وَقَوْلُهُمْ: مازِ رأْسَكَ والسيفَ، إِنَّمَا هُوَ تَرْخِيمٌ مازِنٍ اسْمُ رَجُلٍ، لأَنه لَوْ كَانَ صِفَةً لَمْ يَجُزْ تَرْخِيمُهُ، وَكَانَ قَدْ قَتَلَهُ بُجَيْرٌ وَقَالَ لَهُ هَذَا الْقَوْلَ، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لَهُ فَقَالُوهُ لِكُلِّ مَنْ أَرادوا قَتْلَهُ يُرِيدُونَ بِهِ مُدَّ عُنُقَكَ. ومَزُون: اسْمٌ مِنْ أَسماء عُمَان بِالْفَارِسِيَّةِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فأَصْبَحَ العبدُ المَزُونِيُّ عَثِرْ
الْجَوْهَرِيُّ: كَانَتِ الْعَرَبُ تسمِّي عُمَانَ المَزُونَ؛ قَالَ الكُميتُ:
فأَما الأَزْدُ، أَزْدُ سَعِيدٍ، ... فأَكْرَهُ أَنْ أُسَمِّيها المَزُونَا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ أَبو سَعِيدٍ المُهَلَّبُ المَزُونيُّ أَي أَكره أَن أَنْسُبَه إِلَى المَزُونِ، وَهِيَ أَرض عُمَانَ، يَقُولُ: هُمْ مِنْ مُضَرَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يَعْنِي بالمَزونِ المَلَّاحين، وَكَانَ أَرْدَشِير بابْكان «١». جَعَلَ الأَزْدَ مَلَّاحين بشِحْر عُمَان قَبْلَ الإِسلام بِسِتِّمِائَةِ سَنَةٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَزْدُ أَبي سَعِيدٍ هُمْ أَزد عُمَانَ، وَهُمْ رَهْطُ المُهَلَّبِ بْنَ أَبي صُفْرَةَ. والمَزُونُ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى عُمَان يُسْكُنُهَا اليهودُ والمَلّاحون لَيْسَ بِهَا غَيْرُهُمْ، وَكَانَتِ الفرْسُ يسمونَ عُمَانَ المَزُونَ فَقَالَ الْكُمَيْتُ: إِنَّ أَزْدَ عُمَان يَكْرَهُونَ أَن يُسَمَّوا المَزُونَ وأَنا أَكره ذَلِكَ أَيضاً؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
وأَطْفَأْتُ نِيرانَ المَزونِ وأَهْلِها، ... وَقَدْ حاوَلُوها فِتْنةً أَن تُسَعَّرا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ الجَواليقي: المَزُونُ بِفَتْحِ الميم، لعُمان ولا نقل المُزُون، بِضَمِّ الْمِيمِ، قَالَ: وَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي شِعْرِ البَعِيث بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بْنِ وُدِّ بْنُ زَيْدِ بْنِ مُرَّةَ اليَشْكُرِيِّ يَهْجُو المُهَلَّبَ بْنَ أَبي صُفْرة لَمَّا قَدِمَ خُرَاسان:
تبَدَّلَتِ المَنابِرُ مِنْ قُرَيْشٍ ... مَزُونِيّاً، بفَقْحَتِه الصَّلِيبُ
فأَصْبَحَ قافِلًا كَرَمٌ ومَجْدٌ، ... وأَصْبَحَ قادِماً كَذِبٌ وحُوبُ
فَلَا تَعْجَبْ لكلِّ زمانِ سَوْءٍ ... رِجالٌ، والنوائبُ قَدْ تَنُوبُ
قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبي عُبَيْدَةَ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنها المُزُون، بِضَمِّ الْمِيمِ، لأَنه جَعَلَ المُزُون المَلَّاحين فِي أَصل التَّسْمِيَةِ، ومُزَينة: قَبِيلَةٍ مِنْ مُضَرَ، وَهُوَ مُزَيْنة ابنُ أُدِّ بنِ طَابِخَةَ بْنِ إلْياس بْنِ مُضَر، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِمْ مُزَنِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ مُزَينة قَبِيلَةٌ مِنْ مُضَر، قَالَ: مُزَيْنةُ بنتُ كَلْبِ بْنِ وَبْرَةَ، وَهِيَ أُم عثمانَ وأَوْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُدِّ بْنِ طَابِخَةَ.
مسن: أَبو عَمْرٍو: المَسْنُ المُجون. يُقَالُ: مَسَنَ فُلَانٌ ومَجَنَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والمَسْنُ: الضَّرْبُ بِالسَّوْطِ. مسَنَه بِالسَّوْطِ يَمْسُنه مَسْناً: ضَرَبَهُ. وَسِيَاطٌ مُسَّنٌ، بِالسِّينِ وَالشِّينِ، مِنْهُ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي الشِّينِ أَيضاً؛ قَالَ الأَزهري: كَذَا رَوَاهُ اللَّيْثُ وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَصَوَابُهُ المُشَّنُ بِالشِّينِ؛ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ رُؤْبَةَ:
وَفِي أَخاديد السِّيَاطِ المُشَّنِ
فَرَوَاهُ بِالسِّينِ، وَالرُّوَاةُ رَوَوْهُ بِالشِّينِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: مَسَنَ الشَّيْءَ مِنَ الشيءَ اسْتَلَّهُ، وأَيضاً ضَرَبَهُ حَتَّى يَسْقُطَ. والمَيْسَنانِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ؛ قَالَ أَبو دُوادٍ:
ويَصُنَّ الوُجوهَ فِي المَيْسَنانيّ ... كَمَا صانَ قَرْنَ شَمْسٍ غَمَامُ
(١). قوله [أردشير بابكان] هكذا بالأصل والصحاح، والذي في ياقوت: أردشير بن بابك