للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ الرَّاعِي:

فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ فِي مُسْتَحيرةٍ، ... سَريعٍ بأَيدي الآكِلينَ جُمودُها

قَوْلُهُ: تَعُدُّ النَّجْم، يُرِيدُ الثريَّا لأَن فِيهَا سِتَّةَ أَنجم ظَاهِرَةٍ يَتَخَلَّلُهَا نُجُومٌ صِغَارٌ خَفِيَّةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا طَلَعَ النَّجْمُ ارْتَفَعَتِ العاهةُ

، وَفِي رِوَايَةٍ:

مَا طلعَ النَّجْمُ وَفِي الأَرض مِنَ الْعَاهَةِ شيءٌ

، وَفِي رِوَايَةٍ:

مَا طلعَ النَّجْمُ قَط وَفِي الأَرض عاهةٌ إِلا رُفِعت

؛ النَّجْمُ فِي الأَصل: اسمٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ كَوَاكِبِ السَّمَاءِ، وَهُوَ بالثريَّا أَخصُّ، فإِذا أُطلق فإِنما يُرَادُ بِهِ هِيَ، وَهِيَ الْمُرَادَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وأَراد بِطُلُوعِهَا طُلوعَها عِنْدَ الصُّبْحِ، وَذَلِكَ فِي العَشْرِ الأَوْسَط مِنْ أَيَّارَ، وسقوطُها مَعَ الصُّبْحِ فِي العَشْر الأَوسط مِنْ تِشْرِينَ الآخِرِ، وَالْعَرَبُ تَزْعُمُ أَن بَيْنَ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا أَمْراضاً ووَباءً وعاهاتٍ فِي النَّاسِ والإِبلِ والثِّمارِ، ومُدَّةُ مغيبِها بِحَيْثُ لَا تُبْصَر فِي اللَّيْلِ نَيِّفٌ وَخَمْسُونَ لَيْلَةً لأَنها تَخْفَى بِقُرْبِهَا مِنَ الشَّمْسِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا، فإِذا بَعُدَتْ عَنْهَا ظَهَرَتْ فِي الشَّرْق وَقْتَ الصُّبْحِ؛ قَالَ الْحَرْبِيُّ: إِنما أَراد بِهَذَا الْحَدِيثِ أَرضَ الْحِجَازِ لأَن فِي أَيَّارَ يَقَعُ الحَصادُ بِهَا وتُدْرِك الثمارُ، وَحِينَئِذٍ تُباعُ لأَنها قَدْ أُمِنَ عَلَيْهَا مِنَ الْعَاهَةِ؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَحْسَبُ أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرادَ عاهةَ الثِّمارِ خَاصَّةً. والمُنَجِّمُ والمُتَنَجِّمُ: الَّذِي يَنْظُرُ فِي النُّجوم يَحْسُب مَواقِيتَها وسيرَها. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُ بَعْضِ أَهل اللُّغَةِ: يَقُولُهُ النَّجَّامون، فأُراه مُولَّداً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وابنُ خَالَوَيْهِ يَقُولُ فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِ وَقَالَ النَّجَّامُونَ وَلَا يَقُولُ المُنَجِّمون، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن فِعْلَهُ ثُلَاثِيٌّ. وتَنَجَّمَ: رَعَى النُّجومَ مِنْ سَهَرٍ. ونُجُومُ الأَشياء: وظائفُها. التَّهْذِيبُ: والنُّجُومُ وظائفُ الأَشياء، وكلُّ وظيفةٍ نَجْمٌ. والنَّجْمُ: الوقتُ الْمَضْرُوبُ، وَبِهِ سُمِّيَ المُنَجِّم. ونَجَّمْتُ المالَ إِذا أَدَّيته نُجوماً؛ قَالَ زُهَيْرٌ فِي دياتٍ جُعِلت نُجوماً عَلَى الْعَاقِلَةِ:

يُنَجِّمُها قومٌ لقَوْمٍ غَرامةً، ... وَلَمْ يُهَرِيقُوا بينَهم مِلءَ مِحْجَمِ

وَفِي حَدِيثِ

سَعْدٍ: واللهِ لَا أَزيدُك عَلَى أَربعة آلافٍ مُنَجَّمةٍ

؛ تَنْجِيمُ الدَّينِ: هُوَ أَن يُقَدَّرَ عَطَاؤُهُ فِي أَوقات مَعْلُومَةٍ متتابعةٍ مُشاهرةً أَو مُساناةً، وَمِنْهُ تَنْجِيمُ المُكاتَب ونُجُومُ الكتابةِ، وأَصله أَن الْعَرَبَ كَانَتْ تَجْعَلُ مطالعَ منازِل الْقَمَرِ ومساقِطَها مَواقيتَ حُلولِ دُيونِها وَغَيْرِهَا، فَتَقُولُ إِذا طَلَعَ النَّجْمُ: حلَّ عليك ما لي أَي الثُّرَيَّا، وَكَذَلِكَ بَاقِي الْمَنَازِلِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الأَهِلّةَ مَواقيتَ لِمَا يَحْتَاجُونَ إِليه مِنْ مَعْرِفَةِ أَوقات الْحَجِّ وَالصَّوْمِ ومَحِلِّ الدُّيون، وسَمَّوْها نُجوماً اعْتِبَارًا بالرَّسْمِ الْقَدِيمِ الَّذِي عَرَّفُوهُ واحْتِذاءً حَذْوَ مَا أَلفُوه وَكَتَبُوا فِي ذُكورِ حقوقِهم عَلَى النَّاسِ مُؤَجَّلة. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ

؛ عنَى نُجومَ الْقُرْآنِ لأَن الْقُرْآنَ أُنْزِل إِلى سَمَاءِ الدُّنْيَا جُمْلَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ أُنزل عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آيَةً آيَةً، وَكَانَ بَيْنَ أَول مَا نَزَلَ مِنْهُ وَآخِرِهِ عِشْرُونَ سَنَةً. ونَجَّمَ عَلَيْهِ الدّيةَ: قطَّعها عَلَيْهِ نَجْماً نَجْمًا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

وَلَا حَمالاتِ امْرِئٍ مُنَجِّم

ويقال: جعلت ما لي عَلَى فُلَانٍ نُجوماً مُنَجَّمةً يُؤَدِّي كلَّ نَجْمٍ فِي شَهْرِ كَذَا، وَقَدْ جَعَلَ فلانٌ ما لَه عَلَى فُلَانٍ نُجوماً مَعْدُودَةً يؤدِّي عِنْدَ انْقِضَاءِ كُلِّ شَهْرٍ مِنْهَا نَجْماً، وَقَدْ نَجَّمَها عليه تَنْجِيماً. نظر فِي النُّجوم:

<<  <  ج: ص:  >  >>