للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نُونَ التَّوْكِيدِ. قَالَ تَعَالَى: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ. وَتَقُولُ فِي فِعْلِ الِاثْنَيْنِ: لَتَضْرِبانِّ زَيْدًا يَا رَجُلَانِ، وَفِي فِعْلِ الْجَمَاعَةِ: يَا رجالُ اضْرِبُنَّ زَيْدًا، بِضَمِّ الْبَاءِ، وَيَا امرأَةُ اضْرِبِنَّ زَيْدًا، بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَيَا نِسْوَةُ اضْرِبنانّ زَيْدًا، وأَصله اضربْنِنّ، بِثَلَاثِ نُونَاتٍ، فَتَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بأَلف وَتُكْسَرُ النُّونُ تَشْبِيهًا بِنُونِ التَّثْنِيَةِ، قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ نُونُ التَّوْكِيدِ خَفِيفَةً كَمَا تَكُونُ مُشَدَّدَةً، إِلا أَن الْخَفِيفَةَ إِذا اسْتَقْبَلَهَا سَاكِنٌ سَقَطَتْ، وإِذا وَقَفْتَ عَلَيْهَا وَقَبْلَهَا فَتْحَةً أَبدلتها أَلفاً كَمَا قَالَ الأَعشى:

وَذَا النُّصُبِ المَنْصُوبَ لَا تَنْسُكَنَّه، ... وَلَا تَعْبُدَ الشَّيطانَ واللَّهَ فاعْبُدَا

قَالَ: وَرُبَّمَا حُذِفَتْ فِي الْوَصْلِ كَقَوْلِ طَرَفة:

اضْرِبَ عَنْكَ الهُمومَ طارقَها، ... ضَرْبَكَ بالسَّوْطِ قَوْنسَ الفَرسِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ مَصْنُوعٌ عَلَى طَرَفَةَ، وَالْمُخَفَّفَةُ تَصْلُحُ فِي مَكَانِ المشدَّدة إِلا فِي مَوْضِعَيْنِ: فِي فِعْلِ الِاثْنَيْنِ يَا رَجُلَانِ اضْرِبانّ زَيْدًا، وَفِي فِعْلِ جَمَاعَةِ الْمُؤَنَّثِ يَا نِسْوَةُ اضْرِبْنانِّ زَيْدًا، فإِنه لَا يَصْلُحُ فِيهِمَا إِلا الْمُشَدَّدَةُ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِنُونِ التَّثْنِيَةِ، قَالَ: وَيُونُسُ يُجِيزُ الْخَفِيفَةَ هَاهُنَا أَيضاً، قَالَ: والأَول أَجوَد. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما لَمْ يَجُزْ وُقُوعُ النُّونِ الْخَفِيفَةِ بَعْدَ الأَلف لأَجل اجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ عَلَى غَيْرِ حَدِّه، وَجَازَ ذَلِكَ فِي الْمُشَدَّدَةِ لِجَوَازِ اجْتِمَاعِ السَّاكِنِيْنِ إِذا كَانَ الثَّانِي مُدْغَمًا والأَول حَرْفَ لِينٍ. والتَّنْوين والتَّنْوينة: معروف. ونوّن الاسم: أَلحقه التَّنْوِينَ. وَالتَّنْوِينُ: أَن تُنَوِّنَ الِاسْمَ إِذا أَجريته، تَقُولُ: نَوَّنْتُ الِاسْمَ تَنْوِينًا، وَالتَّنْوِينُ لَا يَكُونُ إِلا فِي الأَسماء. والنُّونة: الْكَلِمَةُ مِنَ الصَّوَابِ. والنُّونة: النُّقْبة فِي ذَقَن الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ. وَفِي حَدِيثِ

عُثْمَانَ: أَنه رأَى صَبِيًّا مَلِيحًا فَقَالَ: دَسِّمُوا نُونَته

أَي سَوِّدوها لِئَلَّا تُصِيبَهُ الْعَيْنُ، قَالَ: حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. الأَزهري: هِيَ الخُنْعُبة والنُّونة والثُّومةُ والهَزْمة والوَهْدَة والقَلْدَة والهَرْتَمَة والعَرْتَمَة والحَثْرَمة، قَالَ اللَّيْثُ: الخُنْعُبة مَشَقُّ مَا بَيْنَ الشاربينِ بحِيال الوَتَرة، الأَزهري: قَالَ أَبو تُرَابٍ: أَنشدني جَمَاعَةٌ مِنْ فُصَحَاءَ قَيْسٍ وأَهلِ الصدْق مِنْهُمْ:

حامِلةٌ دَلْوُك لَا مَحْمُولَهْ، ... مَلأَى مِنَ الْمَاءِ كَعَيْنِ النُّونَهْ

فَقُلْتُ لَهُمْ: رَوَاهَا الأَصمعي كعَيْنِ المُولَه فَلَمْ يَعْرِفُوهَا، وَقَالُوا: النُّونة السَّمَكَةُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المُولَهُ الْعَنْكَبُوتُ. وَيُقَالُ لِلسَّيْفِ الْعَرِيضِ الْمَعْطُوفِ طَرَفَي الظُّبَةِ: ذُو النُّونَيْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

قَرَيْتُك فِي الشَّرِيطِ إِذا التَقَينا، ... وَذُو النُّونَيْنِ يومَ الحَرْبِ زَيْني

الْجَوْهَرِيُّ: والنُّونُ شَفْرةُ السَّيفِ، قَالَ الشَّاعِرُ:

بذِي نُونينِ فَصَّالٍ مِقَطِّ

وَالنُّونُ: اسْمُ سَيْفٍ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، وأَنشد:

سأَجْعَلُه مكانَ النُّونِ مِنِّي

وَقَالَ: يَقُولُ سأَجعل هَذَا السَّيْفَ الَّذِي اسْتَفَدْتَهُ مَكَانَ ذَلِكَ السَّيْفِ الْآخَرِ. وَذُو النُّونِ: سيفٌ كَانَ لِمَالِكِ ابن زُهَيْرٍ أَخِي قَيْسِ بْنِ زُهَيْر، فَقَتَلَهُ حَمَلُ بنُ بَدْرٍ وأَخذ مِنْهُ سيفَه ذَا النُّونِ، فَلَمَّا كَانَ يومُ الهَباءة قَتَلَ الحرثُ بْنُ زُهَيْرٍ حَمَلَ بْنَ بَدْرٍ وأَخذ مِنْهُ ذَا النون، وفيه يقول الحرث بْنُ زُهَيْرٍ:

ويُخْبرُهم مكانُ النُّونِ مِنِّي، ... وَمَا أُعْطِيتُه عَرَقَ الخِلالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>