مَصْدَرُ شَمِمْتُ. وأَشْمِمني يَدَك أُقَبِّلْها، وَهُوَ أَحسن مِنْ قَوْلِكَ ناوِلْني يَدَك؛ وَقَوْلُ عَلْقمة بْنُ عَبْدَةَ:
يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً نَضْحُ العبيرِ بِهَا، ... كأَنَّ تَطْيابَها فِي الأَنْفِ مَشْمُومُ
قِيلَ: يَعْنِي المِسْكَ، وَقِيلَ: أَراد أَن رَائِحَتَهَا بَاقِيَةٌ فِي الأَنف، كَمَا يُقَالُ: أَكلت طَعَامًا هُوَ فِي فَمِي إِلى الْآنَ. وَقَوْلُهُمْ: يَا ابْنَ شامَّةِ الوَذْرَةِ؛ كلمةٌ مَعْنَاهَا القَذْفُ. والمَشْمُومُ: المِسْكُ، وأَنشد بَيْتَ عَلْقَمَةَ أَيضاً. والشَّمَّاماتُ: مَا يُتَشَمَّمُ مِنَ الأَرْواح الطَّيّبةِ، اسمٌ كالجَبَّانَةِ. ابْنُ الأَعرابي: شَمَّ إِذا اخْتَبَر، وشَمَّ إِذا تَكَبَّر. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، حِينَ أَراد أَن يَبْرُزَ لِعَمْرِو بْنِ وُدٍّ قَالَ: أَخْرُج إِليه فأُشامُّه قَبْلَ اللِّقاء
أَي أَخْتَبِرُه وأَنْظُرُ مَا عِنْدَهُ. يُقَالُ: شامَمْتُ فُلَانًا إِذا قارَبْتَه وتَعَرَّفْتَ مَا عِنْدَهُ بالاخْتبار وَالْكَشْفِ، وَهِيَ مُفاعَلة مِنَ الشَّمّ كأَنك تَشُمُّ مَا عِنْدَهُ ويَشُمُّ مَا عِنْدَك لتَعْمَلا بمقتَضى ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: شامَمْناهُمْ ثُمَّ ناوَشناهُمْ. والإِشْمامُ: رَوْمُ الحَرْفِ السَّاكِنِ بِحَرَكَةٍ خَفِيَّةٍ لَا يُعتدّ بِهَا وَلَا تَكْسِرُ وزْناً؛ أَلا تَرَى أَن سِيبَوَيْهِ حِينَ أَنشد:
مَتَى أَنامُ لَا يُؤَرّقْنِي الكَرِي
مجزومَ الْقَافَ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يُشِمُّها الرفْع كأَنه قَالَ مَتَى أَنامُ غَيْرَ مُؤَرَّقٍ؟ التَّهْذِيبُ: والإِشمام أَن يُشَمَّ الحرفُ الساكنُ حَرْفاً كَقَوْلِكَ فِي الضَّمَّةِ هَذَا الْعَمَلُ وَتَسْكُتُ، فتَجِدُ فِي فِيكَ إِشماماً للَّام لَمْ يَبْلُغْ أَن يَكُونَ وَاوًا، وَلَا تَحْرِيكًا يُعتدّ بِهِ، وَلَكِنْ شَمَّةٌ مِنْ ضمَّة خَفِيفَةٍ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْكَسْرِ وَالْفَتْحِ أَيضاً. الْجَوْهَرِيُّ: وإِشْمامُ الحَرْف أَن تُشِمَّه الضمةَ أَو الكسرةَ، وَهُوَ أَقل مِنْ رَوْمِ الْحَرَكَةِ لأَنه لَا يُسمع وإِنما يَتَبَيَّنُ بِحَرَكَةِ الشَّفَةِ، قَالَ: وَلَا يُعتدّ بِهَا حَرَكَةً لِضِعْفِهَا؛ وَالْحَرْفُ الَّذِي فِيهِ الإِشمام سَاكِنٌ أَو كَالسَّاكِنِ مِثْلُ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
مَتَّى أَنامُ لَا يُؤَرِّقْني الكَرِي ... لَيْلًا، وَلَا أَسْمَعُ أَجْراسَ المَطِي
قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْعَرَبُ تُشِمُّ الْقَافَ شَيْئًا مِنَ الضَّمَّةِ، وَلَوِ اعْتَدَدَّتْ بِحَرَكَةِ الإِشمام لَانْكَسَرَ الْبَيْتُ، وَصَارَ تَقْطِيعُ: رِقُني الكَري، مُتَفَاعِلُنْ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الْكَامِلِ، وَهَذَا الْبَيْتُ مِنَ الرَّجَزِ. وأَشَمَّ الحَجَّامُ الخِتانَ، والخافضةُ البَظْرَ: أَخذا مِنْهُمَا قَلِيلًا. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ لأُم عَطِيَّةَ: إِذا خَفَضْتِ فأَشمِّي وَلَا تَنْهَكي فإِنه أَضْوأُ لِلْوَجْهِ وأَحْظى لَهَا عِنْدَ الزَّوْجِ
؛ قَوْلُهُ:
وَلَا تَنْهَكي
أَي لَا تأْخذي مِنَ البَظْرِ كَثِيرًا، شَبَّهَ الْقَطْعَ الْيَسِيرَ بإِشمام الرَّائِحَةِ، والنَّهْكَ بِالْمُبَالَغَةِ فِيهِ، أَي اقْطَعِي بعضَ النَّواةِ وَلَا تستأْصليها،. وشامَمْتُ العَدُوَّ إِذا دَنَوْتَ مِنْهُمْ حَتَّى يَرَوْكَ وتَراهم. والشَّمَمُ: الدُّنُوُّ، اسْمٌ مِنْهُ، يُقَالُ: شامَمْناهُمْ وناوَشْناهُم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَمْ يَأْتِ للأَمْرِ الَّذِي حَالَ دُونَهُ ... رِجالٌ هُمُ أَعداؤُكَ، الدَّهْرَ، مِنْ شَمَمْ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فأُشامُّهُ
أَي أَنْظُر مَا عِنْدَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والمُشامَّةُ: الدُّنُوُّ مِنَ العدوِّ حَتَّى يَتَراءى الْفَرِيقَانِ. وَيُقَالُ: شامِمْ فُلَانًا أَي انْظُرْ مَا عِنْدَهُ.