الْيَسَارِ، وَالْجَمْعُ أَيْمانُ وأَيْمُنٌ ويَمَائنُ. وَرَوَى
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ فِي كهيعص: هُوَ كافٍ هادٍ يَمِينٌ عَزِيزٌ صادِقٌ
؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: فجعَل قولَه كَافٍ أَوَّلَ اسْمِ اللَّهِ كافٍ، وجعَلَ الْهَاءَ أَوَّلَ اسْمِهِ هادٍ، وجعلَ الْيَاءَ أَوَّل اسْمِهِ يَمِين مِنْ قَوْلِكَ يَمَنَ اللهُ الإِنسانَ يَمينُه يَمْناً ويُمْناً، فَهُوَ مَيْمون، قَالَ: واليَمِينُ واليامِنُ يَكُونَانِ بِمَعْنَى وَاحِدٍ كَالْقَدِيرِ وَالْقَادِرِ؛ وأَنشد:
بَيْتُكَ فِي اليامِنِ بَيْتُ الأَيْمَنِ
قَالَ: فجعَلَ اسْمَ اليَمِين مُشْتَقًّا مِنَ اليُمْنِ، وَجَعَلَ العَيْنَ عَزِيزًا وَالصَّادَ صَادِقًا، وَاللَّهُ أَعلم. قَالَ الْيَزِيدِيُّ: يَمَنْتُ أَصحابي أَدخلت عَلَيْهِمُ اليَمِينَ، وأَنا أَيْمُنُهم يُمْناً ويُمْنةً ويُمِنْتُ عَلَيْهِمْ وأَنا مَيْمونٌ عَلَيْهِمْ، ويَمَنْتُهُم أَخَذْتُ عَلَى أَيْمانِهم، وأَنا أَيْمَنُهُمْ يَمْناً ويَمْنةً، وَكَذَلِكَ شَأَمْتُهُم. وشأَمْتُهُم: أَخَذتُ عَلَى شَمائلهم، ويَسَرْتُهم: أَخذْتُ عَلَى يَسارهم يَسْراً. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَخَذَ فلانٌ يَميناً وأَخذ يَسَارًا، وأَخذَ يَمْنَةً أَو يَسْرَةً. ويامَنَ فُلَانٌ: أَخذَ ذاتَ اليَمِين، وياسَرَ: أَخذَ ذاتَ الشِّمال. ابْنُ السِّكِّيتِ: يامِنْ بأَصحابك وشائِمْ بِهِمْ أَي خُذْ بِهِمْ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَا يُقَالُ: تَيامَنْ بِهِمْ وَلَا تَياسَرْ بِهِمْ؛ وَيُقَالُ: أَشْأَمَ الرجلُ وأَيْمَنَ إِذا أَراد اليَمين، ويامَنَ وأَيْمَنَ إِذا أَراد اليَمَنَ. واليَمْنةُ: خلافُ اليَسْرة. وَيُقَالُ: قَعَدَ فُلَانٌ يَمْنَةً. والأَيْمَنُ والمَيْمَنَة: خِلَافُ الأَيْسَر والمَيْسَرة. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحَجرُ الأَسودُ يَمينُ اللَّهِ فِي الأَرض
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا كَلَامُ تَمْثِيلٍ وَتَخْيِيلٍ، وأَصله أَن الْمَلِكَ إِذا صَافَحَ رَجُلًا قَبَّلَ الرجلُ يَدَهُ، فكأنَّ الْحَجَرَ الأَسود لله بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ لِلْمَلِكِ حَيْثُ يُسْتلَم ويُلْثَم. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
وكِلْتا يَدَيْهِ يمينٌ
أَي أَن يَدَيْهِ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، بِصِفَةِ الْكَمَالِ لَا نَقْصَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لأَن الشِّمَالَ تَنْقُصُ عَنِ الْيَمِينِ، قَالَ: وَكُلُّ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ مِنْ إِضافة الْيَدِ والأَيدي وَالْيَمِينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسماء الْجَوَارِحِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ وَالِاسْتِعَارَةِ، وَاللَّهُ منزَّه عَنِ التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ. وَفِي حَدِيثِ
صَاحِبِ الْقُرْآنِ يُعْطَى الملْكَ بِيَمِينه والخُلْدَ بِشَمَالِهِ
أَي يُجْعَلانِ فِي مَلَكَتِه، فَاسْتَعَارَ الْيَمِينَ وَالشِّمَالَ لأَن الأَخذ وَالْقَبْضَ بِهِمَا؛ وأَما قَوْلُهُ:
قَدْ جَرَتِ الطَّيرُ أَيامِنِينا، ... قالتْ وكُنْتُ رجُلًا قَطِينا:
هَذَا لعَمْرُ اللهِ إِسْرائينا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنه جَمَعَ يَميناً عَلَى أَيمانٍ، ثُمَّ جَمَعَ أَيْماناً عَلَى أَيامِين، ثُمَّ أَراد وَرَاءَ ذَلِكَ جَمْعًا آخَرَ فَلَمْ يَجِدْ جَمْعًا مِنْ جُمُوعِ التَّكْسِيرِ أَكثر مِنْ هَذَا، لأَن بَابَ أَفاعل وَفَوَاعِلَ وَفَعَائِلَ وَنَحْوَهَا نِهَايَةُ الْجَمْعِ، فَرَجَعَ إِلَى الْجَمْعِ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ كَقَوْلِ الْآخَرِ:
فهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائداتها
لَمّا بلَغ نِهَايَةَ الْجَمْعِ الَّتِي هِيَ حَدَائد فَلَمْ يَجِدْ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَاءً مِنْ أَبنية الْجَمْعِ المكسَّر جَمَعه بالأَلف والتاء؛ وكقول الْآخَرِ:
جَذْبَ الصَّرَارِيِّينَ بالكُرور
جَمَع صارِياً عَلَى صُرَّاء، ثُمَّ جَمع صُرَّاء عَلَى صَراريّ، ثُمَّ جَمَعَهُ عَلَى صَرَارِييْنِ، بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ يَجِبُ لِهَذَا الرَّاجِزِ أَن يَقُولَ أَيامينينا، لأَن جَمْعَ أَفْعال كَجَمْعِ إفْعال، لَكِنَّ لمَّا أَزمَع أَن يَقُولَ فِي النِّصْفِ الثَّانِي أَو الْبَيْتِ الثَّانِي فَطِينًا، وَوَزْنُهُ فَعَوُلُنْ، أَراد أَن يَبْنِيَ قَوْلَهُ أَيامنينا عَلَى فَعَوُلُنْ أَيضاً