للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّة؛ وَقَوْلُ جَرِيرٌ:

سَعَرْتُ عَلَيْكَ الحَرْبَ تَغْلي قُدُورُها، ... فهَلَّا غَداةَ الصِّمَّتَيْن تُدِيمُها «١»

. أَراد بالصِّمَّتين أَبا دُرَيْدٍ وعَمَّه مالِكاً. وصَمَّمَ أَي عَضَّ ونَيَّب فَلَمْ يُرْسِلْ مَا عَضّ. وصَمَّمَ الحَيّةُ فِي عَضَّتِه: نَيَّبَ؛ قَالَ المُتَلمِّس:

فأَطْرَقَ إِطْراقَ الشُّجاعِ، وَلَوْ رَأَى ... مَساغاً لِنابَيْه الشُّجاعُ لَصَمَّما

وأَنشده بَعْضُ المتأَخرين مِنَ النَّحْوِيِّينَ: لِناباه؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا أَنشده الْفَرَّاءُ لِنَابَاهُ عَلَى اللُّغَةِ الْقَدِيمَةِ لِبَعْضِ الْعَرَبِ «٢». والصَّمِيمُ: العَظْمُ الَّذِي بِهِ قِوامُ العُضْو كصَميم الوَظِيف وصَميمِ الرأْس؛ وَبِهِ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: هُوَ مِنْ صَمِيم قَوْمِهِ إِذَا كَانَ مِنْ خالِصِهم، وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي ضِدِّه وَشِيظٌ لأَن الوَشِيظَ أَصغرُ مِنْهُ؛ وأَنشد الْكِسَائِيُّ:

بمَصْرَعِنا النُّعْمانَ، يَوْمَ تأَلَّبَتْ ... عَلَيْنَا تَميمٌ مِنْ شَظىً وصَمِيمِ

وصَمِيمُ كلِّ شَيْءٍ: بُنْكه وخالِصهُ. يُقَالُ: هُوَ فِي صَميم قَوْمِه. وصَميمُ الحرِّ وَالْبَرْدِ: شدّتُه. وصَميمُ القيظِ: أَشدُّه حَرًّا. وصَميمُ الشِّتَاءِ: أَشدُّه برْداً؛ قَالَ خُفَاف بْنُ نُدْبَةَ:

وإنْ تَكُ خَيْلي قَدْ أُصِيبَ صَمِيمُها، ... فعَمْداً عَلَى عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مَالِكًا

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَانَ صَميمَ خيلهِ يَوْمَئِذٍ مُعَاوِيَةُ أَخُو خَنْساء، قَتَلَهُ دُرَيْدٌ وَهَاشِمٌ ابْنا حرملةَ المُرِّيانِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده: إِنْ تكُ خَيْلِي، بِغَيْرِ وَاوٍ عَلَى الْخُرْمِ لأَنه أَول الْقَصِيدَةِ. وَرَجُلٌ صَمِيمٌ: مَحْضٌ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ والمؤنتُ. والتَّصْميمُ: المُضِيُّ فِي الأَمر. أَبو بَكْرٍ: صَمَّمَ فلانٌ عَلَى كَذَا أَي مَضَى عَلَى رأْيه بَعْدَ إِرادته. وصَمَّمَ فِي السَّيْرِ وَغَيْرِهِ أَيْ مَضَى؛ قَالَ حُمَيد بْنُ ثَوْر:

وحَصْحَصَ فِي صُمِّ القَنَا ثَفِناتِهِ، ... وناءَ بِسَلْمَى نَوْءةً ثُمَّ صَمَّما

وَيُقَالُ لِلضَّارِبِ بِالسَّيْفِ إِذَا أَصابَ الْعَظْمَ فأَنْفذ الضَّرِيبَةَ: قَدْ صَمَّمَ، فَهُوَ مُصَمِّم، فَإِذَا أَصاب المَفْصِل، فَهُوَ مُطَبِّقٌ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:

يُصَمِّمُ أَحْياناً وحِيناً يُطَبِّقُ

أَراد أَنه يَضْرِب مرَّةً صَمِيمَ الْعَظْمِ ومَرَّةً يُصِيب المَفْصِل. والمُصَمِّمُ مِنَ السُّيوف: الَّذِي يَمُرُّ فِي العِظام، وَقَدْ صَمَّمَ وصَمْصَمَ. وصَمَّمَ السيفُ إِذَا مَضَى فِي الْعَظْمِ وقطَعَه، وَأَمَّا إِذَا أَصاب المَفْصِلَ وَقَطَعَهُ فَيُقَالُ طَبَّقَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ سَيْفًا:

يُصَمِّم أَحْياناً وَحِينًا يُطَبِّق

وسيفٌ صَمْصامٌ وصَمْصامةٌ: صارِمٌ لَا يَنْثَني؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

صَمْصامَةٌ ذَكَّرَهُ مُذَكِّرُهْ

إِنَّمَا ذَكَّرَه عَلَى مَعْنَى الصَّمْصامِ أَو السَّيْفِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي ذَرٍّ: لَوْ وَضَعْتم الصَّمْصامةَ عَلَى رَقبَتي

؛ هِيَ السَّيْفُ الْقَاطِعُ، وَالْجَمْعُ صَماصِم. وَفِي حَدِيثِ

قُسّ: تَرَدَّوْا بالصَّماصِم

أَي جعلوها لهم بمنزلة


(١). قوله [سعرت عليك إلخ] قال الصاغاني في التكملة: الرواية سعرنا
(٢). أي أَنه منصوب بالفتحة المقدرة على الأَلف للتعذر

<<  <  ج: ص:  >  >>