للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْدَ الحَمْضِ، وَكَذَلِكَ الرِّكابُ إِذا سُنَّت فِي المَرْتَع عِنْدَ إِراحة السَّفْرِ ونُزُولهم، وَذَلِكَ إِذا أَصابت سِنّاً مِنَ الرِّعْيِ يَكُونُ ذَلِكَ سِناناً عَلَى السَّيْرِ، ويُجْمَع السِّنَانُ أَسِنَّةً، قَالَ: وَهُوَ وَجْهُ الْعَرَبِيَّةِ، قَالَ: وَمَعْنَى يَسُنُّها أَي يقوِّيها عَلَى الخُلَّة. والسِّنانُ: الِاسْمُ مِنْ يَسُنُّ وَهُوَ القُوَّة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ذَهَبَ أَبو سَعِيدٍ مَذْهَبًا حَسَنًا فِيمَا فَسَّرَ، قَالَ: وَالَّذِي قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ عِنْدِي صَحِيحٌ بيِّن «٣» وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ: السِّنُّ الأَكل الشَّدِيدُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَسَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ أَصابت الإِبلُ اليومَ سِنّاً مِنَ الرَّعْي إِذا مَشَقَتْ مِنْهُ مَشْقاً صَالِحًا، وَيُجْمَعُ السِّنّ بِهَذَا الْمَعْنَى أَسْناناً، ثُمَّ يُجْمَعُ الأَسْنانُ أَسِنَّةً كَمَا يُقَالُ كِنٌّ وأَكنانٌ، ثُمَّ أَكِنَّة جَمْعُ الْجَمْعِ، فَهَذَا صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَيُقَوِّيهِ حَدِيثُ

جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذا سِرْتم فِي الخِصْب فأَمْكِنوا الرِّكابَ أَسْنانَها

؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا اللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي الأَسِنَّة إِنها جَمْعُ الأَسْنان، والأَسْنان جَمْعُ السِّنِّ، وَهُوَ الأَكل والرَّعْي، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِي جَمْعِهِ أُسُنّاً، وَهُوَ نَادِرٌ أَيضاً. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مَعْنَى قَوْلِهِ أَعطوا الرُّكُبَ أَسِنَّتَها أَعطوها مَا تَمْتَنِعُ بِهِ مِنَ النَّحْرِ لأَن صَاحِبَهَا إِذا أَحسن رَعْيَها سَمِنت وحَسُنت فِي عَيْنِهِ فَيَبْخَلُ بِهَا مِنْ أَن تُنْحَر، فَشَّبَهَ ذَلِكَ بالأَسِنَّة فِي وُقُوعِ الِامْتِنَاعِ بِهَا، هَذَا عَلَى أَن الْمُرَادَ بالأَسنَّة جَمْعُ سِنَانٍ، وإِن أُريد بِهَا جَمْعُ سِنٍّ فَالْمَعْنَى أَمْكنوها مِنَ الرَّعي؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَعْطُوا السِّنَّ حظَّها مِنَ السّنِ

أَي أَعطوا ذَوَاتَ السِّنِّ حَظَّهَا مِنَ السِّنِّ وَهُوَ الرِّعْيُ. وَفِي حَدِيثِ

جَابِرٍ: فأَمْكِنُوا الرِّكابَ أَسْناناً

أَي تَرْعَى أَسْناناً. وَيُقَالُ: هَذِهِ سِنٌّ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، وَتَصْغِيرُهَا سُنَيْنة، وَتُجْمَعُ أُسُنّاً وأَسْناناً. وَقَالَ القَنَاني: يقال له بُنَيٌّ سَنِينَةُ ابْنِك. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ هُوَ أَشبه شَيْءٍ بِهِ سُنَّة وأُمَّةً، فالسُّنَّة الصُّورة وَالْوَجْهُ، والأُمَّةُ الْقَامَةُ. وَالْحَدِيدَةُ الَّتِي تُحْرَثُ بِهَا الأَرض يُقَالُ لَهَا: السِّنَّة والسِّكَّة، وَجَمْعُهَا السِّنَنُ والسِّكَكُ. وَيُقَالُ للفُؤُوس أَيضاً: السِّنَنُ. وسِنُّ الْقَلَمِ: مَوْضِعُ البَرْيِ مِنْهُ. يُقَالُ: أَطِلْ سِنَّ قَلَمِكَ وسَمِّنْها وحَرِّفْ قَطَّتَك وأَيْمِنْها. وسَنَنْتُ الرَّجُلَ سَنّاً: عَضَضْتُه بأَسناني، كَمَا تَقُولُ ضَرَسْتُه. وسَنَنْتُ الرجلَ أَسُنُّه سَنّاً: كَسَرْتُ أَسنانه. وسِنُّ المِنْجَل: شُعْبَة تَحْزِيزِهِ. والسِّنُّ مِنَ الثُّوم: حَبَّةٌ مِنْ رأْسه، عَلَى التَّشْبِيهِ. يُقَالُ: سِنَّةٌ مِنْ ثُوم أَي حبَّة مِنْ رأْس الثُّومِ، وسِنَّة مِنْ ثومٍ فِصَّةٌ مِنْهُ، وَقَدْ يُعَبَّرُ بالسِّنّ عَنِ العُمُر، قَالَ: والسِّنُّ مِنَ الْعُمُرِ أُنْثى، تَكُونُ فِي النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ؛ قَالَ الأَعور الشَّنِّيُّ يَصِفُ بَعِيرًا:

قَرَّبْتُ مثلَ العَلَم المُبَنَّى، ... لَا فانِيَ السِّنِّ وَقَدْ أَسَنّا

أَراد: وَقَدْ أَسنَّ بعضَ الإِسنان غَيْرَ أَن سِنَّه لَمْ تَفْنَ بعدُ، وَذَلِكَ أَشدّ مَا يَكُونُ الْبَعِيرُ، أَعني إِذا اجْتَمَعَ وَتَمَّ؛ وَلِهَذَا قَالَ أَبو جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ:

مَا تُنْكِرُ الحَرْبُ العَوانُ مِنِّي؟ ... بازِلُ عامَيْنِ حَديثُ سِنِّي «٤»

. إِنما عَنى شدَّته واحْتناكه، وإِنما قَالَ سِنّي لأَنه أَراد أَنه مُحْتَنِك، وَلَمْ يَذْهَبْ فِي السِّنّ، وَجَمْعُهَا أَسْنان لَا غَيْرَ؛ وَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الأَثير قَالَ: فِي حَدِيثِ

علي،


(٣). قوله [صحيح بين] الذي بنسخة التهذيب التي بأيدينا: أَصح وأَبين
(٤). قوله [بازل عامين إِلخ] كذا برفع بازل في جميع الأُصول كالتهذيب والتكملة والنهاية وبإضافة حديث سني إِلا في نسخة من النهاية ضبط حديث بالتنوين مع الرفع وفي أُخرى كالجماعة

<<  <  ج: ص:  >  >>