نَشَّمَ الناسُ فِي أَمره
؛ قَالَ: مَعْنَاهُ طَعَنُوا فِيهِ وَنَالُوا مِنْهُ، أَصلُه مِنْ تَنْشِيم اللَّحْمِ أَوَّلَ مَا يُنْتِن. وتَنَشَّمَ فِي الشَّيْءِ ونَشَّمَ فِيهِ إِذَا ابتدأَ فِيهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَدْ أَغْتَدي، والليلُ فِي جَرِيمه، ... مُعَسْكِراً فِي الغُرِّ مِنْ نجُومِه
والصُّبْحُ قَدْ نَشَّمَ فِي أَديمِه، ... يَدُعُّه بِضَفَّتَيْ حَيْزُومِه،
دَعَّ الرَّبِيب لحْيَتَيْ يَتِيمِه
قَالَ: نَشَّم فِي أَديمِه يُرِيدُ تَبدَّى فِي أَول الصُّبْحِ، قَالَ: وأَديمُ اللَّيْلِ سَوَادُهُ، وجريمُه: نَفْسُهُ. والتَّنْشِيم: الابتداءُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي النَّوَادِرِ: نَشَمْتُ فِي الأَمر ونَشَّمْت ونَشَّبْت أَيِ ابتدأْت. ونَشَّمَتِ الأَرضُ: نَزَّتْ بِالْمَاءِ. والمَنْشِم: حبُّ «٢» مِنَ العِطْر شاقٌّ الدَّقّ. والمَنْشَم والمَنْشِم: شَيْءٌ يَكُونُ فِي سُنْبُلِ العِطر يُسَمِّيه الْعَطَّارُونَ رَوْقاً، وَهُوَ سَمُّ ساعةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ ثَمَرَةٌ سَوْدَاءُ مُنْتِنَة، وَقَدْ أَكثرت الشعراءُ ذِكْر مَنْشِمٍ فِي أَشعارهم؛ قَالَ الأَعشى:
أَراني وعَمْراً بَيْنَنَا دَقُّ مَنْشِمٍ، ... فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَن أُجَنَّ ويَكْلَبَا
ومَنْشِمُ، بِكَسْرِ الشِّينِ: امرأَة عَطَّارَةٌ مِنْ هَمْدان كَانُوا إِذَا تطيَّبوا مِنْ رِيحِهَا اشتدَّت الْحَرْبُ فَصَارَتْ مَثَلًا فِي الشَّرِّ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
تَدارَكْتُمُ عَبْساً وذُبْيانَ، بعد ما ... تَفانَوْا، ودَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشِمِ
صَرْفُهُ للشِّعر. وَقَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: هُوَ مِنَ ابْتِدَاءِ الشَّرِّ، وَلَمْ يَكُنْ يَذْهَبُ إِلَى أَن مَنْشِمَ امرأَةٌ كَمَا يَقُولُ غَيْرُهُ؛ وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ فِي عِطْرِ مَنْشِم: مَنْشِمُ امرأَةٌ مِنْ حِمْيَر، وَكَانَتْ تَبِيعُ الطِّيبَ، فَكَانُوا إِذَا تَطَيَّبُوا بطيبِها اشتدَّت حربُهم فَصَارَتْ مَثَلًا فِي الشَّرِّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَنْشِمُ امرأَةٌ كَانَتْ بِمَكَّةَ عَطَّارَةٌ، وَكَانَتْ خُزاعةُ وجُرْهُم إِذَا أَرادوا الْقِتَالَ تطيَّبوا مِنْ طِيبِهَا، وَكَانُوا إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَثُرَ القَتْلى فِيمَا بَيْنَهُمْ فَكَانَ يُقَالُ: أَشْأَمُ مِنْ عِطْرِ مَنْشِم، فَصَارَ مَثَلًا: قَالَ: وَيُقَالُ هُوَ حبُّ بَلَسانٍ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: يُقَالُ عطرُ مَنْشَم ومَنْشِم، قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو مَنْشَمٌ الشرُّ بِعَيْنِهِ، قَالَ: وَزَعَمَ آخَرُونَ أَنه شَيْءُ مِنْ قُرون السُّنْبُل يُقَالُ لَهُ البَيْش، وَهُوَ سَمُّ ساعةٍ؛ قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي هُوَ اسْمُ امرأَة عطَّارة كَانُوا إِذَا قَصَدُوا الْحَرْبَ غَمَسوا أَيْدِيَهم فِي طِيبها، وَتَحَالَفُوا عَلَيْهِ بأَن يسْتَمِيتُوا فِي الْحَرْبِ وَلَا يُوَلُّوا أَوْ يُقْتَلوا، قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْباني: مَنْشِم امرأَة عَطَّارَةٌ تَبِيعُ الحَنُوط، وَهِيَ مِنْ خُزاعة، قَالَ: وَقَالَ هشامٌ الكَلْبيُّ مَنْ قَالَ مَنْشِم، بِكَسْرِ الشِّينِ، فَهِيَ مَنْشِم بِنْتُ الوَجيه مِنْ حِمْير، وَكَانَتْ تَبِيعُ العِطْرَ، وَيَتَشَاءَمُونَ بِعِطْرِهَا، وَمَنْ قَالَ مَنْشَم، بِفَتْحِ الشِّينِ، فَهِيَ امرأَة كَانَتْ تَنْتجع العربَ تبيعُهم عِطرها، فأَغار عَلَيْهَا قومٌ مِنَ الْعَرَبِ فأَخذوا عِطْرَها، فَبَلَغَ ذَلِكَ قومَها فاستأْصلوا كلَّ مَنْ شَمُّوا عَلَيْهِ ريحَ عِطْرِهَا؛ وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هِيَ امرأَة مِنْ جُرهُم، وَكَانَتْ جُرْهُم إِذَا خَرَجَتْ لِقِتَالِ خُزاعة خَرَجَتْ مَعَهُمْ فطيَّبتهم، فَلَا يَتَطَيَّبُ بِطِيبِهَا أَحد إِلا قاتلَ حَتَّى يُقتل أَو يُجْرَحَ، وَقِيلَ: مَنْشِمُ امرأَةٌ كَانَتْ صَنَعَتْ طِيبًا تُطَيِّب بِهِ زَوْجَهَا، ثُمَّ إِنَّهَا صَادَقَتْ رَجُلًا وَطَيَّبَتْهُ بطيبِها، فلقِيَه زوجُها فشمَّ ريحَ طِيبِهَا عَلَيْهِ فقتَله، فَاقْتَتَلَ الحيّانِ مِنْ أَجله.
(٢). قوله [والمنشم حب إلخ] هو كمجلس ومقعد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute