نظَرْتُ إِلى عُنْوانِه [عِنْوانِه] فنبَذتُه، ... كنَبْذِكَ نَعلًا أَخلقَتْ مِنْ نِعالكا
. وَقَدْ يُكْسَرُ فَيُقَالُ عِنوانٌ وعِنيانٌ. واعْتَنَّ مَا عِنْدَ الْقَوْمِ أَي أُعْلِمَ خَبَرَهم. وعَنْعَنةُ تَمِيمٍ: إِبدالُهم الْعَيْنَ مِنَ الْهَمْزَةِ كَقَوْلِهِمْ عَنْ يُرِيدُونَ أَنْ؛ وأَنشد يَعْقُوبُ:
فَلَا تُلْهِكَ الدُّنْيَا عَنِ الدِّينِ، واعْتَمِلْ ... لآخرةٍ لَا بُدّ عنْ سَتَصِيرُها
. وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَعَنْ تَرَسَّمْتَ مِنْ خَرْقَاءَ منْزِلةً، ... ماءُ الصَّبَابةِ مِنْ عَينيكَ مَسْجُومُ
. أَراد أَأَن ترَسَّمْتَ؛ وَقَالَ جِرانُ العَوْدِ:
فَمَا أُبْنَ حَتَّى قُلْنَ يَا ليْتَ عَنَّنا ... تُرابٌ، وعَنَّ الأَرضَ بالناسِ تُخْسَفُ
. قَالَ الْفَرَّاءُ: لُغَةُ قُرَيْشٍ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ أَنَّ، وتميمٌ وقَيْس وأَسَدٌ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ يَجْعَلُونَ أَلف أَن إِذا كَانَتْ مَفْتُوحَةً عَيْنًا، يَقُولُونَ: أَشهد عَنَّك رَسُولُ اللَّهِ، فإِذا كَسَرُوا رَجَعُوا إِلى الأَلف؛ وَفِي حَدِيثِ
قَيْلةَ: تَحْسَبُ عَنِّي نَائِمَةٌ
أَي تَحْسَبُ أَني نَائِمَةٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
حُصَين بْنِ مُشَمِّت: أَخبرنا فُلَانٌ عَنَّ فُلَانًا حَدَّثه
أَي أَن فُلَانًا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كأَنَّهم يفعلون لبَحَحٍ فِي أَصواتهم، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لأَنَّكَ ولعَنَّك، تَقُولُ ذَاكَ بِمَعْنَى لَعَلَّك. ابْنُ الأَعرابي: لعنَّكَ لِبَنِي تَمِيمٍ، وَبَنُو تَيْم اللَّهِ بْنُ ثَعْلبة يَقُولُونَ: رَعَنَّك، يُرِيدُونَ لَعَلَّكَ. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: رَعَنَّكَ ولغَنَّك، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، بِمَعْنَى لعَلَّكَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: كُنَّا فِي عُنَّةٍ مِنَ الكَلإِ وفُنَّةٍ وثُنَّةٍ وعانِكَةٍ مِنَ الكلإِ واحدٌ أَي كُنَّا فِي كَلاءٍ كَثِيرٍ وخِصْبٍ. وَعَنْ: مَعْنَاهَا مَا عَدَا الشيءَ، تَقُولُ: رَمَيْتُ عَنِ القوسْ لأَنه بِهَا قَذَفَ سَهْمَهُ عَنْهَا وعدَّاها، وأَطعمته عَنْ جُوعٍ، جَعَلَ الْجُوعَ مُنْصَرِفًا بِهِ تَارِكًا لَهُ وَقَدْ جَاوَزَهُ، وَتَقَعُ مِنْ مَوْقِعَهَا، وَهِيَ تَكُونُ حَرْفًا وَاسْمًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ مِنْ عَنْه؛ قَالَ القُطَامِيّ:
فقُلْتُ للرَّكْبِ، لِمَا أَنْ عَلا بهمُ، ... مِنْ عَنْ يمينِ الحُبَيّا، نظرةٌ قَبَلُ
. قَالَ: وإِنما بُنِيَتْ لِمُضَارَعَتِهَا لِلْحَرْفِ؛ وَقَدْ تُوضَعُ عَنْ مَوْضِعَ بَعْدُ كَمَا قال الحرث بْنُ عُبَاد:
قَرِّبا مَرْبَطَ النَّعامةِ مِنِّي، ... لقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عَنْ حيالِ
. أَي بَعْدَ حِيَالِ؛ وَقَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ:
وتُضْحي فَتيتُ المِسكِ فوقَ فِراشِها، ... نَؤُوم الضُّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِ
. وَرُبَّمَا وُضِعَتْ مَوْضِعَ عَلَى كَمَا قَالَ ذُو الإِصبع الْعَدْوَانِيُّ:
لَاهِ ابنُ عمِّكَ لَا أَفْضَلْتَ فِي حَسَبٍ ... عَني، وَلَا أَنتَ دَيّاني فتَخْزُوني
. قَالَ النَّحْوِيُّونَ: عَنْ سَاكِنَةَ النُّونِ حَرْفٌ وُضِعَ لمَعْنى مَا عَدَاكَ وَتَرَاخَى عَنْكَ. يُقَالُ: انصَرِفْ عنِّي وتنحَّ عَنِّي. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الْعَرَبُ تزيدُ عَنْكَ، يُقَالُ: خُذْ ذَا عَنْكَ، وَالْمَعْنَى: خُذْ ذَا، وَعَنْكَ زِيَادَةٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ يُخَاطِبُ لَيْلَى الأَخيلية:
دَعي عنكِ تَشْتامَ الرجالِ، وأَقبِلي ... عَلَى أَذْلَعِيٍّ يَملأُ اسْتَكِ فَيْشَلا
. أَراد يملأُ اسْتَكِ فَيْشلُه فَخَرَجَ نَصْبًا عَلَى التَّفْسِيرِ، وَيَجُوزُ حَذْفُ النُّونِ مِنْ عَنْ لِلشَّاعِرِ كَمَا يَجُوزُ لَهُ حَذْفُ نُونِ مِنْ، وكأَنَّ حذْفَه إِنَّمَا هُوَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، إِلا أَن حَذْفَ نُونِ مِنْ فِي الشِّعْرِ أَكثر مِنْ حَذْفِ نُونِ عَنْ، لأَن دُخُولَ مِنْ فِي الْكَلَامِ أَكثر مِنْ دُخُولِ عَنْ.