للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتَقَحَّم جرَاثِيمَ جَهَنَّمَ فلْيَقْضِ فِي الجَدِّ

أَيْ يَرْمِي بِنَفْسِهِ فِي مَعاظِم عَذَابِهَا. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشرك بِهِ شَيْئًا غَفر لَهُ المُقْحِماتِ

أَيْ الذنوبَ العِظامِ الَّتِي تُقْحِمُ أَصحابها فِي النَّارِ أَيْ تُلقيهم فِيهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ

؛ ثُمَّ فَسَّرَ اقْتِحامَها فَقَالَ:

فَكَّ رقَبةً أَو أَطْعَمَ

، وَقُرِئَ: فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ، وَمَعْنَى فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ

أَيْ فَلَا هُوَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، وَالْعَرَبُ إِذَا نَفَتْ بِلَا فِعْلًا كَرَّرَتْهَا كَقَوْلِهِ: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى، وَلَمْ يُكَرِّرْهَا هَاهُنَا لأَنه أَضمر لَهَا فِعْلًا دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ كأَنه قَالَ: فَلَا أَمن وَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا. واقتحمَ النجمُ إِذَا غَابَ وسَقط؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

أُراقِبُ النجمَ كأَني مُولَع، ... بحيْثُ يَجْري النجمُ حَتَّى يقْتَحِم

أَيْ يَسْقُطُ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ فِي التَّقَدُّمِ:

همُ الحامِلونَ الخَيلَ حَتَّى تقَحَّمَت ... قَرابِيسُها، وازدادَ مَوجاً لُبُودها

والقُحَمُ: الأُمور العِظام الَّتِي لَا يَركبها كُلُّ أَحد. وَلِلْخُصُومَةِ قُحَم أَي أَنها تَقْحَمُ بِصَاحِبِهَا عَلَى مَا لَا يُرِيدُهُ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنه وكَّلَ عبدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ بالخُصومة، وَقَالَ: إِنَّ للخُصومةِ قُحَماً

، وَهِيَ الأُمور الْعِظَامُ الشَّاقَّةُ، وَاحِدَتُهُا قُحْمةٌ، قَالَ أَبو زَيْدٍ الْكِلَابِيُّ: القُحَم المَهالك؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَصله مِنَ التَّقَحُّم، وَمِنْهُ قُحْمة الأَعْراب، وَهُوَ كُلُّهُ مَذْكُورٌ فِي هَذَا الْفَصْلِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الإِبل وَشِدَّةَ مَا تَلْقَى مِنَ السَّيْرِ حَتَّى تُجْهِض أَولادها:

يُطَرِّحْنَ بالأَوْلادِ أَو يَلْتَزمْنها، ... عَلَى قُحَمٍ، بينَ الفَلا والمَناهِل

وَقَالَ شَمِرٌ: كُلُّ شَاقٍّ صَعْب مِنَ الأُمور المُعضِلة وَالْحُرُوبِ وَالدُّيُونِ فَهِيَ قُحَم؛ وأَنشد لرؤْبة:

مِنْ قُحَمِ الدَّيْنِ وزُهْدِ الأَرْفاد

قَالَ: قُحَمُ الدَّيْنِ كَثْرَتُهُ ومَشقَّته؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

والشَّيْبُ داءٌ نَحِيسٌ، لَا دواءَ لَهُ ... للمَرءِ كَانَ صَحيحاً صائِبَ القُحَمِ

يَقُولُ: إِذَا تقَحَّمَ فِي أَمر لَمْ يَطِش وَلَمْ يُخْطِئ؛ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ:

قومٌ إِذَا حارَبوا، فِي حَرْبِهم قُحَمُ

قَالَ: إِقْدَامٌ وجُرأَة وتقَحُّم، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:

مَن سرَّه أَن يتَقَحَّم جَراثِيمَ جَهَنَّمَ

؛ قَالَ شَمِرٌ: التَّقحُّم التقدُّم والوُقوعُ فِي أُهْوِيّة وَشِدَّةٍ بِغَيْرِ رَوِيَّةٍ وَلَا تَثَبُّتٍ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:

إِذَا كُلِي واقْتُحِمَ المَكْلِيُ

يَقُولُ: صُرِعَ الَّذِي أُصِيبت كُلْيَتُه. وقُحَمُ الطَّرِيقِ: مَا صَعُبَ مِنْهَا. واقْتَحَم الْمَنْزِلَ: هَجَمه. واقْتَحم الفَحْلُ الشَّوْلَ: اهْتَجَمها مِنْ غَيْرِ أَن يُرْسَلَ فِيهَا. الأَزهري: المَقاحِيمُ مِنَ الإِبل الَّتِي تَقْتَحِم فتَضْرب الشَّوْلَ مِنْ غَيْرِ إِرْسَالٍ فِيهَا، وَالْوَاحِدُ مِقْحام؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا مِنْ نَعْتِ الفُحول. والإِقْحامُ: الإِرْسال فِي عَجَلَةٍ. وَبَعِيرٌ مُقْحَم: يَذْهَبُ فِي الْمَفَازَةِ مِنْ غَيْرِ مُسِيم وَلَا سَائِقٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

أَوْ مُقْحَم أَضْعفَ الإِبْطانَ حادِجُه، ... بالأَمْسِ، فاسْتَأْخَرَ العِدْلان والقتَبُ

قَالَ: شبَّه بِهِ جَناحَي الظَّلِيمِ. وأَعْرابي مُقْحَم: نشأَ فِي البَدْو والفَلوَات لَمْ يُزايِلها. وقَحَم الْمَنَازِلَ: طَواها؛ وَقَوْلُ عَائِذِ بْنِ مُنْقِذٍ العَنْبري أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

<<  <  ج: ص:  >  >>