للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الأَزهري: الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً؛ وَلَيْسَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَذِيرًا لِلْبَهَائِمِ وَلَا لِلْمَلَائِكَةِ وَهُمْ كُلُّهُمْ خَلق اللَّهِ، وَإِنَّمَا بُعث مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَذِيرًا لِلْجِنِّ والإِنس. وَرُوِيَ

عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ قَالَ: لِلَّهِ تَعَالَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ألفَ عالَم، الدُّنْيَا مِنْهَا عالَمٌ وَاحِدٌ، وَمَا العُمران فِي الْخَرَابِ إِلَّا كفُسْطاطٍ فِي صَحْرَاءَ

؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى العالمِينَ كُلَّ مَا خَلق اللَّهُ، كَمَا قَالَ: وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ جَمْعُ عالَمٍ، قَالَ: وَلَا وَاحِدَ لعالَمٍ مِنْ لَفْظِهِ لأَن عالَماً جَمَعَ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً، فَإِنْ جُعل عالَمٌ لِوَاحِدٍ مِنْهَا صَارَ جَمْعًا لأَشياء مُتَّفِقَةٍ. قَالَ الأَزهري: فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَا قِيلَ فِي تَفْسِيرِ العالَم، وَهُوَ اسْمٌ بُنِيَ عَلَى مِثَالِ فاعَلٍ كَمَا قَالُوا خاتَمٌ وطابَعٌ ودانَقٌ. والعُلامُ: الباشِق؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْجَوَارِحِ، قَالَ: وَأَمَّا العُلَّامُ، بِالتَّشْدِيدِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه الحِنَّاءُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَحَكَاهُمَا جَمِيعًا كُرَاعٌ بِالتَّخْفِيفِ؛ وَأَمَّا قَوْلُ زُهَيْرٍ فِيمَنْ رَوَاهُ كَذَا:

حَتَّى إِذَا مَا هَوَتْ كَفُّ العُلامِ لَهَا ... طارَتْ، وَفِي كَفِّه مِنْ ريشِها بِتَكُ

فَإِنَّ ابْنَ جِنِّي رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَعْبَدِيِّ عَنِ ابْنِ أُخت أَبي الْوَزِيرِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: العُلام هُنَا الصَّقْر، قَالَ: وَهَذَا مِنْ طَريف الرِّوَايَةِ وَغَرِيبِ اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ أَحد يَقُولُ إِنَّ العُلَّامَ لُبُّ عَجَم النَّبِق إلَّا الطَّائِيَّ؛ قَالَ:

....... يَشْغَلُها ... عَنْ حاجةِ الحَيِّ عُلَّامٌ وتَحجِيلُ

وأَورد ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْبَيْتُ «٢» مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى الْبَاشَقِ بِالتَّخْفِيفِ. والعُلامِيُّ: الرَّجُلُ الْخَفِيفُ الذكيُّ مأْخوذ مِنَ العُلام. والعَيْلَمُ: الْبِئْرُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

مِنَ العَيالِمِ الخُسُف

وَفِي حَدِيثِ

الْحَجَّاجِ: قَالَ لِحَافِرِ الْبِئْرِ أَخَسَفْتَ أَم أَعْلَمْتَ

؛ يُقَالُ: أعلَمَ الحافرُ إِذَا وَجَدَ الْبِئْرَ عَيْلَماً أَيْ كَثِيرَةَ الْمَاءِ وَهُوَ دُونُ الخَسْفِ، وَقِيلَ: العَيْلَم المِلْحة مِنَ الرَّكايا، وَقِيلَ: هِيَ الْوَاسِعَةُ، وَرُبَّمَا سُبَّ الرجلُ فقيل: يا ابن العَيْلَمِ يَذْهَبُونَ إِلَى سَعَتِها. والعَيْلَم: الْبَحْرُ. والعَيْلَم: الْمَاءُ الَّذِي عَلَيْهِ الأَرض، وَقِيلَ: العَيْلَمُ الْمَاءُ الَّذِي عَلَتْه الأَرضُ يَعْنِي المُنْدَفِن؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ. والعَيْلَمُ: التَّارُّ الناعِمْ. والعَيْلَمُ: الضِّفدَع؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ. والعَيْلامُ: الضِّبْعانُ وَهُوَ ذَكَرُ الضِّباع، وَالْيَاءُ والأَلف زَائِدَتَانِ. وَفِي خَبَرِ

إِبْرَاهِيمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ يَحْمِلُ أَباه ليَجوزَ بِهِ الصراطَ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ فَإِذَا هو عَيْلامٌ أَمْدَرُ

؛ هو ذَكَرُ الضِّباع. وعُلَيْمٌ: اسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ أَبُو بَطْنٍ، وَقِيلَ: هُوَ عُلَيم بْنُ جَناب الْكَلْبِيُّ. وعَلَّامٌ وأَعلَمُ وَعَبْدُ الأَعلم: أَسْمَاءٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري إِلَى أَيِّ شَيْءٍ نُسِبَ عَبْدُ الأَعلم. وَقَوْلُهُمْ: عَلْماءِ بَنُو فُلَانٍ، يُرِيدُونَ عَلَى الْمَاءِ فَيَحْذِفُونَ اللَّامَ تَخْفِيفًا. وَقَالَ شَمِرٌ فِي كِتَابِ السِّلَاحِ: العَلْماءُ مِنْ أَسماء الدُّروع؛ قَالَ: وَلَمْ أَسمعه إِلَّا فِي بَيْتِ زُهَيْرِ بْنِ جَنَابٍ:

جَلَّحَ الدَّهرُ فانتَحى لِي، وقِدْماً ... كانَ يُنْحِي القُوَى عَلَى أَمْثالي


(٢). قوله [وَأَوْرَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْبَيْتُ] أي قول زُهَيْرٌ: حَتَّى إِذَا مَا هَوَتْ إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>