أَبْلِغْ قَتادَةَ، غَيْرَ سائِلِه ... جَزْلَ العَطاءِ وعاجِلَ الشُّكْمِ
قَالَ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ الشُّكْمُ، بِالضَّمِّ، الجَزاءُ، والشُّكْدُ العَطاء بِلَا جَزاءٍ، قَالَ: وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُهُ وأَصله مِنْ شَكِيمةِ اللجامِ كأَنها تُمْسِكُ فَاهُ عَنِ الْقَوْلِ، قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَباح: أَنه قَالَ لِلرَّاهِبِ إِني صَائِمٌ، فَقَالَ: أَلا أَشْكُمُكَ عَلَى صَوْمِكَ شُكْمةً؟ تُوضع يَوْمَ الْقِيَامَةِ مائدةٌ وأَول مَنْ يأْكل مِنْهَا الصَّائِمُونَ
؛ أَي أَلا أُبَشِّرُكَ بِمَا تُعْطى عَلَى صَوْمِك. وَفِي تَرْجَمَةِ شَكَبَ: الشُّكْبُ لغةٌ فِي الشُّكْمِ، وَهُوَ الْجَزَاءُ، وَقِيلَ: الْعَطَاءُ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ الأُمَوِيَّ يَقُولُ: الشُّكْمُ الْجَزَاءُ، والشَّكْمُ الْمَصْدَرُ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الشُّكْمُ العِوَضُ، وَقَالَ الأَصمعي: الشُّكْمُ والشُّكْدُ الْعَطِيَّةُ. اللَّيْثُ: الشُّكْمُ النُّعْمى. يُقَالُ: فَعَلَ فلانٌ أَمراً فَشَكَمْتُه أَي أَثَبْتُه: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الشُّكْمُ بِالضَّمِّ، الْجَزَاءُ، فإِذا كَانَ الْعَطَاءُ ابْتِدَاءً فَهُوَ الشُّكْدُ، بِالدَّالِ، تَقُولُ مِنْهُ شَكَمْتُه أَي جَزَيْتُهُ. والشَّكِيمة مِنَ اللِّجام: الْحَدِيدَةُ المُعْتَرضة فِي الْفَمِ. الْجَوْهَرِيُّ: الشكِيمُ والشَّكِيمةُ فِي اللِّجَامِ الحديدةُ المُعْتَرِضة فِي فَمِ الْفَرَسِ التي فيها الفأْس؛ قال أَبو دُواد:
فَهِيَ فَوْهاءُ كالجُوالِقِ، فُوها ... مُسْتَجافٌ يَضِلُّ فِيهِ الشَّكِيمُ
وَالْجَمْعُ شَكائِمُ وشَكِيمٌ وشُكُمٌ؛ الأَخيرة عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ أَو عَلَى أَنه جَمْعُ شَكِيمٍ الَّذِي هُوَ جَمْعُ شَكِيمة، فَيَكُونُ جَمْعَ جَمْعٍ. وشَكَمَه يَشْكُمُه شَكْماً: وَضَعَ الشَّكِيمة فِي فِيهِ. وشَكَمْتُ الْوَالِيَ إِذا رَشَوتَه كأَنك سَدَدْتَ فَمَه بالشَّكِيمة؛ وَقَالَ قَوْمٌ: شَكَمه شَكْماً وشَكِيماً عَضَّه؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فأَبْقُوا عَلَيْكُمْ، واتَّقُوا نابَ حَيَّةٍ ... أَصاب ابْنَ حَمْراءِ العِجانِ شَكِيمُها
قَالَ: وأَما فأْس اللجام فَالْحَدِيدَةُ الْقَائِمَةُ فِي الشَّكِيمَةِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ شديدُ الشَّكيمة إِذا كَانَ ذَا عَارِضَةٍ وَجِدٍّ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّكِيمَةُ قُوَّةُ الْقَلْبِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: إِنه لشديدُ الشَّكِيمةِ إِذا كَانَ شديدَ النَّفْسِ أَنِفاً أَبِيّاً. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَمَا بَرِحَتْ شَكِيمَتُه فِي ذَاتِ اللَّهِ
أَي شِدَّةُ نَفْسِه، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وأَصله مِنْ شَكِيمَةِ اللِّجَامِ فإِن قُوَّتَها تَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ الْفَرَسِ. والشكِيمَةُ: الأَنَفَةُ وَالِانْتِصَارُ مِنَ الظُّلْم، وَهُوَ ذُو شَكِيمةٍ أَي عارِضةٍ وجِدٍّ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَكُونَ صَارِمًا حَازِمًا، وَفُلَانٌ ذُو شكِيمة إِذا كَانَ لَا يَنْقاد؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شاسٍ الأَسَدِيُّ يُخاطِب امرأَته فِي ابْنِه عِرار:
وإِنَّ عِراراً إِنْ يَكُنْ ذَا شَكِيمةٍ ... تَعافِينَها مِنْهُ، فَمَا أَمْلِكُ الشِّيَمْ
وَقَوْلُهُ:
أَنا ابنُ سَيَّارٍ عَلَى شَكِيمِه، ... إِن الشِّراكَ قُدَّ مِنْ أَدِيِمِه
قَالَ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ شَكِيمةٍ كَمَا ذُكِرَ فِي شَكِيمةِ اللِّجَامِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ لُغَةً فِي الشَّكِيمة، فَيَكُونَ مِنْ بَابِ حُقٍّ وحُقَّةٍ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد عَلَى شَكِيمَتِهِ فَحَذَفَ الْهَاءَ لِلضَّرُورَةِ؛ وَقَوْلُ أَبِي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ: