للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي أَنف الْبَعِيرِ، وَسَنَذْكُرُهَا نحن في موضعها.

بله: البَلَهُ: الغَفْلة عَنِ الشرّ وأَن لا يُحْسِنَهُ؛ بَلِهَ، بِالْكَسْرِ، بَلَهاً وتَبَلَّه وَهُوَ أَبْلَه وابتُلِهَ كبَلِه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

إِنَّ الَّذِي يَأْمُل الدُّنْيا لَمُبْتَلَهٌ، ... وكلُّ ذِي أَمَلٍ عَنْهَا سيُشْتَغَلُ «١»

. وَرَجُلٌ أَبْلَه بيِّنُ البَلَهِ والبَلاهةِ، وَهُوَ الَّذِي غَلَبَ عَلَيْهِ سَلَامَةُ الصَّدْرِ وحُسْنُ الظنِّ بِالنَّاسِ لأَنهم أَغفَلوا أَمْرَ دُنْيَاهُمْ فَجَهِلُوا حِذْقَ التَّصَرُّفِ فِيهَا، وأَقبلوا عَلَى آخِرَتِهِمْ فشَغَلوا أَنفسهم بِهَا، فَاسْتَحَقُّوا أَن يَكُونُوا أَكثر أَهل الجنَّة، فأَما الأَبْلَه وَهُوَ الَّذِي لَا عَقْلَ لَهُ فَغَيْرُ مُرادٍ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ

قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَكثرُ أَهلِ الْجَنَّةِ البُلْهُ

، فإِنه عَنَى البُلْهَ فِي أَمر الدُّنْيَا لِقِلَّةِ اهْتِمَامِهِمْ، وَهُمْ أَكياسٌ فِي أَمر الْآخِرَةِ. قَالَ الزِّبْرقانُ بْنُ بَدْرٍ: خيرُ أَولادِنا الأَبْلهُ العَقُولُ؛ يَعْنِي أَنه لشدَّة حَيائِه كالأَبْله، وَهُوَ عَقُول، وَقَدْ بَلِه، بِالْكَسْرِ، وتَبَلَّه. التَّهْذِيبُ: والأَبْلَهُ الَّذِي طُبع عَلَى الْخَيْرِ فَهُوَ غافلٌ عَنِ الشَّرِّ لَا يَعْرِفه؛ وَمِنْهُ:

أَكثرُ أَهل الْجَنَّةِ البُلْه.

وَقَالَ النَّضْرُ: الأَبْلَه الَّذِي هُوَ مَيِّت الدَّاءِ يُرِيدُ أَن شَرَّه ميِّتٌ لَا يَنْبَه لَهُ. وَقَالَ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ اسْتَراح البُلْهُ، قَالَ: هُمُ الْغَافِلُونَ عَنِ الدُّنْيَا وأَهلِها وفَسادِهم وغِلِّهم، فإِذا جاؤُوا إِلى الأَمرِ والنهيِ فَهُمُ العُقَلاء الفُقَهاء، والمرأَة بَلْهاء؛ وأَنشد، ابْنُ شُمَيْلٍ:

ولقَدْ لَهَوْتُ بطِفْلةٍ مَيّالةٍ ... بَلْهاءَ تُطْلِعُني عَلَى أَسْرارِها

أَراد: أَنها غِرٌّ لَا دَهاءَ لَهَا فَهِيَ تُخْبِرني بأَسْرارِها وَلَا تَفْطَن لِمَا فِي ذَلِكَ عَلَيْهَا؛ وأَنشد غَيْرُهُ:

من امرأَةٍ بَلْهاءَ لَمْ تُحْفَظْ وَلَمْ تُضَيَّعِ

يَقُولُ: لَمْ تُحْفَظْ لِعَفافها وَلَمْ تُضَيَّعْ مِمَّا يَقُوتها ويَصُونها، فَهِيَ نَاعِمَةٌ عَفِيفةٌ. والبَلْهاءُ مِنَ النِّسَاءِ: الكريمةُ المَزِيرةُ الغَرِيرةُ المُغَفَّلةُ. والتَّبَالُه: استعمالُ البَلَه. وتَبالَه أَي أَرى مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِهِ. والأَبْلَه: الرجلُ الأَحمق الَّذِي لَا تَمْيِيزَ لَهُ، وامرأَة بَلْهاء. والتَّبَلُّهُ: تطلُّبُ الضالَّة. والتَّبَلُّه: تَعَسُّفُ الطَّرِيقِ عَلَى غَيْرِ هِدَايَةٍ وَلَا مسأَلة؛ الأَخيرة عَنْ أَبي عَلِيٍّ. قَالَ الأَزهري: وَالْعَرَبُ تَقُولُ فلانٌ يتَبَلَّه تبَلُّهاً إِذا تعَسَّف طَرِيقًا لَا يَهْتَدِي فِيهَا وَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَى صَوْبِها؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:

عَلِهَتْ تَبَلَّهُ فِي نِهاءِ صُعائدٍ

وَالرِّوَايَةُ الْمَعْرُوفَةُ: عَلِهَتْ تَبَلَّدُ. والبُلَهْنِيَةُ: الرَّخاء وسَعَةُ العَيْش. وَهُوَ فِي بُلَهْنِيةٍ مِنَ الْعَيْشِ أَي سعَةٍ، صَارَتِ الأَلف يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. وَعَيْشٌ أَبْلَهُ: واسعٌ قليلُ الغُمومِ؛ وَيُقَالُ: شابٌّ أَبْلَه لِمَا فِيهِ مِنَ الغَرارة، يُوصَفُ بِهِ كَمَا يوصفُ بالسُّلُوّ والجُنُونِ لِمُضَارَعَتِهِ هَذِهِ الأَسبابَ. قَالَ الأَزهري: الأَبْلَهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى وجوهٍ: يُقَالُ عَيْش أَبْلَه وشبابٌ أَبْلَه إِذا كَانَ نَاعِمًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:

إِمّا تَرَيْنِي خَلَقَ المُمَوَّهِ، ... بَرّاقَ أَصْلادِ الجَبينِ الأَجْلَهِ،

بعدَ غُدانِيِّ الشَّبابِ الأَبْلَهِ

يُرِيدُ النَّاعِمَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ خَلَقَ المُمَوَّه، يُرِيدُ خَلَقَ الْوَجْهَ الَّذِي قَدْ مُوِّه بِمَاءِ الشَّبَابِ، ومنه أُخذ


(١). قوله [سيشتغل] كذا بضبط الأَصل والمحكم، وقد نص القاموس على ندور مشتغل بفتح الغين

<<  <  ج: ص:  >  >>