للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَلي العُلْبةَ، وَالَّذِي يَلِي العُلْبة يُقَالُ لَهُ المُعَلِّي. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُسْتَذلُّ ويُسْتَضْعف: اسْتُ أُمِّك أَضْيَقُ واسْتُكَ أَضْيَقُ مِنْ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذَا استُذِلُّوا واسْتُخِفَّ بِهِمْ: باسْتِ بَنِي فُلانٍ، وَهُوَ شَتْمٌ لِلْعَرَبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الحُطَيئة:

فبِاسْتِ بَني عَبْسٍ وأَسْتاهِ طَيِءٍ، ... وباسْتِ بَني دُودانَ حَاشَا بَني نَصْرِ «١»

. وسَتَهْتُه أَسْتَهُه سَتْهاً: ضربتُ اسْتَه. وَجَاءَ يَسْتَهُه أَي يَتْبعه مِنْ خَلْفِهِ لَا يُفَارِقُهُ لأَنه يَتْلُو اسْتَه؛ وأَما قَوْلُ الأَخطل:

وأَنتَ مكانُك مِنْ وائلٍ، ... مَكانَ القُرادِ مِنَ اسْتِ الجَملْ

فَهُوَ مَجَازٌ لأَنهم لَا يَقُولُونَ فِي الْكَلَامِ اسْتُ الجَمل. الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ فِيمَا قرأْتُ بِخَطِّهِ: الْعَرَبُ تُسَمِّي بَنِي الأَمة بَني اسْتِها؛ قَالَ: وأَقرأَني ابنُ الأَعرابي للأَعشى:

أَسَفَهاً أَوْعَدْتَ يَا ابْنَ اسْتِهَا، ... لَسْتَ عَلَى الأَعْداءِ بالقادِرِ

وَيُقَالُ لِلَّذِي وَلَدَتْهُ أَمَة: يَا ابْنَ اسْتِها، يَعْنُونَ اسْتَ أَمة وَلَدَتْهُ أَنه وُلِدَ مِنِ اسْتِها. وَمِنْ أَمثالهم فِي هَذَا الْمَعْنَى: يَا ابْنَ اسْتِها إِذَا أَحْمَضَتْ حِمارَها. قَالَ المؤرِّجُ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَلَى رأْسه وَصِيفَةٌ رُوقَةٌ فأَحَدَّ النَّظَر إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: أَتُعْجِبُكَ؟ فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لأَمير الْمُؤْمِنِينَ فِيهَا فَقَالَ: أَخبرني بِسَبْعَةِ أَمثال قِيلَتْ فِي الاسْتِ وَهِيَ لَكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: اسْتُ الْبَائِنِ أَعْلَمُ، فَقَالَ: وَاحِدٌ، قَالَ: صَرَّ عَلَيْهِ الغَزْوُ اسْتَهُ، قَالَ: اثْنَانِ، قَالَ: اسْتٌ لَمْ تُعَوَّدِ المِجْمَر، قَالَ: ثَلَاثَةٌ، قَالَ: اسْتُ المَسْؤول أَضْيَقُ، قَالَ: أَربعة، قَالَ: الحُرُّ يُعْطِي والعَبْدُ تَأْلَمُ اسْتُهُ، قَالَ: خَمْسَةٌ، قَالَ الرَّجُلُ: اسْتي أَخْبَثِي، قَالَ: سِتَّةٌ، قَالَ: لَا ماءَكِ أَبْقَيْتِ وَلَا هَنَكِ أَنْقَيْتِ، قَالَ سُلَيْمَانُ: لَيْسَ هَذَا فِي هَذَا، قَالَ: بَلَى أَخذتُ الجارَ بالجارِ كَمَا يأْخذ أَمير الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ أَوَّل مَنْ أَخذ الْجَارَ بِالْجَارِ، قَالَ: خُذْها لَا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا قَوْلُهُ: صَرَّ عَلَيْهِ الغَزْوُ اسْتَهُ لأَنه لَا يَقْدِرُ أَن يُجَامِعَ إِذَا غَزَا.

سده: السَّدَهُ والسُّداهُ: شَبِيهٌ بالدَّهَشِ، وقد سُدِهَ.

سفه: السَّفَهُ والسَّفاهُ والسَّفاهة: خِفَّةُ الحِلْم، وَقِيلَ: نَقِيضُ الحِلْم، وأَصله الْخِفَّةُ وَالْحَرَكَةُ، وَقِيلَ: الْجَهْلُ وَهُوَ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ. وَقَدْ سَفِهَ حِلْمَه ورأْيَه ونَفْسَه سَفَهاً وسَفاهاً وسَفاهة: حَمَلَهُ عَلَى السَّفَهِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هَذَا هُوَ الْكَلَامُ الْعَالِي، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ سَفُه، وَهِيَ قَلِيلَةٌ. وَقَوْلُهُمْ: سَفِهَ نَفْسَهُ وغَبِنَ رَأْيَه وبَطِرَ عَيْشَه وأَلِمَ بَطْنَه ووَفِقَ أَمْرَه ورَشِدَ أَمْرَه، كَانَ الأَصلُ سَفِهَتْ نفسُ زَيْدٍ ورَشِدَ أَمْرُه، فَلَمَّا حُوِّل الْفِعْلُ إِلَى الرَّجُلِ انْتَصَبَ مَا بَعْدَهُ بِوُقُوعِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ، لأَنه صَارَ فِي مَعْنَى سَفَّهَ نَفْسَه، بِالتَّشْدِيدِ؛ هَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكِسَائِيِّ، وَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ تَقْدِيمُ هَذَا الْمَنْصُوبِ كَمَا يَجُوزُ غلامَه ضَرَبَ زيدٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَمَّا حُوِّل الفعلُ مِنَ النَّفْسِ إِلَى صَاحِبِهَا خَرَجَ مَا بَعْدَهُ مُفَسِّراً لِيَدُلَّ عَلَى أَن السَّفَه فِيهِ، وَكَانَ حُكْمُهُ أَن يَكُونَ سَفِه زيدٌ نَفْساً، لأَن المُفَسِّر لَا يَكُونُ إِلَّا نَكِرَةً، وَلَكِنَّهُ تُرِكَ عَلَى إِضَافَتِهِ وَنُصِبَ كَنَصْبِ النَّكِرَةِ تَشْبِيهًا بِهَا، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ تَقْدِيمُهُ لأَن الْمُفَسِّرَ لَا يتقدَّم؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ: ضِقْتُ بِهِ ذَرْعاً وطَبْتُ بِهِ نَفْساً، وَالْمَعْنَى ضَاقَ ذَرْعي بِهِ وَطَابَتْ


(١). قوله [فباست بني عبس] الذي في الجوهري: بني قيس، لكن صوب الصاغاني الأول

<<  <  ج: ص:  >  >>