للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَستَجرِيَنَّكُم الشيطانُ

أَي لَا يَسْتَغْلِبَنَّكُم؛ كَانَتِ الْعَرَبُ تَدْعُو السيدَ المِطْعامَ جَفْنةً لإِطعامه فِيهَا، وَجَعَلُوهَا غَرَّاءَ لِمَا فِيهَا مِنْ وَضَحِ السَّنامِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكم مِنَ الجَرِيِّ، وَهُوَ الْوَكِيلُ. تَقُولُ: جَرَّيْتُ جَرِيّاً واسْتَجْرَيْتُ جَرِيّاً أَي اتَّخَذْتُ وَكِيلًا؛ يَقُولُ: تَكَلَّموا بِمَا يَحْضُركم مِنَ الْقَوْلِ وَلَا تتَنَطَّعُوا وَلَا تَسْجَعُوا وَلَا تَتَكَلَّفُوا كأَنكم وُكَلَاءُ الشَّيْطَانِ ورُسُلُه كأَنما تَنْطِقُونَ عَنْ لِسَانِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَوْلُ الْقُتَيْبِيِّ وَلَمْ أَر الْقَوْمَ سَجَعُوا فِي كَلَامِهِمْ فَنَهَاهُمْ عَنْهَا، وَلَكِنَّهُمْ مَدَحُوا فكَرِهَ لَهُمُ الهَرْفَ فِي المَدْحِ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ، وَكَانَ ذَلِكَ تأْديباً لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ مِنَ الَّذِينَ يَمْدَحُونَ النَّاسَ فِي وُجُوهِهِمْ، وَمَعْنَى لَا يَسْتَجْرِيَنَّكم أَي لَا يَسْتتبعنكم فَيَتَّخِذَكُمْ جَرِيَّه ووكِيلَه، وَسُمِّيَ الوكيلُ جَرِيّاً لأَنه يَجْري مَجْرَى مُوَكِّله. والجَرِيُّ: الضامنُ، وأَما الجَرِيءُ المِقْدامُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْهَمْزِ. والجارِيَةُ: الفَتِيَّةُ مِنَ النِّسَاءِ بيِّنةُ الجَرَايَة والجَرَاءِ والجَرَى والجِرَاء والجَرَائِيَةِ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي. أَبو زَيْدٍ: جَارِيَةٌ بَيِّنَة الجَرَايَةِ والجَرَاء، وجَرِيّ بيِّنُ الجَرَايَةِ؛ وأَنشد الأَعشى:

والبِيضُ قَدْ عَنَسَتْ وطالَ جِرَاؤُها، ... ونَشَأْنَ فِي قِنٍّ وَفِي أَذْوادِ

وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده والبيضِ، بالخفضِ، عَطَفَ عَلَى الشَّرْبِ فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ:

وَلَقَدْ أُرَجِّلُ لِمَّتي بعَشِيَّةٍ ... للشَّرْبِ، قَبْلَ سَنابِك المُرْتادِ

أَي أَتزين للشَّرْبِ وللبِيضِ. وَقَوْلُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ فِي أَيام جَرَائها، بِالْفَتْحِ، أَي صِباها. والجِرِّيُّ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ. والجِرِّيَّة: الحَوْصَلة، وَمَنْ جَعَلَهُمَا ثُنَائِيَيْنِ فَهُمَا فِعْلِيٌّ وفِعْلِيَّة، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ أَلْقِه فِي جِرِّيَّتِكَ، وَهِيَ الحَوْصلة. أَبو زَيْدٍ: هِيَ القِرِّيَّةُ والجِرِّيَّةُ والنَّوْطَةُ لِحَوْصَلَةِ الطَّائِرِ؛ هَكَذَا رَوَاهُ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ نَجْدَةَ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وأَما ابنُ هَانِئٍ: فإِنه الجرِيئَةُ، مَهْمُوزٌ، لأَبي زيد.

جَزِيَ: الجَزاءُ: المُكافأَة عَلَى الشَّيْءِ، جَزَاه بِهِ وَعَلَيْهِ جَزَاءً وجَازَاه مُجَازَاةً وجِزَاءً؛ وَقَوْلُ الحُطَيْئة:

منْ يَفْعَلِ الخَيْرَ لَا يَعْدَمْ جَوَازِيَهُ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ جِنِّي: ظَاهِرُ هَذَا أَن تَكُونَ جَوَازِيَه جَمْعُ جازٍ أَي لَا يَعْدَم جَزاءً عَلَيْهِ، وجَازَ أَن يُجْمَع جَزَاءٌ عَلَى جَوَازٍ لِمُشَابَهَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ لِلْمَصْدَرِ، فَكَمَا جُمِعَ سَيْلٌ عَلَى سَوائِل كَذَلِكَ يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَوَازِيَهُ جَمْعَ جَزَاءٍ. واجْتَزَاه: طَلبَ مِنْهُ الجَزاء؛ قَالَ:

يَجْزُونَ بالقَرْضِ إِذا مَا يُجْتَزَى

والجَازِيَةُ: الجَزاءُ، اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ كالعافِية. أَبو الْهَيْثَمِ: الجَزَاءُ يَكُونُ ثَوَابًا وَيَكُونُ عِقَابًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ، قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ

؛ قَالَ: مَعْنَاهُ فَمَا عُقُوبته إِنْ بَانَ كَذِبُكم بأَنه لَمْ يَسْرِقْ أَي مَا عُقُوبة السَّرِقِ عِنْدَكُمْ إِن ظَهَر عَلَيْهِ؟ قَالُوا: جَزَاءُ السَّرِقِ عِنْدَنَا مَنْ وُجِدَ فِي رَحْله أَي الْمَوْجُودُ فِي رَحْلِهِ كأَنه قَالَ جَزاء السَّرِقِ عِنْدَنَا اسْتِرْقَاقُ السارِقِ الَّذِي يُوجَدُ فِي رَحْله سُنَّة، وَكَانَتْ سُنَّةَ آلِ يَعْقُوبَ. ثُمَّ وَكَّده فَقَالَ فَهُوَ جَزاؤُهُ

. وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ جَزَيْته وجازَيْته فَقَالَ: قَالَ الْفَرَّاءُ لَا يَكُونُ جَزَيْتُه إِلَّا فِي الْخَيْرِ وجَازَيْته يَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، قَالَ: وَغَيْرُهُ يُجِيزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>