للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نكرةٌ وُصِفت بِهَا نَكِرَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ تَنْصِبُ النَّعْتَ لأَنه نَكِرَةٌ وُصِفَتْ بِهِ مَعْرِفَةٌ، قَالَ: يَعْنِي بِالْوَصْفِ هُنَا الْحَالَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا فَرَّقُوا بَيْنَ أَبانَين وعَرَفاتٍ وَبَيْنَ زَيدَينِ وزَيدين مِنْ قِبَل أَنهم لَمْ يَجْعَلُوا التَّثْنِيَةَ وَالْجَمْعَ عَلَمًا لرجُلينِ وَلَا لرِجال بأَعيانِهم، وَجَعَلُوا الِاسْمَ الْوَاحِدَ علَماً لِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ، كأَنهم قَالُوا إِذَا قُلْنَا ائْتِ بزَيْدٍ إِنَّمَا نُرِيدُ هَاتِ هَذَا الشَّخْصَ الَّذِي يسيرُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَقُولُوا إِذَا قُلْنَا جَاءَ زيدانِ فَإِنَّمَا نَعْنِي شَخْصَيْنِ بأَعيانهما قَدْ عُرِفا قَبْلَ ذَلِكَ وأُثْبِتا، وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا إِذَا قُلْنَا جَاءَ زَيْدُ بْنُ فُلَانٍ وزيدُ بْنُ فلانٍ فَإِنَّمَا نَعْنِي شَيْئَيْنِ بأَعيانهما، فكأَنهم قَالُوا إِذَا قُلْنَا ائتِ أَبانَيْنِ فَإِنَّمَا نَعْنِي هذينِ الجبلَينِ بأَعيانهما اللَّذَيْنِ يَسِيرُ إِلَيْهِمَا، أَلا تَرَى أَنهم لَمْ يَقُولُوا امْرُرْ بأَبانِ كَذَا وأَبانِ كَذَا؟ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا لأَنهم جَعَلُوا أَبانَيْنِ اسْمًا لَهُمَا يُعْرَفانِ بِهِ بأَعيانهما، وَلَيْسَ هَذَا فِي الأَناسيِّ وَلَا فِي الدَّوَابِّ، إِنَّمَا يَكُونُ هَذَا فِي الأَماكنِ وَالْجِبِالِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ، مِنْ قِبَل أَنّ الأَماكِنَ لَا تَزُولُ فيصيرُ كُلُّ واحدٍ مِنَ الجبلَينِ دَاخِلًا عِنْدَهُمْ فِي مِثْلِ مَا دَخَلَ فِيهِ صاحبُه مِنَ الْحَالِ والثَّباتِ والخِصبِ والقَحْطِ، وَلَا يُشارُ إِلَى واحدٍ مِنْهُمَا بتعريفٍ دُونَ الْآخَرِ فَصَارَا كَالْوَاحِدِ الَّذِي لَا يُزايِله مِنْهُ شيءٌ حَيْثُ كَانَ فِي الأَناسيّ وَالدَّوَابِّ والإِنسانانِ وَالدَّابَّتَانِ لَا يَثْبُتانِ أَبداً، يزولانِ وَيَتَصَرَّفَانِ ويُشارُ إِلَى أَحدِهما والآخرُ عَنْهُ غائبٌ، وَقَدْ يُفرَد فَيُقَالُ أَبانٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

كَأَنَّ أَباناً، فِي أَفانِينِ وَدْقِه، ... كبيرُ أُناسٍ فِي بِجادٍ مُزَمَّلِ «١»

. وأَبانٌ: اسْمُ رجلٍ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

مِنْ كَذَا وَكَذَا إِلَى عَدَنِ أَبْيَنَ

، أَبْيَنُ بِوَزْنِ أَحْمر، قريةٌ عَلَى جَانِبِ الْبَحْرِ ناحيةَ الْيَمَنِ، وَقِيلَ: هُوَ اسمُ مَدِينَةِ عدَن. وَفِي حَدِيثِ

أُسامة: قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا أَرسَله إِلَى الرُّوم: أَغِرْ عَلَى أُبْنَى صَبَاحًا

؛ هِيَ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْقَصْرِ، اسمُ موضعٍ مِنْ فِلَسْطينَ بَيْنَ عَسْقَلانَ والرَّمْلة، وَيُقَالُ لَهَا يُبْنَى، بِالْيَاءِ، وَاللَّهُ أَعلم.

أتن: الأَتانُ: الحِمارةُ، وَالْجَمْعُ آتُنٌ مِثْلُ عَناقٍ وأَعْنُقٍ وأُتْنٌ وأُتُنٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

وَمَا أُبَيِّنُ منهمُ، غيرَ أَنَّهمُ ... هُمُ الَّذِينَ غَذَتْ مِنْ خَلْفِها الأُتُنُ

وَإِنَّمَا قَالَ غَذَت مِنْ خَلْفِها الأُتُن لأَن ولدَ الأَتانِ إِنَّمَا يَرْضَع مِنْ خَلْف. والمَأْتوناءُ: الأُتُنُ اسمٌ لِلْجَمْعِ مِثْلَ المَعْيوراء. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: جئتُ عَلَى حمارٍ أَتانٍ

؛ الحمارُ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى، والأَتانُ والحِمارةُ الأُنثى خَاصَّةً، وَإِنَّمَا اسْتَدْرَكَ الحمارَ بالأَتانِ ليُعلَم أَن الأُنثَى مِنَ الحُمُرِ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ، فَكَذَلِكَ لَا تقطعُها المرأَة، وَلَا يُقَالُ فِيهَا أَتانة. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ واسْتَأْتَنَ الرجلُ اشْتَرى أَتاناً واتَّخَذَها لِنَفْسِهِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

بَسَأْتَ، يَا عَمْرُو، بأَمرٍ مؤتِنِ ... واسْتَأْتَنَ الناسُ ولَمْ تَسْتَأْتِنِ

واسْتَأْتَنَ الحمارُ: صارَ أَتاناً. وَقَوْلُهُمْ: كَانَ حِمَارًا فاسْتَأْتَنَ أَي صارَ أَتاناً؛ يَضْرِبُ لِلرَّجُلِ يَهُون بَعْدَ العِزِّ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَتان قاعدةُ الفَوْدَجِ، قَالَ أَبو وَهْبٍ «٢».: الحَمَائِرُ هِيَ القواعدُ والأُتن، الواحدةُ حِمارةٌ وأَتانٌ. والأَتانُ: المرأَةُ الرَّعناء، على التشبيه


(١). في رواية أخرى: كأنّ كبيراً، بدل أباناً
(٢). قوله [قال أبو وهب] كذا في الأَصل والتهذيب. وفي الصاغاني: أبو مرهب بدل أبو وهب

<<  <  ج: ص:  >  >>