لَكُمْ مَسْجِدا اللَّهِ المَزُورانِ، والحَصَى ... لَكُمْ قِبْصُه مِنْ بَيْنِ أَثْرَى وأَقْتَرا
أَراد: مِنْ بَيْنِ مَنْ أَثْرَى وَمَنْ أَقتر أَي مِنْ بَيْنِ مُثْرٍ ومُقْترٍ، وَيُقَالُ: ثَرِيَ الرجلُ يَثْرَى ثَراً وثَرَاءً، مَمْدُودٌ، وَهُوَ ثَرِيٌّ إِذا كَثُر مَالُهُ، وَكَذَلِكَ أَثْرَى فَهُوَ مُثْرٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ إِنه لَذو ثَرَاء وثَرْوَة، يُرَادُ إِنه لَذُو عَدد وَكَثْرَةِ مَالٍ. وأَثْرَى الرجلُ وَهُوَ فَوْقَ الِاسْتِغْنَاءِ. ابْنُ الأَعرابي: إِن فُلَانًا لَقَرِيب الثَّرَى بَعِيد النَّبَط لِلَّذِي يَعِدُ وَلَا وَفَاءَ لَهُ. وثَرَيْتُ بِفُلَانٍ فأَنا بِهِ ثَرٍ وثَريءٌ وثَرِيٌّ أَي غَنِيٌّ عَنِ النَّاسِ بِهِ. والثَّرَى: التُّرَابُ النَّدِيٌّ، وَقِيلَ: هُوَ التُّرَابُ الذي إِذا بُلَّ لم يَصِرْ طِينًا لَازِبًا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما تَحْتَ الثَّرى
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه مَا تَحْتَ الأَرض، وَتَثْنِيَتُهُ ثَرَيانِ وثَرَوانِ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَالْجَمْعُ أَثْرَاء. وثَرىً مَثْرِيٌّ: بَالَغُوا بِلَفْظِ الْمَفْعُولِ كَمَا بَالَغُوا بِلَفْظِ الْفَاعِلِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قُلْنَا هَذَا لأَنه لَا فِعْلَ لَهُ فَنَحْمِلُ مَثْرِيَّه عَلَيْهِ. وثَرِيَتِ الأَرضُ ثَرىً، فَهِيَ ثَرِيَّةٌ: نَدِيَتْ ولانَتْ بَعْدَ الجُدُوبة واليُبْس، وأَثْرَتْ: كثُرَ ثَراها. وأَثْرَى الْمَطَرُ: بلَّ الثَّرَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِذا كَلْبٌ يأْكل الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ
أَي التُّرَابَ النَّدِيَّ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَرض ثَرِيَّةٌ إِذا اعْتَدَلَ ثَراها، فإِذا أَردت أَنها اعْتَقَدَت ثَرىً قُلْتَ أَثْرَتْ. وأَرض ثَرِيَّة وثَرْيَاء أَي ذَاتُ ثَرَىً ونَدىً. وثَرَّى فُلَانٌ الترابَ والسَّويقَ إِذا بَلَّه. وَيُقَالُ: ثَرِّ هَذَا المكانَ ثُمَّ قِفْ عَلَيْهِ أَي بُلَّهُ. وأَرض مُثْرِيَةٌ إِذا لَمْ يجِفَّ ترابُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأُتِي بِالسَّوِيقِ فأَمر بِهِ فَثُرِّيَ
أَي بُلَّ بِالْمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: أَنا أَعلم بِجَعْفَرٍ أَنه إِن عَلِمَ ثَرَّاه مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ أَطْعَمه
أَي بَلَّه وأَطعمه الناسَ. وَفِي حَدِيثِ خُبْزِ الشَّعِيرِ:
فَيَطِيرُ مِنْهُ مَا طَارَ وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْناه.
وثَرِيتُ بِفُلَانٍ فأَنا ثَرِيّ بِهِ أَي غَنِيٌّ عَنِ النَّاسِ بِهِ، وَرُوِيَ
عَنْ جَرِيرٍ أَنه قَالَ: إِني لأَكره الرَّحَى «١». مَخَافَةَ أَن تَسْتَفْرِعَنِي وَإِنِّي لأَراه كَآثَارِ الْخَيْلِ فِي الْيَوْمِ الثَّرِيّ.
أَبو عُبَيْدٍ: الثَّرْيَاء عَلَى فَعْلاء الثَّرَى؛ وأَنشد:
لَمْ يُبْقِ هَذَا الدَّهْرُ مِنْ ثَرْيَائِه ... غيرَ أَثافِيهِ وأَرْمِدائه
وأَما حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يُقْعِي ويُثَرِّي فِي الصَّلَاةِ
، فَمَعْنَاهُ أَنه كَانَ يَضَعُ يَدَيْهِ بالأَرض بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَلَا تُفَارِقَانِ الأَرض حَتَّى يُعِيدَ السُّجُودَ الثَّانِيَ، وَهُوَ مِنَ الثَّرَى التُّرَابُ لأَنهم أَكثر مَا كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى وَجْهِ الأَرض بِغَيْرِ حَاجِزٍ، وَهَكَذَا يَفْعَلُ مَنْ أَقْعَى؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ هَذَا حِينَ كَبِرت سنُّه فِي تَطَوُّعِهِ، والسُّنَّة رَفْعُ الْيَدَيْنِ عَنِ الأَرض بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وثَرَّى التُّرْبة: بَلَّها. وثَرَّيْتُ الْمَوْضِعَ تَثْرِيةً إِذا رَشَشته بِالْمَاءِ. وثَرَّى الأَقِط والسَّوِيق: صَبَّ عَلَيْهِ مَاءً ثُمَّ لَتَّه بِهِ. وَكُلُّ مَا نَدَّيته فَقَدْ ثَرَّيته. والثَّرَى: النَّدَى. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وَالْخَضِرِ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: فَبَيْنَا هُوَ فِي مَكَانٍ ثَرْيَانَ
؛ يُقَالُ: مَكَانٌ ثَرْيَانُ وأَرض ثَرْيَا إِذا كَانَ فِي تُرَابِهَا بَلَلٌ ونَدىً. والْتَقَى الثَّرَيانِ: وَذَلِكَ أَن يَجِيءَ الْمَطَرُ فيرسَخَ فِي الأَرض حَتَّى يَلْتَقِيَ هُوَ وَنَدَى الأَرض. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَبِس رَجُلٌ فَرْوًا دُونَ قَمِيصٍ فَقِيلَ التَقَى الثَّرَيَانِ، يَعْنِي شَعْرَ الْعَانَةِ ووَبَرَ الفَرْوِ. وَبَدَا ثَرَى الْمَاءِ مِنَ الْفَرَسِ: وَذَلِكَ حِينَ يَنْدَى بالعَرَق؛ قَالَ طُفَيل الغَنَويّ:
(١). قوله [إني لأكره الرحى إلخ] كذا بالأصل