وَهُوَ مِنَ الأَسماء الَّتِي قَدْ يُوصَفُ بِهَا؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ قَوْلَ الأَعشى:
لَئِنْ كنتُ فِي جُبٍّ ثمانينَ قَامَةً، ... ورُقِّيت أَسْبابَ السماءِ بسُلَّم
. وُصِفَ بِالثَّمَانِينَ وَإِنْ كَانَ اسْمًا لأَنه فِي مَعْنًى طَوِيلٍ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ هُوَ أَحمقُ مِنْ صَاحِبِ ضأْنٍ ثَمَانِينَ، وَذَلِكَ أَن أَعرابيّاً بَشَّرَ كِسْرى ببُشْرى سُرَّ بِهَا، فَقَالَ: اسْأَلني مَا شئتَ، فَقَالَ: أَسأَلُك ضأْناً ثَمَانِينَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي رَوَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ أَحمقُ مِنْ طَالِبِ ضأْن ثَمَانِينَ، وَفَسَّرَهُ بِمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: وَالَّذِي رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَحمقُ مِنْ رَاعِي ضأْنٍ ثَمَانِينَ، وَفَسَّرَهُ بأَنَّ الضأْنَ تَنْفِرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فيَحتاج كلَّ وَقْتٍ إِلَى جَمْعِهَا، قَالَ: وَخَالَفَ الجاحظُ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ: وَإِنَّمَا هُوَ أَشْقى مِنْ رَاعِي ضأْن ثَمَانِينَ، وَذُكِرَ فِي تَفْسِيرِهِ لأَن الإِبل تتَعشَّى وتربِضُ حَجْرةً تجْتَرُّ، وأَن الضأْن يَحْتَاجُ رَاعِيهَا إِلَى حِفْظها وَمَنْعِهَا مِنَ الِانْتِشَارِ وَمِنَ السِّباع الطَّالِبَةِ لَهَا، لأَنها لَا تَبرُك كبُروكِ الإِبل فَيَسْتَرِيحُ رَاعِيهَا، وَلِهَذَا يتحكَّمُ صَاحِبُ الإِبل عَلَى رَاعِيهَا مَا لَا يتحكَّم صاحبُ الضأْن عَلَى رَاعِيهَا، لأَن شَرْطَ صَاحِبِ الإِبل عَلَى الرَّاعِي أَن عَلَيْكَ أَن تَلوطَ حَوْضَها وترُدَّ نادَّها، ثُمَّ يَدُك مبسوطةٌ فِي الرِّسْل مَا لَمْ تَنْهَكْ حَلَباً أَو تَضُرَّ بنَسْلٍ، فَيَقُولُ: قَدِ الْتزَمْتُ شرْطك عَلَى أَن لا تَذْكُرَ أُمّي بِخَيْرٍ وَلَا شرٍّ، وَلَكَ حَذْفي بِالْعَصَا عِنْدَ غضَبِك، أَصَبْت أَم أَخْطَأْت، وَلِي مَقعدي مِنَ النَّارِ وَمَوْضِعُ يَدِي مِنَ الْحَارِّ وَالْقَارِّ، وأَما ابْنُ خَالَوَيْهِ فَقَالَ فِي قَوْلِهِمْ أَحمقُ مِنْ طَالِبِ ضأْنٍ ثَمَانِينَ:
إِنَّهُ رَجُلٌ قَضَى لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حاجَته فَقَالَ: ائتِني المدينةَ، فَجَاءَهُ فَقَالَ: أَيُّما أَحبُّ إِلَيْكَ: ثَمَانُونَ مِنَ الضأْنِ أَم أَسأَل اللَّهَ أَن يَجْعَلَكَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ: بَلْ ثَمَانُونَ مِنَ الضأْن، فَقَالَ: أَعطوه إِيَّاهَا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ صاحبةَ مُوسَى كَانْتَ أَعقلَ مِنْكَ، وَذَلِكَ أَن عَجُوزًا دلَّتْه عَلَى عِظَامِ يُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهَا مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَيُّما أَحبُّ إليكِ أَن أَسأَل اللَّهَ أَن تَكُونِي مَعِي فِي الْجَنَّةِ أَم مائةٌ مِنَ الْغَنَمِ؟ فَقَالَتْ: بَلِ الْجَنَّةُ.
والثَّماني: موضعٌ بِهِ هضَبات؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراها ثَمَانِيَةً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَو أَخْدَرِيّاً بِالثَّمَانِي سُوقُها
وثَمينةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤيّة:
بأَصْدَقَ بأْساً مِنْ خليلِ ثَمينةٍ ... وأَمْضَى، إِذا مَا أَفْلَط القائمَ اليدُ
. والثَّمَنُ: مَا تَسْتَحِقُّ بِهِ الشيءَ. والثَّمَنُ: ثمنُ البيعِ، وثمَنُ كُلِّ شَيْءٍ قيمتُه. وَشَيْءٌ ثَمينٌ أَي مرتفعُ الثَّمَن. قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا*
؛ قَالَ: كُلُّ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ هَذَا الَّذِي قَدْ نُصِب فِيهِ الثَّمَنُ وأُدخلت الْبَاءُ فِي المَبِيع أَو المُشْتَرَى فإِن ذَلِكَ أَكثر مَا يأْتي فِي الشَّيئين لَا يَكُونَانِ ثَمَناً مَعْلُومًا مِثْلَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، فَمِنْ ذَلِكَ اشْتَرَيْتُ ثَوْبًا بِكِسَاءٍ، أَيهما شِئْتَ تَجْعَلُهُ ثَمَنًا لِصَاحِبِهِ لأَنه لَيْسَ مِنَ الأَثمان، وَمَا كَانَ لَيْسَ مِنَ الأَثمان مِثْلَ الرَّقِيق والدُّور وجميعِ الْعُرُوضِ فَهُوَ عَلَى هَذَا، فَإِذَا جِئْتَ إِلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَضَعْتَ الْبَاءَ فِي الثَّمَن، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ يُوسُفَ: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ
، لأَن الدَّرَاهِمَ ثَمَنٌ أَبداً، وَالْبَاءُ إِنَّمَا تَدْخُلُ فِي الأَثْمانِ، وكذلك قوله: لا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا*
، واشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ والْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ؛ فأَدْخِل الباءَ فِي أَيِّ هَذَيْنِ شِئْتَ حَتَّى تَصِيرَ إِلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَإِنَّكَ تُدْخِل الْبَاءَ فِيهِنَّ مَعَ الْعُرُوضِ، فَإِذَا اشْتَرَيْتَ أَحدَ هَذَيْنِ،