وَقَدْ تَرِدُ بِمَعْنَى التَّوَجُّع، وَقِيلَ: التوجعُ يُقَالُ فِيهِ آهًا، قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي الدَّرْدَاءِ مَا أَنكرتم مِنْ زَمَانِكُمْ فِيمَا غَيَّرتُمْ مِنْ أَعمالكم، إِن يَكُنْ خَيْرًا فَوَاهًا وَاهًا، وإِن يَكُنْ شَرّاً فَآهًا آهًا
؛ قَالَ: والأَلف فِيهَا غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ، قَالَ: وإِنما ذَكَرْتُهَا فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ لِلَفْظِهَا.
أيه: إِيهِ: كلمةُ اسْتِزادة واسْتِنْطاقٍ، وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ، وَقَدْ تُنَوَّنُ. تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذا اسْتَزَدته مِنْ حَدِيثٍ أَو عَمَلٍ: إِيهِ، بِكَسْرِ الْهَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَنشد شِعْرَ أُمية بْنِ أَبي الصَّلْتِ فَقَالَ عِنْدَ كُلِّ بَيْتٍ إِيهِ
؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: فإِن وَصَلْتَ نوَّنت فَقُلْتَ إِيهٍ حَدِّثْنا، وإِذا قُلْتَ إِيهاً بِالنَّصْبِ فإِنما تأْمره بِالسُّكُوتِ، قَالَ اللَّيْثُ: هِيهِ وهِيهَ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، فِي مَوْضِعِ إِيه وإيهَ. ابْنُ سِيدَهْ: وإِيهِ كَلِمَةُ زَجْرٍ بِمَعْنَى حَسْبُكَ، وتنوَّن فَيُقَالُ إِيهاً. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِيهٍ حَدِّثْ؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ:
وَقَفْنا فَقُلْنَا: إِيهِ عَنْ أُمِّ سالِمٍ ... وَمَا بالُ تَكْليم الديارِ البَلاقِع؟
أَراد حدِّثْنا عَنْ أُم سَالِمٍ، فَتَرَكَ التَّنْوِينَ فِي الْوَصْلِ وَاكْتَفَى بِالْوَقْفِ؛ قَالَ الأَصمعي: أَخطأَ ذُو الرُّمَّةِ إِنما كَلَامُ العرب إِيهٍ، وقال يَعْقُوبُ: أَراد إِيهٍ فأَجراه فِي الْوَصْلِ مُجْراه فِي الْوَقْفِ، وَذُو الرُّمَّةِ أَراد التَّنْوِينَ، وإِنما تَرَكَهُ لِلضَّرُورَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّحِيحُ أَن هَذِهِ الأَصوات إِذا عَنَيْتَ بِهَا الْمَعْرِفَةَ لَمْ تُنَوِّنْ، وإِذا عَنَيْتَ بِهَا النَّكِرَةَ نَوَّنْتَ، وإِنما اسْتَزَادَ ذُو الرُّمَّةِ هَذَا الطَّلَل حَدِيثًا مَعْرُوفًا، كأَنه قَالَ حَدِّثْنا الحديثَ أَو خَبِّرْنا الخبرَ؛ وقال بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: إِذا نَوَّنْتَ فَقُلْتَ إِيهٍ فكأَنك قُلْتَ اسْتِزَادَةً، كأَنك قُلْتَ هاتِ حَدِيثًا مَّا، لأَن التَّنْوِينَ تَنْكِيرٌ، وإِذا قُلْتَ إِيه فَلَمْ تُنَوِّنْ فكأَنك قُلْتَ الِاسْتِزَادَةَ، فَصَارَ التَّنْوِينُ عَلَمَ التَّنْكِيرِ وَتَرْكُهُ عَلَمَ التَّعْرِيفِ؛ وَاسْتَعَارَ الحَذْلَمِيُّ هَذَا للإِبل فَقَالَ:
حَتَّى إِذا قالتْ لَهُ إِيهٍ إِيهْ
وإِن لَمْ يَكُنْ لَهَا نُطْقٌ كأَنَّ لَهَا صَوْتًا يَنْحُو هَذَا النَّحْوِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو بَكْرٍ السَّرَّاجُ فِي كِتَابِهِ الأُصول فِي بَابِ ضَرُورَةِ الشَّاعِرِ حِينَ أَنشد هَذَا الْبَيْتَ: فَقُلْنَا إِيهِ عَنْ أُم سَالِمٍ، قَالَ: وَهَذَا لَا يُعْرَفُ إِلا مُنَوَّنًا فِي شَيْءٍ مِنَ اللُّغَاتِ، يُرِيدُ أَنه لَا يَكُونُ مَوْصُولًا إِلا مُنَوَّنًا، أَبو زَيْدٍ: تَقُولُ فِي الأَمر إِيهِ افْعَلْ، وَفِي النَّهْيِ: إِيهاً عَنِّي الآنَ وإِيهاً كُفَّ. وَفِي حَدِيثِ
أُصَيْلٍ الخُزَاعِيِّ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ تركتَ مَكَّةَ؟ فَقَالَ: تَرَكْتُهَا وَقَدْ أَحْجَنَ ثُمَامُها وأَعْذَقَ إِذْخِرُها وأَمْشَر سَلَمُها، فَقَالَ: إِيهاً أُصَيْلُ دَع القُلوبَ تَقِرُّ
أَي كُفَّ وَاسْكُتْ. الأَزهري: لَمْ يُنَوِّنْ ذُو الرّمَّةِ فِي قَوْلِهِ إِيهٍ عَنْ أُمِّ سَالِمٍ، قَالَ: لَمْ يُنَوِّنْ وَقَدْ وصَل لأَنه نَوَى الْوَقْفَ، قَالَ: فإِذا أَسْكَتَّهُ وكفَفْتَهُ قلتَ إِيهاً عَنَّا، فإِذا أَغْرَيْتَهُ بِالشَّيْءِ قُلْتَ وَيْهاً يَا فلانُ، فإِذا تَعَجَّبْتَ مِنْ طِيب شَيْءٍ قلتَ وَاهًا مَا أَطْيبهُ وَحُكِيَ أَيضاً عَنِ اللَّيْثِ: إِيهِ وإِيهٍ فِي الِاسْتِزَادَةِ والاسْتنطاق وإِيهِ وإِيهاً فِي الزَّجْر، كَقَوْلِكَ إِيهِ حَسْبُكَ وإِيهاً حَسْبُكَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَرِدُ الْمَنْصُوبَةُ بِمَعْنَى التَّصْدِيقِ وَالرِّضَا بِالشَّيْءِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ الزبر لما قيل لَهُ يَا ابْنَ ذاتِ النِّطاقَيْنِ فَقَالَ: إِيهاً والإِلهِ
أَي صدَّقْتُ ورضيتُ بِذَلِكَ، وَيُرْوَى: إِيهِ، بِالْكَسْرِ، أَي زِدْنِي مِنْ هَذِهِ المَنْقَبَةِ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: إِيهِ وهِيهِ، عَلَى البَدَلِ، أَي حدِّثْنَا، الْجَوْهَرِيُّ: إِذا أَسكتَّه وكَفَفْتَهُ قلتَ إِيهاً عَنَّا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ قولَ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ: