وأَنكر بَعْضُهُمْ أَرهنته، وَرُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ: وأَرْهَنُهُم مَالِكَا، كَمَا تَقُولُ: قُمْتُ وأَصُكُّ عَيْنَهُ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: الرُّواة كُلُّهُمْ عَلَى أَرْهَنْتُهم، عَلَى أَنه يَجُوزُ رَهَنْتُه وأَرْهَنْته، إلَّا الأَصمعي فَإِنَّهُ رَوَاهُ وأَرْهَنُهم مَالِكَا عَلَى أَنه عَطَفَ بِفِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ عَلَى فِعْلٍ مَاضٍ، وَشَبَّهَهُ بِقَوْلِهِمْ قمتُ وأَصُكُّ وجهَه، وَهُوَ مَذْهَبٌ حَسَنٌ لأَن الْوَاوَ واو حَالٌ، فَيَجْعَلُ أَصُك حَالًا لِلْفِعْلِ الأَول عَلَى مَعْنَى قُمْتُ صَاكًّا وَجْهَهُ أَي تَرَكْتُهُ مُقِيمًا عِنْدَهُمْ، لَيْسَ مِنْ طَرِيقِ الرَّهْنِ، لأَنه لَا يُقَالُ أَرْهَنْتُ الشَّيْءَ، وَإِنَّمَا يُقَالُ رَهَنْتُه، قَالَ: وَمَنْ رَوَى وأَرهنتهم مَالِكًا فَقَدْ أَخطأَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ رَهَنْته الشيءَ بَيْتُ أُحَيْحة بْنِ الجُلاح:
يُراهِنُني فيَرْهَنُني بَنِيهِ، ... وأَرْهَنُه بَنِيَّ بِمَا أَقُولُ
. وَمِثْلُهُ للأَعشى:
آلَيْتُ لَا أُعطيه مِنْ أَبنائنا ... رُهُناً فيُفْسِدُهم كَمَنْ قَدْ أَفْسَدا
حَتَّى يُفِيدَك مِنْ بَنِيهِ رَهِينةً ... نَعْشٌ، ويَرْهَنك السِّماك الفَرْقدا
. وَفِي هَذَا الْبَيْتِ شَاهِدٌ عَلَى جَمْعِ رَهْنٍ عَلَى رُهُنٍ. وأَرْهَنْتُه الثوبَ: دَفَعْتُهُ إِلَيْهِ ليَرْهَنه. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَهَنْتُه لِسَانِي لَا غَيْرَ، وأَما الثَّوْبُ فرَهَنْتُه وأَرْهَنْتُه مَعْرُوفَتَانِ. وَكُلُّ شَيْءٍ يُحْتَبَس بِهِ شَيْءٌ فَهُوَ رَهِينه ومُرْتَهَنه. وارْتَهَن مِنْهُ رَهْناً: أَخذه. والرِّهانُ والمُراهَنة: المُخاطرة، وَقَدْ راهَنه وَهُمْ يَتَراهنُون، وأَرْهَنُوا بَيْنَهُمْ خَطَراً: بَدَلُوا مِنْهُ مَا يَرْضى بِهِ الْقَوْمُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، فَيَكُونُ لَهُمْ سَبَقاً. وراهَنْتُ فُلَانًا عَلَى كَذَا مُراهنة: خَاطَرْتُهُ. التَّهْذِيبُ: وأَرْهَنْتُ ولَدي إِرْهَانًا أَخطرتهم خَطَراً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ
؛ قرأَ نَافِعٌ وَعَاصِمٌ وأَبو جَعْفَرٍ وشَيْبةُ: فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ
، وقرأَ أَبو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ:
فرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ
، وَكَانَ أَبو عَمْرٍو يَقُولُ: الرِّهانُ فِي الْخَيْلِ؛ قَالَ قَعْنَب:
بَانَتْ سُعادُ، وأَمْسَى دُونها عَدَنُ، ... وغَلِقَتْ عندَها مِنْ قَبْلِكَ الرُّهُنُ
. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قرأَ
فَرُهُن
فَهِيَ جَمْعُ رِهانٍ مِثْلُ ثُمُرٍ جَمْعِ ثِمارٍ، والرُّهُنُ فِي الرَّهْنِ أَكثر، والرِّهانُ فِي الْخَيْلِ أَكثر، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ
؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الرَّهْنُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ الشَّيْءُ الْمُلْزَمُ. يُقَالُ: هَذَا راهِنُ لَكَ أَي دَائِمٌ مَحْبُوسٌ عَلَيْكَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ
وكُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ
؛ أَي مُحْتَبَس بِعَمَلِهِ، ورَهِينة مَحْبُوسَةٌ بِكَسْبِهَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الرَّهْن يُجْمَعُ رِهاناً مِثْلُ نَعْلٍ ونِعال؛ ثُمَّ الرِّهانُ يُجْمَعُ رُهُناً. وَكُلُّ شَيْءٍ ثَبَتَ وَدَامَ فَقَدْ رَهَنَ. والمُراهَنَةُ والرهانُ: الْمُسَابَقَةُ عَلَى الْخَيْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وأَنا لَكَ رَهْنٌ بالرِّيّ وَغَيْرِهِ أَي كَفيل؛ قَالَ:
إِنِّي ودَلْوَيَّ لَهَا وصاحبِي، ... وحَوْضَها الأَفْيَحَ ذَا النصائبِ،
رَهْنٌ لَهَا بالرِّيّ غَيْرِ الكاذِبِ
وأَنشد الأَزهري:
إِنَّ كَفِّي لَكَ رَهْنٌ بالرِّضا
. أَي أَنا كَفِيلٌ لَكَ. وَيَدِي لَكَ رَهْنٌ: يُرِيدُونَ بِهِ الْكَفَالَةَ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
والمَرْءُ مَرْهُونٌ، فَمَنْ لَا يُخْتَرَمْ ... بعاجِلِ الحَتْفِ، يُعاجَلْ بالهَرَمْ
قَالَ: أَرْهَنَ أَدامَ لَهُمْ. أَرْهَنْتُ لَهُمْ طَعَامِي وأَرْهَيْته أَي أَدمته لَهُمْ. وأَرْهَى لَكَ الأَمر أَي