للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْفَرَّاءُ: غَيْرُ متغيّرٍ وآجِنٍ، وروى

الأَعمش عَنْ شَقِيق قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ نَهيك بْنُ سِنَانٍ: يَا أَبا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَياءً تجدُ هَذِهِ الْآيَةَ أَم أَلفاً مِنْ ماءٍ غيرِ آسِنٍ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَقَدْ علمتُ القرآنَ كُلَّهُ غَيْرَ هَذِهِ، قَالَ: إِنِّي أَقرأُ المفصَّل فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كهذِّ الشِّعْر

، قَالَ الشَّيْخُ: أَراد غيرَ آسِنٍ أَم ياسِنٍ، وَهِيَ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: أَن قَبيصةَ بْنَ جَابِرٍ أَتاه فَقَالَ: إِنِّي دَمَّيْتُ ظَبياً وأَنا مُحْرِم فأَصَبْتُ خُشَشَاءَه فأَسِنَ فَمَاتَ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ فأَسِنَ فَمَاتَ يَعْنِي دِيرَ بِهِ فأَخذه دُوارٌ، وَهُوَ الغَشْيُ، وَلِهَذَا قِيلَ لِلرَّجُلِ إِذَا دَخَلَ بِئراً فاشتدَّت عَلَيْهِ ريحُها حَتَّى يُصيبَه دُوارٌ فَيَسْقُطَ: قَدْ أَسِنَ؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ:

يُغادِرُ القِرْنَ مُصْفرَّا أَنامِلُه، ... يميدُ فِي الرُّمْحِ مَيْدَ المائحِ الأَسِنِ

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُوَ اليَسِنُ والأَسِنُ؛ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ مثلَ اليَزَنِيِّ والأَزَنِيّ، واليَلَنْدَدِ والأَلَنْدَدِ، وَيُرْوَى الوَسِن. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَسِنَ الرجلُ مِنْ رِيحِ الْبِئْرِ، بِالْكَسْرِ، لَا غَيْرُ. قَالَ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ يَمِيلُ فِي الرُّمْحِ مثلَ الْمَائِحِ، وأَورده الْجَوْهَرِيُّ: قَدْ أَترك الْقِرْنَ، وَصَوَابُهُ يُغَادِرُ الْقِرْنَ، وَكَذَا فِي شِعْرِهِ لأَنه مِنْ صِفَةِ الْمَمْدُوحِ؛ وَقَبْلَهُ:

أَلَمْ ترَ ابنَ سِنانٍ كيفَ فَضَّلَه، ... مَا يُشْتَرى فِيهِ حَمْدُ الناسِ بالثَّمن؟

قَالَ: وَإِنَّمَا غلَّط الجوهريَّ قولُ الْآخَرِ:

قَدْ أَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرّاً أَنامِلُه، ... كأَنَّ أَثوابَه مُجَّت بفِرْصاد

وأَسِنَ الرجلُ أَسَناً، فَهُوَ أَسِنٌ، وأَسِنَ يأْسَنُ ووَسِنَ: غُشِيَ عَلَيْهِ مِنْ خُبْث ريحِ الْبِئْرِ. وأَسِنَ لَا غَيْرُ: استدارَ رأْسُه مِنْ رِيحٍ تُصيبه. أَبو زَيْدٍ: ركيّة مُوسِنةٌ يَوْسَنُ فِيهَا الإِنسانُ وَسَناً، وَهُوَ غَشْيٌ يأْخذه، وَبَعْضُهُمْ يَهْمِزُ فَيَقُولُ أَسِن. الْجَوْهَرِيُّ: أَسِنَ الرجلُ إِذَا دَخَلَ الْبِئْرَ فأَصابته ريحٌ مُنْتِنة مِنْ رِيحِ الْبِئْرِ أَو غَيْرِ ذَلِكَ فغُشِيَ عَلَيْهِ أَو دَارَ رأْسُه، وأَنشد بَيْتَ زُهَيْرٍ أَيضاً. وتأَسَّنَ الماءُ: تَغَيَّرَ. وتأَّسَّنَ عَلَيَّ فلانٌ تأَسناً: اعْتَلَّ وأَبْطَأَ، وَيُرْوَى تأَسَّرَ، بِالرَّاءِ. وتأَسَّنَ عَهْدُ فُلَانٍ ووُدُّه إِذَا تغيَّر؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

راجَعَه عَهْدًا عَنِ التأّسُّن

التَّهْذِيبُ: والأَسينةُ سَيْرٌ وَاحِدٌ مِنْ سُيور تُضْفَر جميعُها فتُجعل نِسعاً أَو عِناناً، وكلُّ قُوَّة مِنْ قُوَى الوَتَر أَسِينةٌ، وَالْجَمْعُ أَسائِنُ. والأُسونُ: وَهِيَ الآسانُ «١». أَيضاً. الْجَوْهَرِيُّ: الأُسُن جَمْعُ الْآسَانِ، وَهِيَ طَاقَاتُ النِّسْع والحَبْل؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ لِسَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ:

لَقَدْ كنتُ أَهْوَى الناقِميَّة حِقْبةً، ... وَقَدْ جعلَتْ آسانُ وَصْلٍ تَقطَّعُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَعَلَ قُوَى الوصْلِ بِمَنْزِلَةِ قُوى الحبْل، وَصَوَابُ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ أَن يَقُولَ: وَالْآسَانُ جَمْعُ الأُسُن، والأُسُنُ جَمْعُ أَسينة، وَتُجْمَعُ أَسينة أَيضاً عَلَى أَسائنَ فَتَصِيرُ مِثْلَ سَفِينَةٍ وسُفُن وسَفائنَ، وَقِيلَ: الْوَاحِدُ إسْنٌ، وَالْجَمْعُ أُسُونٌ وآسانٌ؛ قَالَ: وَكَذَا فُسِّرَ بَيْتُ الطِّرِمَّاحِ:

كحلْقومِ القَطاة أُمِرَّ شَزْراً، ... كإمْرارِ المُحَدْرَجِ ذي الأُسونِ


(١). قوله [والأَسون وَهِيَ الْآسَانُ أَيْضًا] هذه الجملة ليست من عبارة التهذيب وهما جمعان لآسن كحمل لا لأَسينة

<<  <  ج: ص:  >  >>