للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَعْنِي بَيْضَتيه لِحَرَارَتِهِمَا. وَفِي حَدِيثِ

وَاثِلَةَ: أَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، دَعا بقُرْصٍ فَكَسَرَهُ فِي صَحْفة ثُمَّ صَنَعَ فِيهَا مَاءً سُخْناً

؛ مَاءٌ سُخْن، بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْخَاءِ، أَي حَارٌّ. وَمَاءٌ سَخِينٌ ومُسَخَّنٌ وسِخِّين وسُخاخِينٌ: سُخْنٌ، وَكَذَلِكَ طَعَامٌ سُخاخِين. ابْنُ الأَعرابي: ماءٌ مُسْخَنٌ وسَخِين مِثْلَ مُتْرَص وتَريصٍ ومُبرَم وبَريمٍ؛ وأَنشد لِعَمْرِو بْنُ كُلْثُومٍ:

مُشَعْشَعة كأَنَّ الحُصَّ فِيهَا، ... إِذَا مَا الماءُ خالَطَها سَخِينا

. قَالَ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ جُدْنا بأَموالنا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي أَنّ الْمَاءَ الْحَارَّ إِذَا خَالَطَهَا اصْفَرَّت، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ وَكَانَ الأَصمعي يَذْهَبُ إِلَى أَنه مِنَ السَّخاء لأَنه يَقُولُ بَعْدَ هَذَا الْبَيْتِ:

تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيحَ، إِذَا أُمِرَّتْ ... عَلَيْهِ لمالِهِ فِيهَا مُهِينا

. قَالَ: وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ لأَن ذَلِكَ لَقَبٌ لَهَا وَذَا نَعْتٍ لِفِعْلِهَا، قَالَ: وَهُوَ الَّذِي عَنَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِقَوْلِهِ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ جُدْنا بأَموالنا لَيْسَ بِشَيْءٍ، لأَنه كَانَ يَنْكَرُ أَن يَكُونَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعَل، لِيُبْطِلَ بِهِ قَوْلَ ابْنِ الأَعرابي فِي صِفَتِهِ: الْمَلْدُوغُ سَلِيمٌ؛ إِنَّهُ بِمَعْنَى مُسْلَم لِمَا بِهِ. قَالَ: وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ كَثِيرًا، أَعني فَعَيْلًا بِمَعْنَى مُفْعَل مِثْلَ مُسْخَن وسَخِين ومُتْرَص وتَرِيص، وَهِيَ أَلفاظ كَثِيرَةٌ مَعْدُودَةٌ. يُقَالُ: أَعْقَدْتُ العسلَ فَهُوَ مُعْقَدُ وعَقِيد، وأَحْبَسْته فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ مُحْبَسٌ وحَبِيس، وأَسْخَنْتُ الماءَ فَهُوَ مُسْخَنٌ وسَخِين، وأَطْلَقْتُ الأَسيرَ فَهُوَ مُطْلَقٌ وطَلِيق، وأَعْتَقْت العبدَ فَهُوَ مُعْتَق وعَتِيق، وأَنْقَعْتُ الشرابَ فَهُوَ مُنْقَع ونَقِيع، وأَحْبَبْتُ الشيءَ فَهُوَ مُحَبٌّ وحَبِيبٌ، وأَطْرَدْتُه فَهُوَ مُطْرَد وطَرِيد أَي أَبعدته، وأَوْجَحْتُ الثوبَ إِذَا أَصْفَقْته فَهُوَ مُوجَحٌ ووَجِيحٌ، وأَتْرَصْتُ الثوبَ أَحْكمته فَهُوَ مُترَص وتَرِيص، وأَقْصَيْتُه فَهُوَ مُقْصىً وقَصِيٌّ، وأَهْدَيْت إِلَى الْبَيْتِ هَدْياً فَهُوَ مُهْدًى وهَدِيٌّ، وأَوصيت لَهُ فَهُوَ مُوصىً ووَصِيٌّ، وأَجْنَنْتُ الميتَ فَهُوَ مُجَنٌّ وجَنين، وَيُقَالُ لِوَلَدِ النَّاقَةِ النَّاقِصِ الخَلْق مُخْدَجٌ وخَديجٌ؛ قَالَ: ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ، وَكَذَلِكَ مُجْهَضٌ وجَهِيض إِذَا أَلقته مِنْ شِدَّةِ السَّيْرِ، وأُبْرَمْتُ الأَمرَ فَهُوَ مُبْرَمٌ وبَرِيمٌ، وأَبْهَمْتُه فَهُوَ مُبْهَم وبَهِيمٌ، وأَيْتَمه اللَّهُ فَهُوَ مُوتَم ويَتِيم، وأَنْعَمه اللَّهُ فَهُوَ مُنعَمٌ ونَعِيم، وأُسْلِمَ الملْسُوعُ لِمَا بِهِ فَهُوَ مُسْلَم وسَلِيم، وأَحْكَمْتُ الشيءَ فَهُوَ مُحْكَم وحَكيم؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ*؛ وأَبْدَعْته فَهُوَ مُبْدَع وبَدِيع، وأَجْمَعْتُ الشَّيْءَ فَهُوَ مُجْمَع وجَمِيع، وأَعْتَدْتُه بِمَعْنَى أَعْدَدْته فَهُوَ مُعْتَد وعَتيد؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ؛ أَي مُعْتَدٌ مُعَدٌّ؛ يُقَالُ: أَعددته وأَعتدته وأَعتدته بِمَعْنَى، وأَحْنَقْتُ الرَّجُلَ أَغضبته فَهُوَ مُحْنَقٌ وحَنِيقٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

تَلاقَيْنا بغِينةِ ذِي طُرَيْفٍ، ... وبعضُهُم عَلَى بعضٍ حَنِيقُ

. وأَفْرَدْته فَهُوَ مُفْرَد وفَرِيد، وَكَذَلِكَ مُحْرَدٌ وحَرِيد بِمَعْنَى مُفْرد وفَريد، قَالَ: وأَما فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعِل فمُبْدِعٌ وبَدِيع، ومُسْمِع وسَمِيع، ومُونِقٌ وأَنيق، ومُؤْلِم وأَلِيم، ومُكِلٌّ وكَلِيل؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

حَتَّى شَآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلُ

غَيْرُهُ: وَمَاءٌ سُخَاخِينٌ عَلَى فُعاليل، بِالضَّمِّ، وَلَيْسَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>