للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوَّبْنَ مَتْنَه أَي أَثَّرْنَ فِيهِ بمَوْطئِهم ومَحَلِّهم؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

مِنْ عَرَصاتِ الحَيِّ أَمْسَتْ قُوبا

أَي أَمْسَتْ مُقَوَّبة. وتَقَوَّبَ جِلْدُه: تَقَلَّعَ عَنْهُ الجَرَبُ، وانْحَلَق عَنْهُ الشَّعَرُ، وَهِيَ القُوبةُ والقُوَبةُ والقُوباءُ والقُوَباءُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: القُوباء واحدةُ القُوبةِ والقُوَبةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدْري كَيْفَ هَذَا؟ لأَن فُعْلَة وفُعَلَةً لا يَكُونَانِ جَمْعًا لفُعْلاء، وَلَا هُمَا مِنْ أَبنية الْجَمْعِ، قَالَ: والقُوَبُ جَمْعُ قُوبةٍ وقُوَبة؛ قال: وهذا بَيِّن، لأَن فُعَلًا جَمْعٌ لفُعْلة وفُعَلَةٍ. والقُوباءُ والقُوَباءُ: الَّذِي يَظْهَر فِي الْجَسَدِ ويخرُج عَلَيْهِ، وَهُوَ داءٌ مَعْرُوفٌ، يَتَقَشَّر ويتسعُ، يُعَالَجُ ويُدَاوى بِالرِّيقِ؛ وَهِيَ مؤَنثة لَا تَنْصَرِفُ، وَجَمْعُهَا قُوَبٌ؛ وَقَالَ ابْنُ قَنَانٍ الرَّاجِزُ:

يَا عَجَبَا لِهَذِهِ الفَلِيقَهْ ... هَلْ تَغْلِبَنَّ القُوَباءُ الريقَهْ؟

الفليقةُ: الدَّاهِيَةُ. وَيُرْوَى: يَا عَجَباً، بِالتَّنْوِينِ، عَلَى تأْويل يَا قَوْمُ اعْجَبُوا عَجَباً؛ وإِن شئتَ جَعَلْتَهُ مُنادى مَنْكُورًا، وَيُرْوَى: يَا عَجَبَا، بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، يُرِيدُ يَا عَجَبي، فأَبدَل مِنَ الياءِ أَلِفاً؛ عَلَى حَدِّ قَوْلِ الْآخَرِ:

يَا ابْنَةَ عَمَّا لَا تلُومي واهْجَعِي

وَمَعْنَى رَجَزِ ابْنِ قَنانٍ: أَنه تَعَجَّبَ مِنْ هَذَا الحُزاز الخَبيث، كَيْفَ يُزيلُه الريقُ، وَيُقَالُ: إِنه مُخْتَصٌّ بِرِيقِ الصائِم، أَو الجائِع؛ وَقَدْ تُسَكَّنُ الْوَاوُ مِنْهَا اسْتِثْقَالًا لِلْحَرَكَةِ عَلَى الْوَاوِ، فإِن سَكَّنْتَهَا، ذَكَّرْتَ وصَرَفْتَ، وَالْيَاءُ فِيهِ للإِلحاق بقِرْطاس، وَالْهَمْزَةُ مُنْقلبة مِنْهَا. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعْلاء، مَضْمُومَةُ الْفَاءِ سَاكِنَةُ الْعَيْنِ، مَمْدُودَةُ الْآخِرِ، إِلَّا الخُشَّاءَ وَهُوَ العظمُ النَّاتِئُ وَرَاءَ الأُذن وقُوباءَ؛ قَالَ: والأَصل فِيهِمَا تَحْرِيكُ الْعَيْنِ، خُشَشَاءُ وقَوَباءُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والمُزَّاءُ عِنْدِي مثلُهما «٥»؛ فَمَنْ قَالَ: قُوَباء، بِالتَّحْرِيكِ، قَالَ فِي تَصْغِيرِهِ: قُوَيْباء، وَمَنْ سَكَّنَ، قَالَ: قُوَيْبيٌّ؛ وأَما قَوْلُ رُؤْبَةَ:

مِنْ ساحرٍ يُلْقي الحَصى فِي الأَكْوابْ، ... بنُشْرَةٍ أَثَّارةٍ كالأَقْوابْ

فإِنه جَمَعَ قُوباءَ، عَلَى اعتِقادِ حَذْفِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَقوابٍ. الأَزهري: قابَ الرجلُ: تَقَوَّب جِلْدُه، وقابَ يَقُوبُ قَوْباً إِذا هَرَبَ. وقابَ الرَّجُلُ إِذا قَرُبَ. وَتَقُولُ: بَيْنَهُمَا قابُ قَوْسٍ، وقِيبُ قَوسٍ، وقادُ قَوْسٍ، وقِيدُ قَوس أَي قَدْرُ قَوْسٍ. والقابُ: مَا بَيْنَ المَقْبِضِ والسِّيَة. وَلِكُلِّ قَوْس قابانِ، وَهُمَا مَا بَيْنَ المَقْبِضِ والسِّيَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ

؛ أَراد قابَيْ قوْس، فَقَلَبَه. وَقِيلَ: قابَ قَوْسَيْن، طُولَ قَوْسَين. الْفَرَّاءُ: قابَ قَوْسَين أَي قَدْرَ قَوْسين، عَرَبِيَّتَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَقابُ قَوسِ أَحدكم، أَو موضعُ قِدِّه مِنَ الْجَنَّةِ، خيرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.

قَالَ ابْنُ الأَثير: القابُ والقِيبُ بِمَعْنَى القَدْرِ، وعينُها وَاوٌ مِن قَوْلِهِمْ: قَوَّبوا فِي الأَرض أَي أَثَّروا فِيهَا بوَطْئِهم، وجعَلوا فِي مَساقيها عَلَامَاتٍ. وقَوَّبَ الشيءَ: قَلَعَه مِنْ أَصله. وتَقَوَّبَ الشيءُ إِذا انْقَلَعَ مَنْ أَصله. وقابَ الطائرُ بيضَتَه أَي فَلَقَها، فانْقابت البيضةُ؛ وتَقَوَّبَتْ بمعنًى.


(٥). قوله [والمزاء عندي مثلهما إلخ] تصرف في المزاء في بابه تصرفاً آخر فارجع إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>