للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأَيَا: مِنْ حُرُوفِ النِّدَاءِ يُنادَى بِهَا الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، تَقُولُ أَيَا زيدُ أَقْبِل. وأَيْ، مِثَالُ كَيْ: حرفٌ يُنادَى بِهَا الْقَرِيبُ دُونَ الْبَعِيدِ، تَقُولُ أَيْ زيدُ أَقبل، وَهِيَ أَيضاً كَلِمَةٌ تَتَقَدَّمُ التَّفْسِيرَ، تَقُولُ أَيْ كَذَا بِمَعْنَى يُرِيدُ كَذَا، كَمَا أَن إِي بِالْكَسْرِ كَلِمَةٌ تَتَقَدَّمُ الْقَسَمَ، مَعْنَاهَا بَلَى، تَقُولُ إِي وَرَبِّي وإِي وَاللَّهِ. غَيْرُهُ أَيَا حَرْفُ نِدَاءٍ، وَتُبْدَلُ الْهَاءُ مِنَ الْهَمْزَةِ فَيُقَالُ: هَيَا؛ قَالَ:

فانْصَرَفَتْ، وَهِيَ حَصانٌ مُغْضَبَهْ، ... ورَفَعَتْ بصوتِها: هَيَا أَبَهْ

قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُرِيدُ أَيَا أَبَهْ، ثُمَّ أَبدل الْهَمْزَةَ هَاءً، قَالَ: وَهَذَا صَحِيحٌ لأَن أَيَا فِي النِّدَاءِ أَكثر مِنْ هَيَا، قَالَ: وَمِنْ خَفِيفِهِ أَيْ مَعْنَاهُ العبارةُ، وَيَكُونُ حَرْفَ نِدَاءٍ. وإِيْ: بِمَعْنَى نَعَمْ وَتُوصَلُ بِالْيَمِينِ، فَيُقَالُ إِي وَاللَّهِ، وَتُبْدَلُ مِنْهَا هَاءٌ فَيُقَالُ هِي. والآيَةُ: العَلامَةُ، وَزْنُهَا فَعَلَةٌ فِي قَوْلِ الْخَلِيلِ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلى أَن أَصلها أَيَّةٌ فَعْلَةٌ فَقُلِبَتِ الْيَاءُ أَلفاً لِانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، وَهَذَا قَلْبٌ شَاذٌّ كَمَا قَلَبُوهَا فِي حارِيّ وطائِيٍّ إِلا أَن ذَلِكَ قَلِيلٌ غَيْرُ مَقِيسٍ عَلَيْهِ، وَالْجُمَعُ آيَاتٌ وآيٌ، وآياءٌ جمعُ الْجَمْعِ نادرٌ؛ قَالَ:

لَمْ يُبْقِ هَذَا الدَّهْر، مِنْ آيَائِه، ... غيرَ أَثافِيهِ وأَرْمِدائِه

وأَصل آيَة أَوَيَةٌ، بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَمَوْضِعُ الْعَيْنِ وَاوٌ، وَالنِّسْبَةُ إِليه أَوَوِيّ، وَقِيلَ: أَصلها فَاعِلَةٌ فَذَهَبَتْ مِنْهَا اللَّامُ أَو الْعَيْنُ تَخْفِيفًا، وَلَوْ جَاءَتْ تَامَّةً لَكَانَتْ آيِيَةً. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ

؛ قَالَ الزَّجَاجُ: مَعْنَاهُ نُرِيهِمُ الآيَات الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّوْحِيدِ فِي الْآفَاقِ أَي آثارَ مَنْ مَضَى قَبْلَهُمْ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي كُلِّ الْبِلَادِ وَفِي أَنفسهم مِنْ أَنهم كَانُوا نُطَفاً ثُمَّ عَلَقاً ثُمَّ مُضَغاً ثُمَّ عِظَامًا كُسِيَتْ لَحْمًا، ثُمَّ نُقِلُوا إِلى التَّمْيِيزِ وَالْعَقْلِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَن الَّذِي فَعَلَهُ وَاحِدٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، تَبَارَكَ وَتَقَدَّسَ. وتَأَيَّا الشيءَ: تَعَمَّد آيَتَهُ أَي شَخْصَه. وآيَة الرَّجُلِ: شَخْصُه. ابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ: يُقَالُ تآيَيْتُه، عَلَى تَفاعَلْتُه، وتَأَيَّيْتُه إِذا تَعَمَّدَتْ آيَته أَي شَخْصَهُ وَقَصَدْتَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

الحُصْنُ أَدْنَى، لَوْ تَأَيَّيْتِهِ، ... مِنْ حَثْيِكِ التُّرْبَ عَلَى الراكبِ

يُرْوَى بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ لامرأَة تُخَاطِبُ ابْنَتَهَا وَقَدْ قَالَتْ لَهَا:

يَا أُمَّتي، أَبْصَرَني راكبٌ ... يَسيرُ فِي مُسْحَنْفِرٍ لاحِبِ

مَا زِلْتُ أَحْثُو التُّرْبَ فِي وَجْهِه ... عَمْداً، وأَحْمِي حَوزةَ الغائِبِ

فَقَالَتْ لَهَا أُمها:

الحُصْنُ أَدنى، لَوْ تَأَيَّيْته، ... مِنْ حَثْيِك التُّرْبَ عَلَى الراكبِ

قَالَ: وَشَاهِدُ تَآيَيْتُه قَوْلُ لَقيط بْنِ مَعْمَر الإِياديّ:

أَبْناء قَوْمٍ تَآيَوْكُمْ عَلَى حَنَقٍ، ... لَا يَشْعُرونَ أَضرَّ اللهُ أَم نَفَعَا

وَقَالَ لَبِيدٌ:

فَتَآيَا، بطَرِيرٍ مُرْهَفٍ، ... حُفْرَةَ المَحْزِمِ مِنْهُ، فَسَعَلْ

وَقَوْلُهُ تَعَالَى:

يُخْرجون الرَّسُولَ وإِيَّاكم

؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع فِي تَفْسِيرِ إِيَّا وَاشْتِقَاقِهِ شَيْئًا، قَالَ: وَالَّذِي أَظنه، وَلَا أَحقُّه، أَنه مأْخوذ مِنْ قَوْلِهِ تَآيَيْته عَلَى تَفَاعَلْتُهُ أَي تَعَمَّدْتُ آيَتَهُ وَشَخْصَهُ، وكأَنَّ إِيَّا اسْمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>