للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَبِحا فِي الْمَالَيْنِ فَبَيْنَهُمَا، وإِنْ وُضِعا فَعَلَى رأْس مَالِ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وأَما شِرْكَةُ المُفاوضة فأَن يَشْتَرِكا فِي كُلِّ شَيْءٍ فِي أَيديهما أَو يَسْتَفيداه مِنْ بَعْدُ، وَهَذِهِ الشِّرْكَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بَاطِلَةٌ، وَعِنْدَ النُّعْمَانِ وَصَاحِبَيْهِ جَائِزَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُعَارِضَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عِنْدَ الشِّرَاءِ فَيَقُولَ لَهُ: أَشْرِكني مَعَكَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَن يَستوجب العَلَقَ، وَقِيلَ: شَرِكة العِنانِ أَن يَكُونَا سَوَاءً فِي الغَلَق وأَن يَتَسَاوَى الشَّرِيكَانِ فِيمَا أَخرجاه مِنْ عَيْنٍ أَو وَرِقٍ، مأْخوذ مِنْ عِنانِ الدَّابَّةِ لأَن عِنانَ الدَّابَّةِ طَاقَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ يَمْدَحُ قَوْمَهُ وَيَفْتَخِرُ:

وَشَارَكْنَا قُرَيْشًا فِي تُقاها «٢» ...

. أَي سَاوَيْنَاهُمْ، وَلَوْ كَانَ مِنَ الِاعْتِرَاضِ لَكَانَ هِجَاءً، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الشركةُ شَرِكَةَ عِنانٍ لِمُعَارَضَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِمَالٍ مِثْلِ مَالِهِ، وَعَمَلُهُ فِيهِ مِثْلُ عَمَلِهِ بَيْعًا وَشِرَاءً. يُقَالُ: عانَّهُ عِناناً ومُعانَّةً، كَمَا يُقَالُ: عارَضَه يُعارضه مُعارَضةً وعِراضاً. وَفُلَانٌ قَصِيرُ العِنانِ: قَلِيلُ الْخَيْرِ، عَلَى الْمَثَلِ. والعُنَّة: الحَظِيرة مِنَ الخَشَبِ أَو الشَّجَرِ تُجْعَلُ للإِبل وَالْغَنَمِ تُحْبَسُ فِيهَا، وَقَيَّدَ فِي الصِّحَاحِ فَقَالَ: لتَتَدَرَّأَ بِهَا مِنْ بَرْدِ الشَّمال. قَالَ ثَعْلَبٌ: العُنَّة الحَظِيرَةُ تَكُونُ عَلَى بَابِ الرَّجُلِ فَيَكُونُ فِيهَا إِبله وَغَنَمُهُ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: لَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ فِي عُنَّةٍ، وَجَمْعُهَا عُنَنٌ؛ قَالَ الأَعشى:

تَرَى اللَّحْمَ مِنْ ذابِلٍ قَدْ ذَوَى، ... ورَطْبٍ يُرَفَّعُ فَوْقَ العُنَنْ

. وعِنانٌ أَيضاً: مِثْلُ قُبَّةٍ وقِبابٍ. وَقَالَ البُشْتِيُّ: العُنَنُ فِي بَيْتِ الأَعشى حِبال تُشَدُّ ويُلْقَى عَلَيْهَا القَدِيدُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الصَّوَابُ فِي العُنَّة والعُنَنِ مَا قَالَهُ الْخَلِيلُ وَهُوَ الْحَظِيرَةُ، وَقَالَ: ورأَيت حُظُراتِ الإِبل فِي الْبَادِيَةِ يُسَمُّونَهَا عُنَناً لاعْتِنانِها فِي مَهَبِّ الشَّمالِ مُعْتَرِضة لِتَقِيهَا بَرْدَ الشَّمالِ، قَالَ: ورأَيتهم يَشُرُّون اللَّحْمَ المُقَدَّدَ فَوْقَهَا إِذا أَرادوا تَجْفِيفَهُ؛ قَالَ: وَلَسْتُ أَدري عَمَّنْ أَخذ البُشْتِيُّ مَا قَالَ فِي العُنَّة إِنه الْحَبْلُ الَّذِي يُمَدُّ، ومَدُّ الْحَبْلِ مِنْ فِعْلِ الْحَاضِرَةِ، قَالَ: وأُرى قائلَه رأَى فقراءَ الْحَرَمِ يَمُدُّون الْحِبَالَ بمِنًى فيُلْقُون عَلَيْهَا لُحومَ الأَضاحي والهَدْي الَّتِي يُعْطَوْنَها، فَفَسَّرَ قَوْلَ الأَعشى بِمَا رأَى، وَلَوْ شَاهَدَ الْعَرَبَ فِي بَادِيَتِهَا لَعَلِمَ أَن العُنَّة هِيَ الحِظَارُ مِنَ الشَّجَرِ. وَفِي الْمَثَلِ: كالمُهَدِّرِ فِي العُنَّةِ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ يَتَهَدَّدُ وَلَا يُنَفِّذُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والعُنَّةُ، بِالضَّمِّ أَيضاً، خَيْمة تُجْعَلُ مِنْ ثُمامٍ أَو أَغصان شَجَرٍ يُسْتَظَلُّ بِهَا. والعُنَّة: مَا يَجْمَعُهُ الرَّجُلُ مِنْ قَصَبٍ وَنَبْتٍ ليَعْلِفَه غَنَمه. يُقَالُ: جَاءَ بعُنَّةٍ عَظِيمَةٍ. والعَنَّةُ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ: العَطْفَة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذا انصَرَفَتْ مِنْ عَنَّةٍ بَعْدَ عَنَّةٍ، ... وجَرْسٍ عَلَى آثارِها كالمُؤَلَّبِ

والعُنَّةُ: مَا تُنْصَبُ عَلَيْهِ القِدْرُ. وعُنَّةُ القِدْر: الدِّقْدانُ؛ قَالَ:

عَفَتْ غيرَ أَنْآءٍ ومَنْصَبِ عُنَّةٍ، ... وأَوْرَقَ مِنْ تحتِ الخُصاصَةِ هامِدُ

. والعَنُونُ مِنَ الدَّوَابِّ: الَّتِي تُباري فِي سَيْرِهَا الدوابَّ فتَقْدُمُها، وَذَلِكَ مِنْ حُمُر الْوَحْشِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

كأَنَّ الرَّحْلَ شُدَّ بِهِ خَنُوفٌ، ... مِنَ الجَوْناتِ، هادِيةٌ عَنُونُ

. وَيُرْوَى: خَذُوفٌ، وَهِيَ السَّمِينَةُ مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ عَنَّانٌ عَلَى آنُفِ الْقَوْمِ إِذا كَانَ سَبَّاقاً لهم.


(٢). البيتان

<<  <  ج: ص:  >  >>