للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ أَحْصَنَه التزوّجُ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَحْصَنَ الرجلُ تزوجَ، فَهُوَ مُحصَن، بِفَتْحِ الصَّادِ فِيهِمَا نَادِرٌ. قَالَ الأَزهري: وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ

؛ فَإِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قرأَ:

فَإِذَا أَحْصَنَ

، وَقَالَ: إِحْصانُ الأَمةِ إِسلامُها، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَؤُهَا: فَإِذا أُحْصِنَ

، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ، وَيُفَسِّرُهُ:

فإِذا أُحْصِنَّ بِزَوْجٍ

، وَكَانَ لَا يرَى عَلَى الأَمة حَدًّا مَا لَمْ تُزَوَّجْ، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَرَى عَلَيْهَا نِصْفَ حَدِّ الحرَّة إِذا أَسلمت وإِن لَمْ تُزَوَّجْ، وَبِقَوْلِهِ يقولُ فُقَهَاءُ الأَمصار، وَهُوَ الصَّوَابُ. وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وأَبو عَمْرٍو وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ: فَإِذا أُحْصِنَ

، بِضَمِّ الأَلف، وقرأَ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ مثلَه، وأَما أَبو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ فَقَدْ فَتَحَ الأَلف، وقرأَ حمزة والكسائي

فإِذا أُحْصَنَ

، بِفَتْحِ الأَلف، وقالَ شَمِرٌ: أَصلُ الحَصانةِ المنعُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: مَدِينةَ حَصينة ودِرْعٌ حَصِينة؛ وأَنشد يُونُسُ:

زَوْجٌ حَصَانٌ حُصْنُها لَمْ يُعْقَم

. وَقَالَ: حُصْنُها تَحْصِينُها نفسَها. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ*

؛ قَالَ: مُتَزَوِّجين غَيْرَ زُناةٍ، قَالَ: والإِحْصانُ إِحْصانُ الْفَرْجِ وَهُوَ إِعْفافُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَحْصَنَتْ فَرْجَها*

؛ أَي أَعفَّتْه. قَالَ الأَزهري: والأَمة إِذا زُوِّجَتْ جازَ أَن يُقَالَ قَدْ أُحْصِنَت لأَن تَزْوِيجَهَا قَدْ أَحْصَنَها، وَكَذَلِكَ إِذا أُعْتِقَتْ فَهِيَ مُحْصَنة، لأَن عِتْقَها قَدْ أَعَفَّها، وَكَذَلِكَ إِذا أَسْلَمت فإِن إِسْلامَها إِحْصانٌ لَهَا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا بناءٌ حَصِينٌ وامرأَة حَصَان، فَرقوا بَيْنَ البِنَاء والمرأَةِ حِينَ أَرادُوا أَن يُخْبِرُوا أَن الْبِنَاءَ مُحْرِز لِمَنْ لجأَ إِليه، وأَن المرأَة مُحْرِزة لفَرْجها. والحِصَانُ: الفحلُ مِنَ الْخَيْلِ، وَالْجَمْعُ حُصُنٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: قَوْلُهُمْ فرَسٌ حِصانٌ بَيِّنُ التحصُّن هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الحَصانةِ لأَنه مُحْرِز لِفَارِسِهِ، كَمَا قَالُوا فِي الأُنثى حِجْر، وَهُوَ مَنْ حَجَر عَلَيْهِ أَي مَنَعَهُ. وتَحَصَّنَ الفَرسُ: صارَ حِصاناً. وَقَالَ الأَزهري: تَحَصَّنَ إِذا تَكَلَّف ذَلِكَ، وخَيْلُ الْعَرَبِ حُصونها. قَالَ الأَزهري: وهُمْ إِلى الْيَوْمِ يُسَمُّونها حُصوناً ذُكورَها وإِناثَها، وَسُئِلَ بَعْضُ الحُكَّام عَنْ رجلٍ جَعَلَ مَالًا لَهُ فِي الحُصونِ فَقَالَ: اشْتَرُوا خَيْلًا واحْمِلوا عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ ذَهَبَ إِلى قَوْلِ الْجُعْفِيِّ:

وَلَقَدْ عَلِمْتُ عَلَى تَوَقِّي الرَّدَى ... أَن الحُصونَ الخَيْلُ، لَا مَدَرُ القُرى

. وَقِيلَ: سُمِّيَ الفرسُ حِصاناً لأَنه ضُنَّ بِمَائِهِ فَلَمْ يُنْزَ إِلا عَلَى كَرِيمَةٍ، ثُمَّ كثُر ذَلِكَ حَتَّى سَمَّوا كلَّ ذَكَر مِنَ الْخَيْلِ حِصاناً، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي السِّلاحَ كلَّه حِصْناً؛ وَجَعَلَ ساعِدةُ الْهُذَلِيُّ النّصالَ أَحْصِنة فَقَالَ:

وأَحْصِنةٌ ثُجْرُ الظُّباتِ كأَنَّها، ... إِذا لَمْ يُغَيِّبْها الجفيرُ، جَحِيمُ

. الثُّجْرُ: العراضُ، وَيُرْوَى: وأَحصَنه ثجرُ الظُّبَاتِ أَي أَحْرَزَه؛ وَقَوْلُ زُهَيْرٍ:

وَمَا أَدْرِي، وسَوْفَ إِخالُ أَدْرِي، ... أَقومٌ آلُ حِصْنٍ أَم نِساءُ

يُرِيدُ حِصْنَ بنَ حُذَيْفَةَ الفزاريَّ. والحَواصِنُ مِنَ النِّسَاءِ: الحَبالى؛ قَالَ:

تُبِيل الحَواصِنُ أَبْوالَها

والمِحْصَنُ «٤».: القُفْلُ. والمِحْصَنُ أَيضاً: المِكْتلةُ


(٤). زاد في المحكم: وأَحصنت المرأَة حملت وكذلك الأَتان، قال رؤبة:
قد أَحصنت مثل دعاميص الرفق ... أَجنة في مستكنات الحلق
عدّاه لما كان معناه حملت، والمحصن القفل إِلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>