يُقام عَلَيْهَا، وَلَا تَبينُ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي طُلِّقت فِيهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ ثُمَّ تخرُج حَيْثُ شَاءَتْ، وبِنْتُه أَنا وأَبَنتُه واسْتَبنْتُه وبَيَّنْتُه؛ وَرَوِيَ بَيْتُ ذِي الرُّمَّةِ:
تُبَيِّنُ نِسْبةَ المَرَئِيّ لُؤْماً، ... كَمَا بَيَّنْتَ فِي الأَدَم العَوارا
أَي تُبَيِّنُها، وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: تُبيِّن نِسبةُ، بِالرَّفْعِ، عَلَى قَوْلِهِ قَدْ بَيَّنَ الصبحُ لِذِي عَينين. وَيُقَالُ: بانَ الحقُّ يَبينُ بَياناً، فَهُوَ بائنٌ، وأَبانَ يُبينُ إِبَانَةً، فَهُوَ مُبينٌ، بِمَعْنَاهُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ*
؛ أَي وَالْكِتَابِ البَيِّن، وَقِيلَ: مَعْنَى الْمُبِينِ*
الَّذِي أَبانَ طُرُقَ الْهُدَى مِنْ طُرُقِ الضَّلَالَةِ وأَبان كلَّ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الأُمّة؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: بانَ الشيءُ وأَبانَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: بانَ الشيءُ وأَبَنتُه، فَمَعْنَى مُبين أَنه مُبينٌ خيرَه وبرَكَته، أَو مُبين الحقَّ مِنَ الْبَاطِلِ والحلالَ مِنَ الْحَرَامِ، ومُبينٌ أَن نُبُوَّةَ سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حقٌّ، ومُبين قِصَصَ الأَنبياء. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيَكُونُ الْمُسْتَبِينُ أَيضاً بِمَعْنَى المُبين. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والاسْتِبانةُ يَكُونُ واقعاً. يقال: اسْتَبنتُ الشيءَ إِذَا تأَملتَه حَتَّى تَبيَّن لَكَ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ
؛ الْمَعْنَى ولتستبينَ أَنت يَا مُحَمَّدُ سبيلَ الْمُجْرِمِينَ أَي لتزدادَ استِبانة، وإِذا بانَ سبيلُ الْمُجْرِمِينَ فَقَدْ بَانَ سَبِيلُ الْمُؤْمِنِينَ، وأَكثرُ القراء قرؤُوا: وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ
؛ والاسْتبانة حينئذٍ يَكُونُ غَيْرَ وَاقِعٍ. وَيُقَالُ: تبَيَّنْت الأَمر أَي تأَمَّلته وتوسَّمْتُه، وَقَدْ تبيَّنَ الأَمرُ يَكُونُ لازِماً وواقِعاً، وَكَذَلِكَ بَيَّنْته فبَيَّن أَي تَبَيَّن، لازمٌ وَمُتَعَدٍّ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ
؛ أَي بُيِّن لَكَ فِيهِ كلُّ ما تحتاج إليه أَنت وأُمتُك مِنْ أَمر الدِّين، وَهَذَا مِنَ اللَّفْظِ العامِّ الَّذِي أُريد بِهِ الخاصُّ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: بَيَّنْت الشيءَ تَبْييناً وتِبْياناً، بِكَسْرِ التَّاءِ، وتِفْعالٌ بِكَسْرِ التَّاءِ يَكُونُ اسْمًا، فأَما الْمَصْدَرُ فإِنه يَجِيءُ عَلَى تَفْعال بِفَتْحِ التَّاءِ، مِثْلُ التَّكْذاب والتَّصْداق وَمَا أَشبهه، وَفِي الْمَصَادِرِ حَرْفَانِ نَادِرَانِ: وَهُمَا تِلْقاء الشَّيْءِ والتِّبْيان، قَالَ: وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِمَا. وَقَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَلا إنَّ التَّبيين مِنَ اللَّهِ والعَجَلة مِنَ الشَّيْطَانِ فتبيَّنُوا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ الْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُ التَّبْيين التثبُّتُ فِي الأَمر والتَّأَني فِيهِ، وَقُرِئَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا
، وَقُرِئَ:
فتثبَّتوا
، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا
،
وفتَثبَّتُوا
؛ قُرِئَ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ: الْكِتابِ الْمُبِينِ*
، قَالَ: وَهُوَ التِّبيان، وَلَيْسَ عَلَى الْفِعْلِ إِنَّمَا هُوَ بناءٌ عَلَى حِدَةٍ، وَلَوْ كَانَ مَصْدَرًا لفُتِحتْ كالتَّقْتال، فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بيَّنْتُ كَالْغَارَةِ مِنْ أَغَرْت. وَقَالَ كُرَاعٍ: التِّبيان مصدرٌ وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا التِّلقاء، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَبَيْنَهُمَا بَينٌ أَي بُعْد، لُغَةٌ فِي بَوْنٍ، وَالْوَاوُ أَعلى، وَقَدْ بانَه بَيْناً. والبَيانُ: الْفَصَاحَةُ واللَّسَن، وكلامٌ بيِّن فَصيح. والبَيان: الإِفصاح مَعَ ذَكَاءٍ. والبَيِّن مِنَ الرِّجَالِ: الْفَصِيحُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: البَيِّن مِنَ الرِّجَالِ السَّمْح اللِّسَانِ الْفَصِيحُ الظَّرِيفُ الْعَالِي الْكَلَامِ الْقَلِيلُ الرتَج. وفلانٌ أَبْيَن مِنْ فُلَانٍ أَي أَفصح مِنْهُ وأَوضح كَلَامًا. وَرَجُلٌ بَيِّنٌ: فَصِيحٌ، وَالْجَمْعُ أَبْيِناء، صحَّت الْيَاءُ لِسُكُونِ مَا قَبْلَهَا؛ وأَنشد شَمِرٌ:
قَدْ يَنْطِقُ الشِّعْرَ الغَبيُّ، ويَلْتَئي ... عَلَى البَيِّنِ السَّفّاكِ، وَهُوَ خَطيبُ
قَوْلُهُ يَلتئي أَي يُبْطئ، مِنَ اللأْي وَهُوَ الإِبطاء. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِي جَمْعِهِ أَبْيان وبُيَناء، فأَما أَبْيان