وَلَمْ يَجِبْ وَلَمْ يَكَعْ وَلَمْ يَغِبْ ... عَنْ كلِّ يومٍ أَرْوَنانيّ عَصِبْ
وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
حَرَّقَها وارِسُ عُنْظُوانِ، ... فاليومُ مِنْهَا يومُ أَرْوَنانِ
فَيَحْتَمِلُ الإِضافة إِلَى صِفَتِهِ وَيَحْتَمِلُ مَا ذَكَرْنَا. وَلَيْلَةٌ أَرْوَنانة وأَرْوَنانيَّة: شَدِيدَةُ الْحَرِّ وَالْغَمِّ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ: رَانَتْ ليلَتَنا اشتدَّ حَرُّهَا وَغَمُّهَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهُ عَلَى أَفَعَلان، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ سِيبَوَيْهِ، دُونَ أَن يَكُونَ أَفْوَعالًا مِنَ الرَّنَّةِ الَّتِي هِيَ الصَّوْتُ، أَو فَعْوَلاناً مِنَ الأَرَنِ الَّذِي هُوَ النَّشَاط، لأَن أَفْوَعالًا عَدَمٌ وإِنَّ فَعْوَلاناً قَلِيلٌ، لأَن مِثْلَ جَحْوَش لَا يَلْحَقُهُ مِثْلُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، فَلَمَّا عَدِمَ الأَول وقلَّ هَذَا الثَّانِي وصحَّ الِاشْتِقَاقُ حَمَلْنَاهُ عَلَى أَفْعَلان. التَّهْذِيبُ عَنْ شَمِرٍ قَالَ: يومٌ أَرْوَنان إِذَا كَانَ نَاعِمًا؛ وأَنشد فِيهِ بَيْتًا لِلنَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ:
هَذَا ويومٌ لَنَا قَصِيرٌ، ... جَمُّ المَلاهِي أَرْوَنانُ
صَوَابُهُ جمٌّ مَلَاهِيهِ؛ قَالَ: وَهَذَا مِنَ الأَضداد، فَهَذَا الْبَيْتُ فِي الْفَرَحِ، وَكَانَ أَبو الْهَيْثَمِ يُنْكِرُ أَن يَكُونَ الأَرْوَنان فِي غَيْرِ مَعْنَى الْغَمِّ والشدَّة، وأَنكر الْبَيْتُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ شَمِرٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يومٌ أَرْوَنانٌ مأْخوذ مِنَ الرَّوْنِ، وَهُوَ الشِّدَّةُ، وَجَمْعُهُ رُوُون. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طُبَّ أَي سُحِرَ ودُفِنَ سِحْرُه فِي بِئْرِ ذِي أَرْوانَ
؛ قَالَ الأَصمعي: هِيَ بِئْرٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يُخْطِئُ فَيَقُولُ ذَرْوَانَ. والأَرْوَنانُ: الصَّوْتُ؛ وَقَالَ:
بِهَا حاضِرٌ مِنْ غيرِ جِنٍّ يَرُوعُه؛ ... وَلَا أَنَسٍ ذُو أَرْونانٍ وذُو زَجَلْ
ويومٌ أَرْوَنان وَلَيْلَةٌ أَرْوَنانة: شَدِيدَةٌ صَعْبَةٌ. وأَرْوَنان مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّون وَهُوَ الشِّدَّةُ. ورَانَ الأَمْرُ رَوْناً أَي اشتد.
رين: الرَّيْنُ: الطَّبَعُ والدَّنَسُ. والرَّيْن: الصَّدأُ الَّذِي يَعْلُو السيفَ والمِرآة. ورَانَ الثوبُ رَيْناً: تَطَبَّعَ. والرَّيْنُ: كالصَّدَإ يَغْشى الْقَلْبَ. ورَانَ الذَّنْبُ عَلَى قَلْبِهِ يَرِينُ رَيْناً ورُيُوناً: غَلَبَ عَلَيْهِ وَغَطَّاهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَا كانُوا يَكْسِبُونَ
؛ أَي غَلَبَ وطَبَعَ وخَتَم؛ وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الذَّنْب عَلَى الذَّنْبِ حَتَّى يسوادَّ الْقَلْبُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مخافَةَ أَن يَرِينَ النَّوْمُ فِيهِمْ، ... بسُكْرِ سِناتِهم، كلَّ الرُّيونِ
. ورِينَ عَلَى قَلْبِهِ: غُطِّي. وَكُلُّ مَا غَطَّى شَيْئًا فَقَدْ رانَ عَلَيْهِ. ورانَتْ عَلَيْهِ الْخَمْرُ: غَلَبَتْهُ وَغَشِيَتْهُ، وَكَذَلِكَ النُّعاس وَالْهَمُّ، وَهُوَ مَثَل بِذَلِكَ، وَقِيلَ: كُلُّ غَلَبَةٍ رَيْنٌ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي الْآيَةِ: كَثُرَتِ الْمَعَاصِي مِنْهُمْ وَالذُّنُوبُ فأَحاطت بِقُلُوبِهِمْ فَذَلِكَ الرَّيْن عَلَيْهَا. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ فِي أُسَيْفِع جُهَينة لَمَّا رَكِبَهُ الدَّيْن: قَدْ رِينَ بِهِ
؛ يَقُولُ قَدْ أَحاط بِمَالِهِ الدَّيْنُ وَعَلَّتْهُ الدُّيُونُ، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَن عُمَرَ خَطَبَ فَقَالَ: أَلا إِنَّ الأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَينة قَدْ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وأَمانته بأَن يُقَالَ سَبَقَ الْحَاجُّ فادَّانَ مُعْرِضاً وأَصْبَحَ قَدْ رِينَ بِهِ
؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ رِينَ بِالرَّجُلِ رَيْناً إِذَا وَقَعَ فِيمَا لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهُ وَلَا قِبَل لَهُ بِهِ، وَقِيلَ: رِينَ به انقُطِعَ به، وَقَوْلُهُ فادَّان مُعْرِضاً أَي اسْتَدَانَ