للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المُقَطَّعَةُ مِنْ سَائِرِ حروفِ الأُمَم. وَمَعْنَى حروفِ الْمُعْجَمِ أَي حُرُوفُ الخَطِّ المُعْجَم، كَمَا تَقُولُ مَسْجِدُ الجامعِ أَي مَسْجِدُ الْيَوْمِ الجامعِ، وصلاةُ الأُولى أَي صَلَاةُ الساعةِ الأُولى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ مِنْ أَن المُعْجَم هُنَا مَصْدَرٌ؛ وَتَقُولُ أَعْجَمْتُ الكتابَ مُعْجَماً وأَكْرَمتُه مُكْرَماً، وَالْمَعْنَى عِنْدَهُ حروفُ الإِعْجامِ أَي الَّتِي مِنْ شأْنها أَن تُعْجَم؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: سَهْمُ نِضالٍ أَي مِنْ شأْنه أَنْ يُتَناضَلَ بِهِ. وأَعْجَم الكتابَ وعَجَّمَه: نَقَطَه؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَعْجَمْتُ الْكِتَابَ أَزَلْتُ اسْتِعْجامَه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ عِنْدَهُ عَلَى السَّلْب لأَن أَفْعَلْتُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُها الإِثْباتَ فَقَدْ تَجِيءُ لِلسَّلْبِ، كَقَوْلِهِمْ أَشْكَيْتُ زَيْدًا أَي زُلْتُ لَهُ عَمَّا يَشكُوه، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها؛ تأْويله، وَاللَّهُ أَعلم، عِنْدَ أَهل النَّظَرِ أَكاد أُظْهرها، وتلخيصُ هَذِهِ اللفظةِ أَكادُ أُزِيل خَفاءَها أَي سَتْرَها. وَقَالُوا: عَجَّمْتُ الكتابَ، فَجَاءَتْ فَعَّلْت للسَّلْب أَيضاً كَمَا جَاءَتْ أَفْعَلْت، وَلَهُ نَظَائِرُ مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا مَا سيأْتي، وحُروفُ المُعْجَم مِنْهُ. وكتابٌ مُعْجمٌ إِذَا أَعْجمَه كاتبُه بالنَّقْط؛ سُمِّي مُعْجَماً لأَن شُكول النَّقْط فِيهَا عُجمةٌ لَا بيانَ لَهَا كَالْحُرُوفِ المُعْجَمة لَا بيانَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أُصولًا لِلْكَلَامِ كُلِّهِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: مَا كُنّا نتَعاجَمُ أَن مَلَكاً يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَر

أَي مَا كُنَّا نَكْني ونُوَرّي. وكلُّ مَنْ لَمْ يُفْصح بِشَيْءٍ فَقَدْ أَعْجَمه. واسْتَعْجم عَلَيْهِ الكلامُ: اسْتَبْهَم. والأَعْجَمُ: الأَخْرَسُ. والعَجْماء والمُسْتَعجِمُ: كلُّ بهيمةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

العَجْماءُ جُرْحُها جُبارٌ

أَي لَا دِيةَ فِيهِ وَلَا قَودَ؛ أَراد بالعَجْماء الْبَهِيمَةَ، سُمِّيت عَجْماءَ لأَنها لَا تَتَكلَّمُ، قَالَ: وكلُّ مَن لَا يقدِرُ عَلَى الْكَلَامِ فَهُوَ أَعجم ومُسْتَعْجِمٌ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

بعدَدِ كُلِّ فَصِيحٍ وأَعْجَم

؛ قِيلَ: أَراد بِعَدَدِ كُلِّ آدَمِيّ وبهيمةٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ

العجماءُ جُرْحُها جُبارٌ

أَي الْبَهِيمَةُ تَنْفَلِتُ فتصيبُ إِنْسَانًا فِي انْفِلاتها، فَذَلِكَ هَدَرٌ، وَهُوَ مَعْنَى الجُبار. وَيُقَالُ: قرأَ فُلَانٌ فاسْتَعْجمَ عَلَيْهِ مَا يَقْرؤه إِذَا الْتَبَسَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَتَهيَّأْ لَهُ أَن يَمضِي فِيهِ. وصلاةُ النهارِ عَجماءُ لإِخْفاء الْقِرَاءَةِ فِيهَا، وَمَعْنَاهُ أَنه لَا يُسْمَعُ فِيهَا قراءةٌ. واسْتَعْجَمَتْ عَلَى المُصَلِّي قِراءته إِذَا لَمْ تَحضُرْه. وَاسْتَعْجَمَ الرَّجُلُ: سكَت. واستَعجمت عَلَيْهِ قراءتُه: انْقَطَعَتْ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِرَاءَةِ مِنْ نُعَاسٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَبْدِ اللَّهِ: إِذَا كانَ أحدكُم يُصلِّي فاسْتعجَمَتْ عَلَيْهِ قِراءتُه فَلْيُتِمَ

، أَي أُرْتِجَ عَلَيْهِ فَلَمْ يقدِرْ أَن يقرأَ كأَنه صارَ بِهِ عُجْمةٌ، وَكَذَلِكَ اسْتَعْجَمَتِ الدارُ عَنْ جَوَابِ سَائِلِهَا؛ قَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ:

صَمَّ صَداها وعَفا رَسْمُها، ... واسْتَعْجَمَتْ عَنْ مَنْطِقِ السائلِ

عَدَّاه بِعن لأَن اسْتَعْجَمَت بِمَعْنَى سكتَتْ؛ وَقَوْلُ عَلْقَمَةَ يَصف فَرَسًا:

سُلَّاءَةٌ كعَصا النَّهْدِيّ غُلَّ لَهَا ... ذُو فَيْئةٍ، مِنْ نَوَى قُرَّانَ، معجومُ

قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: مَعْنَى قَوْلِهِ غُلَّ لَهَا أَي أُدخِلَ لَهَا إِدْخَالًا فِي بَاطِنِ الحافرِ فِي مَوْضِعِ النُّسور، وشَبَّه النُّسورَ بِنَوَى قُرَّانَ لأَنها صِلابٌ، وَقَوْلُهُ ذُو فَيئَة يَقُولُ لَهُ رُجوعٌ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ صَلابتِه، وَهُوَ أَن يَطعَمَ البعيرُ النَّوَى ثُمَّ يُفَتَّ بَعرُه فيُخْرَجَ مِنْهُ النَّوَى فيُعلَفَه مَرَّةً أُخرى، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ صَلابته، وَقَوْلُهُ مَعْجوم يُرِيدُ أَنه نَوى الفَم وَهُوَ أَجود مَا يَكُونُ مِنَ النَّوى لأَنه أَصْلَبُ مِنْ نَوى النبيذِ الْمَطْبُوخِ. وَفِي حَدِيثِ

أُمّ سَلَمَةَ: نَهَانَا النبي،

<<  <  ج: ص:  >  >>