أَخذتُ مِنْ مَالِهِ مثلَ مَا أَخَذَ


(١). قوله [وعقباناً] ضبط في التهذيب بضم العين وكذا في نسختين صحيحتين من النهاية ويؤيده تصريح صاحب المختار بضم العين وسكون القاف وضمها إتباعاً، فانظر من أين للشارح التصريح بالكسر ولم نجد له سلفاً. وكثيراً ما يصرح بضبط تبعاً لشكل القلم في نسخ كثيرة التحريف كما اتضح لنا بالاستقراء، وبالجملة فشرحه غير محرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>