للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستَعْمَلَ غَيْرِي

، أَي خَيرَه وَمَا فِيهِ مِنَ السَّعةِ والنَّعْمةِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: والبَوَانِي فِي الأَصل أَضلاعُ الصَّدْر، وَقِيلَ: الأَكتافُ والقوائمُ، الْوَاحِدَةُ بَانِيَةٌ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَلْقَت السماءُ بَرْكَ بَوَانِيها

؛ يُرِيدُ مَا فِيهَا مِنَ الْمَطَرِ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ

أَلقى الشامُ بَوَانِيَه

، قَالَ: فَإِنَّ ابْنَ حَبْلَةَ «٢». رَوَاهُ هَكَذَا عَنْ أَبي عُبَيْدٍ، بِالنُّونِ قَبْلَ الْيَاءِ، وَلَوْ قِيلَ بَوائنه، الْيَاءُ قَبْلَ النُّونِ، كَانَ جَائِزًا. والبَوَائِنُ جَمْعُ البُوانِ، وَهُوَ اسْمُ كُلِّ عَمُودٍ فِي الْبَيْتِ مَا خَلا وَسَط الْبَيْتِ الَّذِي لَهُ ثَلَاثُ طَرائق. وبَنَيْتُ عَنْ حالِ الرّكِيَّة: نَحَّيْتُ الرِّشاء عَنْهُ لِئَلَّا يَقَعَ الترابُ عَلَى الْحَافِرِ. والبَانِي: العَرُوس الَّذِي يَبْني عَلَى أَهله؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

يَلُوحُ كأَنه مِصْباحُ بَانِي

وبَنَى فلانٌ عَلَى أَهله بِناءً، وَلَا يُقَالُ بأَهله، هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، وَحَكَى ابْنُ جِنِّيٍّ: بَنَى فُلَانٌ بأَهله وابْتَنَى بِهَا، عَدَّاهما جَمِيعًا بِالْبَاءِ. وَقَدْ زَفَّها وازْدَفَّها، قَالَ: وَالْعَامَّةُ تَقُولُ بَنَى بأَهله، وَهُوَ خطأٌ، وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وكأَنَّ الأَصلَ فِيهِ أَن الدَّاخِلَ بأَهله كَانَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا قُبَّةً لَيْلَةَ دُخُولِهِ لِيَدْخُلَ بِهَا فِيهَا فَيُقَالُ: بَنَى الرجلُ عَلَى أَهله، فَقِيلَ لِكُلِّ دَاخِلٍ بأَهله بَانٍ، وَقَدْ وَرَدَ بَنَى بأَهله فِي شِعْرِ جِرَانِ العَوْدِ قَالَ:

بَنَيْتُ بِهَا قَبْلَ المِحَاقِ بليلةٍ، ... فكانَ مِحَاقاً كُلُّه ذَلِكَ الشَّهْرُ

قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ جاءَ بَنَى بأَهله فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْحَدِيثِ وَغَيْرِ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَا يُقَالُ بَنَى بأَهله؛ وعادَ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي كِتَابِهِ. وَفِي حَدِيثِ

أَنس: كَانَ أَوَّلُ مَا أُنْزِلَ مِنَ الْحِجَابِ فِي مُبْتَنى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِزَيْنَبَ

؛ الابْتِنَاءُ والبِنَاء: الدخولُ بالزَّوْجةِ، والمُبْتَنَى هاهنا يُراد بِهِ الابْتِناءُ فأَقامه مُقَام الْمَصْدَرِ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَتَى تُبْنِيني

أَي تُدْخِلُني عَلَى زَوْجَتِي؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: حَقِيقَتُهُ مَتَى تَجْعَلُنِي أَبْتَنِي بِزَوْجَتِي. قَالَ الشَّيْخُ أَبو مُحَمَّدِ بْنُ بَرِّيٍّ: وجاريةٌ بَنَاةُ اللَّحْمِ أَي مَبْنِيَّةُ اللَّحْمِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

سَبَتْه مُعْصِرٌ، مِنْ حَضْرَمَوْتٍ، ... بَنَاةُ اللحمِ جَمَّاءُ العِظامِ

ورأَيت حَاشِيَةً هُنَا قَالَ: بَنَاةُ اللَّحْمِ فِي هَذَا الْبَيْتِ بِمَعْنَى طَيِّبةُ الرِّيحِ أَي طَيِّبَةُ رَائِحَةِ اللَّحْمِ؛ قَالَ: وَهَذَا مِنْ أَوهام الشَّيْخِ ابْنُ بَرِّيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

مِنْ بَنَى فِي دِيارِ العَجَمِ يَعْمَلُ نَيْرُوزَهُمْ ومَهْرَجَانَهم حُشِرَ مَعَهُمْ

؛ قَالَ أَبو مُوسَى: هَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ، وَالصَّوَابُ تَنَأ أَي أَقام، وسيأْتي ذكره.

بها: البَهْوُ: البيتُ المُقدَّمُ أَمام الْبُيُوتِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

تَنْتَقِلُ الْعَرَبُ بأبْهَائِها إِلَى ذِي الخَلَصَةِ

أَي بِبُيُوتِهَا، وَهُوَ جَمْعُ البَهْوِ البَيْتِ المعروفِ. والبَهْوُ: كِناسٌ وَاسْعٌ يَتَّخِذُهُ الثَّوْرُ فِي أَصل الأَرْطى، وَالْجُمَعُ أَبْهَاء وبُهِيٌّ وبِهِيٌّ وبُهُوٌّ. وبَهَّى البَهْوَ: عَمِلَهُ؛ قَالَ:

أَجْوَف بَهَّى بَهْوَهُ فاستَوْسَعَا

وَقَالَ:

رَأَيتُه فِي كلِّ بَهْوٍ دامِجَا

والبَهْوُ مِنْ كُلِّ حَامِلٍ: مَقْبَلُ الوَلد «٣». بَيْنَ الوركين.


(٢). قوله [ابن حبلة] هو هكذا في الأصل
(٣). قوله [مقبل الولد إلخ] كذا بالأصل بهذا الضبط وباء موحدة ومثله في المحكم، والذي في القاموس والتهذيب والتكملة: مقيل، بمثناة تحتية بعد القاف، بوزن كريم

<<  <  ج: ص:  >  >>