للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتَّجَنّي: مِثْلُ التَّجَرُّمِ وَهُوَ أَن يدَّعي عَلَيْكَ ذَنْبًا لَمْ تَفْعَلْهُ. وجَنَيْتُ الثَّمَرةَ أَجْنِيها جَنًى واجْتَنَيْتُها بِمَعْنًى، ابْنُ سِيدَهْ: جَنَى الثَّمرة وَنَحْوَهَا وتَجَنَّاها كلُّ ذَلِكَ تَناولها مِنْ شَجَرَتِهَا، قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذا دُعِيَتْ بِمَا فِي البَيْتِ قالتْ: ... تَجَنَّ مِنِ الجِذَالِ وَمَا جنيتُ

قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هَذَا شَاعِرٌ نَزَلَ بِقَوْمٍ فقَرَوْهُ صَمْغاً وَلَمْ يأْتوه بِهِ، وَلَكِنْ دَلُّوه عَلَى مَوْضِعِهِ وَقَالُوا اذْهَبْ فاجْنِه، فَقَالَ هَذَا البيتَ يَذُمُّ بِهِ أُمَّ مَثْواه، وَاسْتَعَارَهُ أَبو ذُؤَيْبٍ للشَّرَف فَقَالَ:

وَكِلَاهُمَا قَدْ عاشَ عِيشةَ ماجِدٍ، ... وجَنَى العَلاءَ، لَوْ انَّ شَيْئًا يَنْفَعُ

وَيُرْوَى: وجَنَى العُلَى لَوْ أَنَّ. وجَنَاها لَهُ وجَنَاه إِياها. أَبو عُبَيْدٍ: جَنَيْتُ فُلَانًا جَنًى أَي جنَيْتُ لَهُ، قَالَ:

وَلَقَدْ جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَساقِلًا، ... وَلَقَدْ نَهَيْتُك عَنْ بَناتِ الأَوْبَرِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن أَمير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ، دَخَلَ بَيْتَ الْمَالِ فَقَالَ يَا حَمْراءُ وَيَا بيضاءُ احْمَرِّي وابْيَضِّي وغُرِّي غَيْرِي

: هَذَا جَنايَ وخِيارُه فيهْ، ... إِذ كُلُّ جَانٍ يَدُه إِلَى فِيهْ

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُضْرَبُ هَذَا مَثَلًا لِلرَّجُلِ يُؤثِر صَاحِبَهُ بِخِيَارِ مَا عِنْدَهُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَذَكَرَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ أَن الْمَثَلَ لِعَمْرِو بْنِ عَدِيٍّ اللَّخْمِيِّ ابْنِ أُخت جَذِيمةَ، وَهُوَ أَوَّل مَنْ قَالَهُ، وأَن جَذِيمة نَزَلَ مَنْزِلًا وأَمر النَّاسَ أَن يَجْتَنُوا لَهُ الكَمْأَةَ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَسْتَأْثر بِخَيْرِ مَا يَجِدُ ويأْكل طَيّبَها، وعَمْرٌو يأْتيه بِخَيْرِ مَا يَجِدُ وَلَا يأْكل مِنْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَتَى بِهَا خَالَه جَذِيمةَ قَالَ:

هَذَا جَنَايَ وخِيارُه فيهْ، ... إِذ كُلُّ جَانٍ يَدُه إِلى فِيهْ

وأَراد عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ، بِقَوْلِ ذَلِكَ أَنه لَمْ يَتَلَطَّخْ بِشَيْءٍ مِنْ فَيْء الْمُسْلِمِينَ بَلْ وَضَعه مَوَاضِعَهُ. والجَنَى: مَا يُجْنَى مِنَ الشَّجَرِ، وَيُرْوَى:

هَذَا جَنَايَ وَهِجَانُهُ فِيهْ

أَي خِيارُه. وَيُقَالُ: أَتانا بجَنَاةٍ طَيِّبةٍ لِكُلِّ مَا يُجْتَنَى، ويُجْمعُ الجَنَى عَلَى أَجْنٍ مِثْلَ عَصاً وأَعْصٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أُهْدِيَ لَهُ أَجْنٍ زُغْبٌ

، يُرِيدُ القِثَّاءَ الغَضَّ، هَكَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَالْمَشْهُورُ أَجْرٍ، بِالرَّاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والجَنَى كُلُّ مَا جُنِيَ حَتَّى القُطْنُ والكَمْأَةُ، واحدتُهُ جَنَاةٌ، وَقِيلَ: الجَنَاةُ كالجَنَى، قَالَ: فَهُوَ عَلَى هَذَا مِنْ بَابِ حُقٍّ وحُقَّةٍ، وَقَدْ يُجْمَعُ الجَنَى عَلَى أَجْناءٍ، قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ:

لأَجْنَاءُ العِضاهِ أَقَلُّ عَارًا ... مِنَ الجُوفانِ، يَلْفَحه السَّعِيرُ

وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

كأَنَّ جَنِيَّةً مِنْ بَيْتِ رَأْسٍ، ... يَكُونُ مِزَاجها عَسَلٌ وماءُ

عَلَى أَنْيابِها، أَوْ طَعْمَ غَضٍّ ... مِنَ التُّفَّاحِ، عَصَّرها الجَناءُ

قَالَ: وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى أَجْنٍ مِثْلَ جَبَلٍ وأَجْبُلٍ. والجَنَى: الكَلأُ. والجَنَى: الكَمْأَةُ. وأَجْنَتِ الأَرضُ: كَثُرَ جَناها، وَهُوَ الكَلأُ والكَمْأَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>