بمُنْخَرَقٍ تَحِنُّ الرِّيحُ فيهِ ... حَنِينَ الجُلْبِ [الجِلْبِ] في البَلَدِ السِّنينِ
الأَصمعي: أَرضُ بني فلان سَنَةٌ إِذَا كَانَتْ مُجْدِبةً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وبُعِثَ رائدٌ إِلَى بَلَدٍ فَوَجَدَهُ مُمْحِلًا فَلَمَّا رَجَعَ سُئلَ عَنْهُ فَقَالَ السَّنَةُ، أَراد الجُدُوبة. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى مُضَر بالسَّنة
؛ السَّنَةُ: الجَدْبُ. يُقَالُ: أَخذتهم السنةُ إِذَا أَجْدبوا وأُقحِطُوا، وَهِيَ مِنَ الأَسماء الْغَالِبَةِ نَحْوَ الدَّابَّةِ فِي الْفَرَسِ وَالْمَالِ فِي الإِبل، وَقَدْ خَصُّوهَا بِقَلْبِ لَامِهَا تَاءً فِي أَسْنَتُوا إِذَا أَجْدبوا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه كَانَ لَا يُجيز نِكَاحًا عامَ سَنَةٍ
أَي عامَ جَدْبٍ، يَقُولُ: لَعَلَّ الضِّيقَ يَحْمِلُهُمْ عَلَى أَن يُنْكِحُوا غيرَ الأَكْفاء، وَكَذَلِكَ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
كَانَ لَا يَقْطَعُ فِي عَامِ سنةٍ
، يَعْنِي السارقَ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَة: فأَصابتنا سُنَيَّةٌ حمراءُ
أَي جَدْبٌ شَدِيدٌ، وَهُوَ تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ عَلَى قُرَيْشٍ:
أَعنِّي عَلَيْهِمْ بسِنينَ كسِني يوسفَ
؛ هِيَ الَّتِي ذَكَرها اللهُ فِي كِتَابِهِ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ أَي سَبْعُ سِنِينَ فِيهَا قَحْطٌ وجَدْبٌ، والمُعاملة مِنْ وَقْتِهَا مُسانَهةٌ. وسانَهه مُسانَهةً وسِنَاهاً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: عامَلَه بالسَّنةِ أَو استأْجره لَهَا. وسَانَهتِ النخلةُ، وَهِيَ سَنْهاءُ: حَمَلَتْ سَنَةً وَلَمْ تَحْمِلْ أُخرى؛ فأَما قَوْلُ بَعْضِ الأَنصار، هُوَ سُوَيْد بْنُ الصَّامِتِ:
فلَيْسَتْ بسَنهاء وَلَا رُجَّبِيَّةٍ، ... ولكنْ عَرايا فِي السِّنينِ الجَوائحِ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَمْ تُصِبْهَا السَّنةُ المُجْدِبة. والسَّنْهاء: الَّتِي أَصابتها السنةُ المُجْدِبةُ، وَقَدْ تَكُونُ النخلةَ الَّتِي حَمَلَتْ عَامًا وَلَمْ تَحْمِلْ آخَرَ، وَقَدْ تَكُونُ الَّتِي أَصابها الجَدْبُ وأَضَرَّ بِهَا فنَفَى ذَلِكَ عَنْهَا. الأَصمعي: إِذَا حَمَلَتِ النَّخْلَةُ سَنَةً وَلَمْ تَحْمِلْ سَنَةً قِيلَ قَدْ عاوَمَتْ وسانَهَتْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ للسَّنَة الَّتِي تَفْعَلُ ذَلِكَ سَنْهاء. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ
، وَهُوَ أَن يَبِيعَ ثَمَرَةَ نَخْلِهِ لأَكثر مِنْ سَنَةٍ؛ نَهَى عَنْهُ لأَنه غَرَرٌ وبيعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ، وَهُوَ مِثْلُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
أَنه نَهَى عَنِ المُعاومة.
وَفِي حَدِيثِ
حَليمةَ السَّعْدِيةِ: خَرَجْنَا نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاء بِمَكَّةَ فِي سنةٍ سَنْهاء
أَي لَا نباتَ بِهَا وَلَا مَطَرَ، وَهِيَ لَفْظَةٌ مَبْنِيَّةٌ مِنْ السَّنةِ كَمَا يُقَالُ لَيْلَةٌ لَيْلاءُ ويومٌ أَيْوَمُ، وَيُرْوَى:
فِي سَنَةٍ شَهْباء.
وأَرضُ بَنِي فُلَانٍ سَنَةٌ أَي مُجْدِبة. أَبو زَيْدٍ: طَعَامٌ سَنِةٌ وسَنٍ إِذَا أَتتْ عَلَيْهِ السِّنُونَ. وسَنِهَ الطعامُ والشرابُ سَنَهاً وتَسَنَّه: تَغَيَّرَ، وَعَلَيْهِ وَجَّهَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ
؛ والتَّسَنُّهُ: التَّكَرُّجُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الخُبْزِ وَالشَّرَابِ وَغَيْرِهِ، تَقُولُ مِنْهُ: خُبْزٌ مُتَسَنِّهٌ. وَفِي الْقُرْآنِ: لَمْ يَتَسَنَّهْ
؛ لَمْ تُغَيِّرْهُ السِّنُونَ، وَمَنْ جَعَلَ حَذْفَ السَّنَةِ وَاوًا قرأَ لَمْ يَتَسنَّ، وَقَالَ سانَيته مُساناة، وإِثبات الْهَاءِ أَصوب. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَمْ يَتَسَنَّهْ
؛ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِمُرُورِ السِّنِينَ عَلَيْهِ، مأْخوذ مِنَ السَّنَةِ، وَتَكُونُ الْهَاءُ أَصلية مِنْ قَوْلِكَ بِعْتُهُ مُسانهة، تُثْبِتُ وَصْلًا وَوَقْفًا، وَمَنْ وَصَلَهُ بِغَيْرِ هَاءٍ جَعَلَهُ مِنَ المُساناة لأَن لَامَ سَنَةٍ تَعْتَقِبُ عَلَيْهَا الْهَاءُ وَالْوَاوُ، وَتَكُونُ زَائِدَةً صِلَةً بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ؛ فَمَنْ جَعَلَ الْهَاءَ زَائِدَةً جَعَلَ فَعَلْتَ مِنْهُ تَسَنَّيْتَ، أَلا تَرَى أَنك تَجْمَعُ السَّنَةَ سَنَوَاتٍ فَيَكُونُ تَفَعَّلْتُ عَلَى صِحَّةٍ؟ وَمَنْ قَالَ فِي تَصْغِيرِ السَّنَةِ سُنينة، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَلِيلًا، جَازَ أَن يَقُولَ تَسَنَّيْتُ تَفَعَّلْتُ، أُبدلت النُّونُ يَاءً لَمَّا كَثُرَتِ النُّونَاتُ، كَمَا قَالُوا تَظَنَّيْتُ وأَصله الظَّنُّ، وَقَدْ قَالُوا هُوَ مأْخوذ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ*؛