للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأَضْخَمُّ، بِالْفَتْحِ، عِنْدِي فِي هَذَا الْبَيْتِ عَلَى أَفْعَلَ المُقْتضِيةِ للمُفاضَلة، وأَن اللامَ فِيهَا عَقِيبُ مِنْ، وَذَلِكَ أَذْهَبُ فِي الْمَدْحِ، وَلِذَلِكَ احْتَمَلَ الضَّرُورَةَ لأَن أَخَوَيْه لَا مُفاضَلَة فِيهِمَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قولُ أَهلِ اللُّغَةِ شيءٌ أَضخَمُ فَالَّذِي أَتَصَوَّرُه فِي ذَلِكَ أَنهم لَمْ يَشْعُروا بالمُفاضلةِ فِي هَذَا الْبَيْتِ، فَجَعَلُوهُ مِنْ بَابِ أَحْمَر، قَالَ: ويدلُّك عَلَى المُفاضَلة أَنهم لَمْ يَجِيئُوا بِهِ فِي بَيْتٍ وَلَا مَثَلٍ مُجَرَّداً من اللام فيما علمناه مِنْ مَشْهُورِ أَشعارهم، عَلَى أَن الَّذِي حَكَاهُ أَهل اللُّغَةِ لَا يَمْتَنِعُ، فَإِنْ قُلْتَ: فَإِنَّ لِلشَّاعِرِ أَن يَقُولَ الأَضْخَمَ مُخَفَّفًا، قِيلَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ لأَن الْقِطْعَةَ مِنْ مَكْشوفِ مَشْطورِ السَّرِيعِ، والشَّطْرُ عَلَى مَا قُلْتَ أَنت مِنَ الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْهُ وَذَلِكَ مُسَدَّسٌ؛ وَبَيْتُهُ:

هاجَ الْهَوَى رَسْمٌ بذاتِ الغَضى، ... مُخْلَوْلِقٌ مُسْتَعْجِمٌ مُحْوِلُ

فَإِنْ قُلْتَ: فَإِنَّ هَذَا قَدْ يَجُوزُ عَلَى أَن تَطْوي مَفْعُولُنْ وتنقُلَه فِي التَّقْطِيعِ إِلَى فَاعِلُنْ، قِيلَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي هَذَا الضَّرْبِ لأَنه لا يَجْتَمِعُ فِيهِ الطَّيُّ وَالْكَشْفُ، وَقَوْلُ الأَخفش فِي ضِخَمّا: وَهَذَا أَشدُّ لأَنه حَرَّكَ الْخَاءَ وَثَقَّلَ الْمِيمَ، يُرِيدُ أَنه غيَّر بِنَاءَ ضَخْم، وَهَذَا التَّحْرِيفُ كثيرٌ عَنْهُمْ فاشٍ مَعَ الضَّرُورَةِ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْلِ الزَّفَيان:

بِسَبْحَلِ الدَّفَّيْنِ عَيْسَجُور

أَراد سِبَحْل كَقَوْلِ الْمَرْأَةِ لِبِنْتِها: سِبَحْلة رِبَحْلة تَنْمي نَباتَ النَّخْلة. وَهَذَا الْبَيْتُ الَّذِي أَنشده سِيبَوَيْهِ لِرُؤْبَةَ أَوْرَدَهُ ابنُ سِيدَهْ والجوهريُّ وغيرُهما:

ضَخْمٌ يُحِبُّ الخُلُق الأَضْخمَّا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ ضَخْماً، بِالنَّصْبِ، لأَن قَبْلَهُ:

ثمَّتَ حيثُ حَيَّةٌ أَصَمَّا

والأُضْخُومةُ: عُظَّامةُ المرأةِ وَهِيَ الثَّوْبُ تَشُدُّه الْمَرْأَةُ عَلَى عَجِيزَتِهَا لتُظَنَّ أَنها عَجْزاء. والمِضْخَمُ: الشديدُ الصَّدْمِ والضَّرْبِ. والمِضْخَمُ: السَّيِّدُ الضَّخْمُ الشريفُ. والضِّخَمَّةُ: العَرِيضةُ الأَرِيضةُ الناعِمةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لِعَائِذِ بْنِ سَعْدٍ العَنْبريّ يَصِفُ وِرْدَ إبِله:

حُمْراً، كأَنَّ خاضِباً مِنْهَا خَضَبْ ... ذُرَى ضِخَمَّاتٍ، كأَشْباه الرُّطَبْ

وَبَنُو عَبْدِ بْنِ ضَخْمٍ: قبيلةٌ مِنَ العرَبِ العارِبة دَرَجُوا.

ضرم: الضَّرَمُ: مَصْدَرُ ضَرِمَ ضَرَماً. وضَرِمَت النارُ وتَضَرَّمَتْ واضْطَرَمَت: اشْتَعَلَتْ والْتَهَبَتْ، واضْطَرَمَ مَشِيبهُ كَمَا قَالُوا اشْتَعَلَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَأَنْشَدَ:

وَفِي الْفَتى، بَعْدَ المَشِيب المُضْطَرِمْ، ... مَنافِعٌ ومَلْبَسٌ لِمَنْ سَلِمْ

وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وأَضْرَمْتُ النارَ فاضْطَرَمَتْ وضَرَّمْتها فضَرِمَتْ وتَضرَّمَتْ: شُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

وتَضْرَ، إِذَا ضَرَّيْتُموها فَتضْرَم «٣»

. واسْتَضْرَمْتُها: أَوْقَدْتُها؛ وأَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:

حِرْمِيَّةٌ لَمْ يَخْتَبِزْ أَهْلُها ... فَثّاً، وَلَمْ تَسْتَضْرِمِ العَرْفَجا


(٣). وصدر البيت:
مَتَّى تَبْعَثُوهَا تَبْعَثُوهَا ذَمِيمَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>