تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بَلَغَنَا أَنهم النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ الصِّغَارُ لأَنهم جُهّال بِمَوْضِعِ النَّفَقَةِ. قَالَ: وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: النساءُ أَسْفَهُ السُّفهاء.
وَفِي التَّهْذِيبِ: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ
، يَعْنِي المرأَة وَالْوَلَدَ، وَسُمِّيَتْ سَفِيهَةً لِضَعْفِ عَقْلِهَا، ولأَنها لَا تُحْسِنُ سِيَاسَةَ مَالِهَا، وَكَذَلِكَ الأَولاد مَا لَمْ يُؤنَس رُشْدُهم.
وقولُ الْمُشْرِكِينَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُسَفِّه أَحْلامنا
، مَعْنَاهُ أَتُجَهِّلُ أَحْلامَنا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً
؛ السَّفِيهُ: الخفيفُ الْعَقْلِ مِنْ قَوْلِهِمْ تَسَفَّهَتِ الرِّياحُ الشيءَ إِذَا اسْتَخَفَّتْهُ فَحَرَّكَتْهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: السَّفِيهُ الْجَاهِلُ وَالضَّعِيفُ الأَحمق؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْجَاهِلُ هَاهُنَا هُوَ الْجَاهِلُ بالأَحكام لَا يُحْسِنُ الإِملال وَلَا يَدْرِي كَيْفَ هُوَ، وَلَوْ كَانَ جَاهِلًا فِي أَحواله كُلِّهَا مَا جَازَ لَهُ أَن يُداين؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَعْنَاهُ إِنْ كَانَ جَاهِلًا أَو صَغِيرًا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّفِيهُ الْجَاهِلُ بالإِملال. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا خطأٌ لأَنه قَدْ قَالَ بَعْدَ هَذَا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ. وسَفُه عَلَيْنَا، بِالضَّمِّ، سَفاهاً وسَفاهَةً وسَفِهَ، بِالْكَسْرِ، سَفَهاً، لُغَتَانِ، أَي صَارَ سَفِيهًا، فَإِذَا قَالُوا سَفِهَ نَفْسَه وسَفِهَ رَأْيَه لَمْ يَقُولُوهُ إلَّا بِالْكَسْرِ، لأَن فَعُلَ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا. ووادٍ مُسْفَه: مَمْلُوءٌ كأَنه جَازَ الحدَّ فسَفُهَ، فمُسْفَه عَلَى هَذَا مُتَوَهَّم مِنْ بَابٍ أَسْفَهْتُه وَجَدْته سَفِيهًا؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرِّقاع:
فَمَا بِهِ بَطْنُ وادٍ غِبَّ نَضْحَتِه، ... وَإِنْ تَراغَبَ، إِلَّا مُسْفَهٌ تَئِقُ
والسَّفَهُ: الخِفَّة. وَثَوْبٌ سَفِيهٌ لَهْلَهٌ سَخِيف. وتَسَفَّهَتِ الرياحُ: اضطَرَبت: وتَسَفَّهت الريحُ الغُصونَ: حرَّكتها وَاسْتَخَفَّتْهَا؛ قَالَ:
مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِماحٌ تَسَفَّهَتْ ... أَعالِيَها مَرُّ الرِّياحِ النَّواسِمِ
وتَسَفَّهَتِ الريحُ الشجرَ أَي مَالَتْ بِهِ. وَنَاقَةٌ سَفِيهة الزِّمامِ إِذَا كَانَتْ خَفِيفَةَ السَّيْرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ سَيْفًا:
وأَبْيَضَ مَوْشِيِّ القَمِيصِ نَصَبْتُه ... عَلَى ظَهْرِ مِقْلاتٍ سَفِيهٍ جَديلُها
يَعْنِي خفيفٍ زِمامُها، يُرِيدُ أَن جَدِيلَهَا يَضْطَرِبُ لِاضْطِرَابِ رأْسها. وسافَهَتِ الناقةُ الطريقَ إِذَا خَفَّتْ فِي سَيْرِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَحْدُو مَطِيَّاتٍ وقَوْماً نُعَّسا ... مُسافِهاتٍ مُعْمَلًا مُوَعَّسا
أَراد بالمُعْمَلِ المُوعَّسِ الطريقَ الْمَوْطُوءَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَما قَوْلُ خَلَفِ بْنِ إِسْحاَقَ البَهْرانيّ:
بعَثْنا النَّواعِجَ تَحْتَ الرِّحالْ، ... تَسافَهُ أَشْداقُها فِي اللُّجُمْ
فَإِنَّهُ أَراد أَنها تَترامى بلُغامِها يَمْنةً ويَسْرَة، كَقَوْلِ الجَرْمي:
تَسافَهُ أَشْداقُها باللُّغامْ، ... فتَكْسُو ذَفارِيَها والجُنُوبا
فَهُوَ مِنْ تَسافُهِ الأَشْداق لَا تَسافُهِ الجُدُلِ، وأَما المُبَرّدُ فَجَعَلَهُ مِنْ تَسافُه الجُدُل، والأَول أَظهر. وسَفِه الماءَ يَسْفَهُه سَفْهاً: أَكثر شُرْبَهُ فَلَمْ يَرْوَ، وَاللَّهُ أَسْفَهه إِيَّاهُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: سَفِهْتُ الماءَ وسافَهْتُه شَرِبْتَهُ بِغَيْرِ رِفْقٍ. وسَفِهْتُ الشرابَ، بِالْكَسْرِ، إِذَا أَكثرت مِنْهُ فَلَمْ تَرْوَ، وأَسْفَهَكَه اللَّهُ. وسافَهْتُ الدَّنَّ أَو الوَطْبَ: قاعَدْتُه فشَرِبْتُ مِنْهُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ. وسافَهْتُ الشرابَ إِذَا أَسرفت