للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالدَّائِمُ فتَبْطُل عَنْهُمَا، فَلَمَّا وَلِيها الْمُسْتَقْبَلُ بَطَلَتْ عَنْهُ كَمَا بَطَلَتْ عَنِ الْمَاضِي وَالدَّائِمِ، وَتَكُونُ زَائِدَةً مَعَ لَمَّا الَّتِي بِمَعْنَى حِينَ، وَتَكُونُ بِمَعْنَى أَي نَحْوَ قَوْلِهِ: وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا

؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا لأَنها تأْتي ليُعبَّر بِهَا وَبِمَا بَعْدَهَا عَنْ مَعْنَى الْفِعْلِ الَّذِي قَبْلُ، فالكلامُ شديدُ الحاجةِ إِلَى مَا بَعْدَهَا ليُفَسَّر بِهِ مَا قَبْلَهَا، فَبِحَسَبِ ذَلِكَ امْتَنَعَ الوقوفُ عَلَيْهَا، ورأَيت فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُحْكَمِ وأَنْ نِصْفُ اسمٍ تمامُه تَفْعَل، وَحَكَى ثَعْلَبٌ أَيْضًا: أَعْطِه إِلَّا أَن يشاءَ أَي لَا تُعْطِه إِذَا شَاءَ، وَلَا تُعْطِه إِلَّا أَن يشاءَ، مَعْنَاهُ إِذَا شَاءَ فأَعْطِه. وَفِي حَدِيثِ رُكوبِ الهَدْيِ:

قَالَ لَهُ ارْكَبْها، قَالَ: إِنَّهَا بَدنةٌ، فَكَرَّرَ عَلَيْهِ القولَ فَقَالَ: ارْكَبْها وإنْ

أَي وَإِنْ كَانَتْ بَدنةً. التَّهْذِيبُ: لِلْعَرَبِ فِي أَنا لغاتٌ، وأَجودها أَنَّك إِذَا وقفْتَ عَلَيْهَا قُلْتَ أَنا بِوَزْنِ عَنَا، وَإِذَا مضَيْتَ عَلَيْهَا قُلْتَ أَنَ فعلتُ ذَلِكَ، بِوَزْنِ عَنَ فَعَلْتُ، تُحَرِّكُ النُّونَ فِي الْوَصْلِ، وَهِيَ سَاكِنَةٌ منْ مثلِه فِي الأَسماء غَيْرِ الْمُتَمَكِّنَةِ مِثْلِ مَنْ وكَمْ إِذَا تحرَّك مَا قَبْلَهَا، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ أَنا فَعَلْتُ ذَلِكَ فيُثْبِتُ الأَلفَ فِي الْوَصْلِ وَلَا يُنوِّن، وَمِنْهُمْ مَن يُسَكِّنُ النونَ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، فَيَقُولُ: أَنْ قلتُ ذَلِكَ، وقُضاعةُ تمُدُّ الأَلفَ الأُولى آنَ قلتُه؛ قَالَ عَدِيٌّ:

يَا لَيْتَ شِعْري آنَ ذُو عَجَّةٍ، ... مَتى أَرَى شَرْباً حَوالَيْ أَصيصْ؟

وَقَالَ العُدَيْل فِيمَنْ يُثْبِت الأَلفَ:

أَنا عَدْلُ الطِّعانِ لِمَنْ بَغاني، ... أَنا العَدْلُ المُبَيّنُ، فاعْرِفوني

وأَنا لَا تَثنيةَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ إِلَّا بنَحْن، وَيَصْلُحُ نحنُ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ ثَنَّوا أَنْت فَقَالُوا أَنْتُما وَلَمْ يُثَنُّوا أَنا؟ فَقِيلَ: لمَّا لَمْ تُجِزْ أَنا وأَنا لرجلٍ آخرَ لَمْ يُثَنُّوا، وأَما أَنْتَ فَثَنَّوْه بأَنْتُما لأَنَّك تُجِيزُ أَن تَقُولَ لِرَجُلٍ أَنتَ وأَنتَ لآخرَ مَعَهُ، فَلِذَلِكَ ثُنِّيَ، وأَما إنِّي فتَثْنيتُه إنَّا، وَكَانَ فِي الأَصل إنَّنا فكثُرت النوناتُ فحُذِفت إِحْدَاهَا، وَقِيلَ إنَّا، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ

«١» الْمَعْنَى إنَّنا أَو إنَّكم، فَعُطِفَ إِيَّاكُمْ عَلَى الِاسْمِ فِي قَوْلِهِ إنَّا عَلَى النُّونِ والأَلف كَمَا تَقُولُ إِنِّي وإيَّاك، مَعْنَاهُ إِنِّي وإنك، فافْهمه؛ وقال: إِنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَعْدَكم، فحَمَلْت بَرَّةَ واحْتَمَلت فَجارِ إنَّا تثنيةُ إِني فِي الْبَيْتِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُهُمْ أَنا فَهُوَ اسمٌ مكنيٌّ، وَهُوَ للمتكَلِّم وحْدَه، وَإِنَّمَا يُبْنى عَلَى الْفَتْحِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَن الَّتِي هِيَ حرفٌ نَاصِبٌ لِلْفِعْلِ، والأَلفُ الأَخيرةُ إِنَّمَا هِيَ لِبَيَانِ الْحَرَكَةِ فِي الْوَقْفِ، فَإِنْ وُسِّطت سَقَطت إِلَّا فِي لُغَةٍ رديئةٍ كَمَا قَالَ:

أَنا سَيْفُ العَشيرةِ، فاعْرفوني ... جَمِيعًا، قَدْ تَذَرَّيْتُ السَّنامَا

وَاعْلَمْ أَنه قَدْ يُوصل بِهَا تاءُ الْخِطَابِ فيَصيرانِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ مِنْ غَيْرِ أَن تَكُونَ مُضَافَةً إِلَيْهِ، تَقُولُ: أَنت، وَتَكْسِرُ للمؤَنث، وأَنْتُم وأَنْتُنَّ، وَقَدْ تدخلُ عَلَيْهِ كافُ التَّشْبِيهِ فَتَقُولُ: أَنتَ كأَنا وأَنا كأَنتَ؛ حُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الْعَرَبِ، وكافُ التَّشْبِيهِ لَا تتَّصِلُ بِالْمُضْمَرِ، وَإِنَّمَا تَتَّصِلُ بالمُظهر، تَقُولُ: أَنتَ كزيدٍ، وَلَا تَقُولُ: أَنت كِي، إِلَّا أَن الضَّمِيرَ المُنْفَصل عِنْدَهُمْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ المُظْهَر، فَلِذَلِكَ حَسُنَ وفارقَ المُتَّصِل. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَنَ اسْمُ الْمُتَكَلِّمِ، فَإِذَا وَقفْت أَلْحَقْتَ


(١). الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>