للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اسْتَغْنَوْا عَنْ تَكْسِيرِهِ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ؛ وَإِنَّهُ لكَرِيم مِنْ كَرَائِم قَوْمِهِ، عَلَى غَيْرِ قياس؛ حكى ذَلِكَ أَبو زَيْدٍ. وَإِنَّهُ لَكَرِيمة مِنْ كَرائم قَوْمِهِ، وَهَذَا عَلَى الْقِيَاسِ. اللَّيْثُ: يُقَالُ رَجُلٌ كَرِيم وَقَوْمٌ كَرَمٌ كَمَا قَالُوا أَديمٌ وأَدَمٌ وعَمُود وعَمَدٌ، وَنِسْوَةٌ كَرَائِم. ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: وَرَجُلٌ كَرَمٌ: كَرِيمٌ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، تَقُولُ: امرأَة كَرمٌ وَنِسْوَةٌ كَرَمٌ لأَنه وَصْفٌ بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَسْحُوحٍ «١» الشَّيْبَانِيُّ: كَذَا ذَكَرَهُ السِّيرَافِيُّ، وَذَكَرَ أَيضاً أَنَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ تَيْم اللَّاتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، اسْمُهُ عِيسَى، وَكَانَ يُلَوَّمُ فِي نُصرة أَبي بِلَالٍ مِرْدَاسِ بْنِ أُدَيَّةَ، وأَنه مَنَعَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَى بَنَاتِهِ، وَذَكَرَ الْمُبَرِّدُ فِي أَخبار الْخَوَارِجِ أَنه لأَبي خَالِدٍ القَناني فَقَالَ: وَمِنْ طَريف أَخبار الْخَوَارِجِ قَوْلُ قَطَرِيِّ بْنِ الفُجاءة المازِني لأَبي خَالِدٍ القَناني:

أَبا خالدٍ إنْفِرْ فلَسْتَ بِخالدٍ، ... وَما جَعَلَ الرحمنُ عُذْراً لقاعِدِ

أَتَزْعُم أَنَّ الخارِجيَّ عَلَى الهُدَى، ... وأنتَ مُقِيمٌ بَينَ راضٍ وجاحِدِ؟

فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبو خَالِدٍ:

لَقدْ زادَ الحَياةَ إليَّ حُبّاً ... بَناتي، أَنَّهُنَّ مِنَ الضِّعافِ

مخافةَ أنْ يَرَيْنَ البُؤسَ بَعْدِي، ... وأنْ يَشْرَبْنَ رَنْقاً بعدَ صافِ

وأنْ يَعْرَيْنَ، إنْ كُسِيَ الجَوارِي، ... فَتَنْبُو العينُ عَن كَرَمٍ عِجافِ

ولَوْلا ذاكَ قَدْ سَوَّمْتُ مُهْري، ... وَفِي الرَّحمن للضُّعفاءِ كافِ

أَبانا مَنْ لَنا إنْ غِبْتَ عَنَّا، ... وصارَ الحيُّ بَعدَك فِي اخْتِلافِ؟

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالنَّحْوِيُّونَ يُنْكِرُونَ مَا قَالَ اللَّيْثُ، إِنَّمَا يُقَالُ رَجُلٌ كَرِيم وَقَوْمٌ كِرَام كَمَا يُقَالُ صَغِيرٌ وَصِغَارٌ وَكَبِيرٌ وكِبار، وَلَكِنْ يُقَالُ رَجُلٌ كَرَمٌ وَرِجَالٌ كَرَمٌ أَيْ ذَوُو كَرَم، وَنِسَاءٌ كَرَمٌ أَيْ ذَوَاتُ كرَم، كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ عَدْل وَقَوْمٌ عَدْلٌ، وَرَجُلٌ دَنَفٌ وحَرَضٌ، وَقَوْمٌ حَرَضٌ ودَنَفٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: رَجُلٌ كَرِيم وكُرَامٌ وكُرَّامٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، قَالَ: وكُرَام، بِالتَّخْفِيفِ، أَبْلَغُ فِي الْوَصْفِ وَأَكْثَرُ مِنْ كَرِيمٍ، وكُرَّام، بِالتَّشْدِيدِ، أَبلغ مِنْ كُرَام، ومثله ظَرِيف وظُراف وظُرَّاف، وَالْجَمْعُ الكُرَّامُون. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الكُرَام، بِالضَّمِّ، مِثْلُ الكَرِيم فَإِذَا أَفْرَطَ فِي الْكَرَمِ قُلْتَ كُرَّام، بِالتَّشْدِيدِ، والتَّكْرِيمُ والإِكْرَامُ بِمَعْنًى، وَالِاسْمُ مِنْهُ الكَرَامَة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ أَبو المُثَلم:

ومَنْ لَا يُكَرِّمْ نفْسَه لَا يُكَرَّم «٢»

. ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ وَمِمَّا جَاءَ مِنَ الْمَصَادِرِ عَلَى إِضْمَارِ الْفِعْلِ الْمَتْرُوكِ إِظْهَارُهُ وَلَكِنَّهُ فِي مَعْنَى التَّعَجُّبِ قَوْلُكَ كَرَماً وصَلَفاً، كأَنه يَقُولُ أَكْرَمَك اللَّهُ وأَدام لَكَ كَرَماً، وَلَكِنَّهُمْ خَزَلُوا الْفِعْلَ هُنَا لأَنه صَارَ بَدَلًا مِنْ قَوْلِكَ أَكْرِمْ بِهِ وأَصْلِف، وَمِمَّا يُخَصُّ بِهِ النِّدَاءُ قَوْلُهُمْ يَا مَكْرَمان؛ حَكَاهُ الزَّجَّاجِيُّ، وَقَدْ حُكِيَ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ فَقِيلَ رَجُلٌ مَكْرَمَان؛ عَنْ أَبي الْعَمَيْثَلِ الأَعرابي؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ حَكَاهَا أَيضاً أَبو حَاتِمٍ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يَا مَكرَمَان، بِفَتْحِ الرَّاءِ، نَقِيضُ قَوْلِكَ يَا مَلأَمان مِنَ اللُّؤْم والكَرَم. وَرُوِيَ عَنِ

النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَن رَجُلًا أَهدى إِلَيْهِ رَاوِيَةَ خَمْرٍ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمها، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَفلا أُكارِمُ بِهَا يَهودَ؟ فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي حرَّمها حرَّم أَنْ يُكارَم بِهَا

؛ المُكارَمَةُ: أَن تُهْدِيَ لإِنسانٍ شيئاً


(١). قوله [مسحوح] كذا في الأَصل بمهملات وفي شرح القاموس بمعجمات
(٢). هذا الشطر لزهير من معلقته

<<  <  ج: ص:  >  >>