للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتَأَوَّتْ له قَرَاضِبَةٌ مِنْ ... كُلِّ حيٍّ، كأَنهم أَلقاءُ

وإِذا أَمرتَ مِنْ أَوَى يَأْوِي قَلْتَ: ائْوِ إِلى فُلَانٍ أَي انضمَّ إِليه، وأَوِّ لِفُلَانٍ أَي ارْحمه، والافتعالُ مِنْهُمَا ائْتَوَى يَأْتَوِي. وأَوَى إِليه أَوْيَةً وأَيَّةً ومَأْوِيَةً ومَأْوَاةً: رَقَّ ورَثى لَهُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

بانَ الخَلِيطُ وَلَمْ يَأْوُوا لمنْ تَرَكُوا «٢»

. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُخَوِّي فِي سُجُودِهِ حَتَّى كُنَّا نَأْوِي لَهُ

؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَى قوله

كنا نَأْوِي لَهُ

بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ كُنَّا نَرْثي لَهُ ونُشْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ شدَّة إِقلاله بَطْنَه عَنِ الأَرض ومَدِّه ضَبُعَيْه عَنْ جَنْبَيه. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

كَانَ يُصَلِّي حَتَّى كنتُ آوِي لَهُ

أَي أَرِقُّ لَهُ وأَرثي. وَفِي حَدِيثِ

الْمُغِيرَةِ: لَا تَأْوِي مِنْ قلَّة

أَي لَا تَرْحَمُ زَوْجَهَا وَلَا تَرِقُّ لَهُ عِنْدَ الإِعدام؛ وَقَوْلُهُ:

أَراني، وَلَا كُفْرانَ لِلَّهِ، أَيَّةً ... لنَفْسِي، لَقَدْ طالَبْتُ غيرَ مُنِيلِ

فإِنه أَراد أَوَيْتُ لِنَفْسِي أَيَّةً أَي رَحِمْتُهَا ورَقَقْتُ لَهَا؛ وَهُوَ اعْتِرَاضٌ وقولُه: وَلَا كُفْرَانَ لِلَّهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا كُفْرَانَ لِلَّهِ، قَالَ أَي غَيْرِ مُقْلَق مِنَ الفَزَع، أَراد لَا أَكفر لِلَّهِ أَيَّةً لِنَفْسِي، نَصَبَهُ لأَنه مَفْعُولٌ لَهُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَوَيْت لِفُلَانٍ أَوْيَةً وأَيَّةً، تُقْلَبُ الْوَاوُ يَاءً لِسُكُونِ مَا قَبْلَهَا وَتُدْغَمُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْيَاءِ وَسَبْقِهَا بِالسُّكُونِ. واسْتَأْوَيْتُه أَي اسْتَرحمته استِيواءً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

عَلَى أَمْرِ مَنْ لَمْ يُشْوِني ضُرُّ أَمْرِه، ... وَلَوْ أَنِّيَ اسْتَأْوَيْتُه مَا أَوَى لِيَا

وأَما حَدِيثُ

وَهْبٍ: إِن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ إِني أَوَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَن أَذْكُرَ مَنْ ذَكَرَنِي

، قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْقُتَيْبِيُّ هَذَا غَلَطٌ إِلا أَن يَكُونَ مِنَ الْمَقْلُوبِ، وَالصَّحِيحُ وَأَيْتُ عَلَى نَفْسِي مِنَ الوَأْي الوَعْدِ، يَقُولُ: جَعَلْتُهُ وَعْداً عَلَى نَفْسِي. وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ حَدِيثُ الرُّؤْيَا:

فاسْتَأَى لَهَا

؛ قَالَ: بِوَزْنِ اسْتَقى، ورُوي: فاسْتاء لَهَا، بِوَزْنِ اسْتاق، قَالَ: وَكِلَاهُمَا مِنَ المَساءَة أَي ساءَتْه، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي تَرْجَمَةِ سوأَ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ اسْتالَها بِوَزْنٍ اخْتارَها فَجَعَلَ اللَّامَ مِنَ الأَصل، أَخذه مِنَ التأْويل أَي طَلَبَ تأْويلَها، قَالَ: وَالصَّحِيحُ الأَول. أَبو عَمْرٍو: الأُوَّة الدَّاهِيَةُ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ. قَالَ: وَيُقَالُ مَا هِيَ إِلا أُوَّةٌ مِنَ الأُوَوِ يَا فَتَى أَي داهيةٌ مِنَ الدَّوَاهِي؛ قَالَ: وَهَذَا مِنْ أَغرب مَا جَاءَ عَنْهُمْ حَتَّى جَعَلُوا الْوَاوَ كَالْحَرْفِ الصَّحِيحِ فِي مَوْضِعِ الإِعراب فَقَالُوا الأُوَوُ، بِالْوَاوِ الصَّحِيحَةِ، قَالَ: وَالْقِيَاسُ فِي ذَلِكَ الأُوَى مِثَالُ قُوّة وقُوىً، وَلَكِنْ حُكِيَ هَذَا الْحَرْفُ مَحْفُوظًا عَنِ الْعَرَبِ. قَالَ الْمَازِنِيُّ: آوَّةٌ مِنَ الْفِعْلِ فاعلةٌ، قَالَ: وأَصله آوِوَةٌ فأُدغمت الْوَاوُ فِي الْوَاوِ وشُدّت، وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: هُوَ مِنَ الْفِعْلِ فَعْلةٌ بِمَعْنَى أَوَّة، زِيدَتْ هَذِهِ الأَلف كَمَا قَالُوا ضَربَ حاقَّ رأْسه، فَزَادُوا هَذِهِ الأَلف؛ وَلَيْسَ آوَّه بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

تأَوَّه آهةَ الرجلِ الحَزينِ

لأَن الْهَاءَ فِي آوَّه زَائِدَةٌ وَفِي تأَوَّه أَصلية، أَلا تَرَى أَنهم يَقُولُونَ آوَّتًا، فَيَقْلِبُونَ الْهَاءَ تَاءً؟ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وَقَوْمٌ مِنَ الأَعراب يَقُولُونَ آوُوه، بِوَزْنِ عاوُوه، وَهُوَ مِنَ الْفِعْلِ فاعُولٌ، وَالْهَاءُ فِيهِ أَصلية. ابْنُ سِيدَهْ: أَوَّ لَهُ كَقَوْلِكَ أَوْلى لَهُ، وَيُقَالُ لَهُ أَوِّ مِنْ كَذَا، عَلَى مَعْنَى التَّحَزُّنِ، عَلَى مِثَالِ قَوِّ، وَهُوَ مِنْ مُضَاعَفِ الْوَاوِ؛ قَالَ:


(٢). عجزالبيت:
وَزَوَّدُوكَ اشْتِيَاقًا أَيَّةً سَلَكُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>