للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المَريض الْمَمْنُوعُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

وجْدي بصَخْرَةَ، لَوْ تَجْزِي المُحِبَّ بِهِ، ... وَجْدُ الحَمِيِّ بماءِ المُزْنةِ الصَّادي

واحْتَمَى المريضُ احْتِمَاءً مِنَ الأَطعمة. وَيُقَالُ: حَمَيْتُ الْمَرِيضَ وأَنا أَحْمِيه حِمْيَةً وحِمْوَةً مِنَ الطَّعَامِ، واحْتَمَيت مِنَ الطَّعَامِ احْتِماءً، وحَمَيْت القومَ حِمايةً، وحَمَى فلانٌ أَنْفَه يَحْمِيه حَمِيَّةً ومَحْمِيَةً. وَفُلَانٌ ذُو حَمِيَّةٍ مُنْكَرَة إِذَا كَانَ ذَا غَضَبٍ وأَنَفَةٍ. وحَمَى أَهلَه فِي القِتال حِمايةً. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَمِيتُ مِنْ هَذَا الشيءِ أَحْمَى مِنْه حَمِيَّةً أَي أَنَفاً وغَيْظاً. وَإِنَّهُ لَرَجُل حَمِيٌّ: لَا يَحْتَمِل الضَّيْم، وحَمِيُّ الأَنْفِ. وَفِي حَدِيثِ

مَعْقِل بنِ يَسارٍ: فَ حَمِيَ مِنْ ذَلِكَ أَنَفاً

أَي أَخَذَتْه الحَمِيَّة، وَهِيَ الأَنَفَة والغَيْرة. وحَمِيت عَنْ كَذَا حَمِيَّةً، بالتشديد، ومَحْمِيَةً إذا أَنِفْت مِنْهُ وداخَلَكَ عارٌ وأَنَفَةٌ أَن تفْعَله. يُقَالُ: فُلَانٌ أَحْمَى أَنْفاً وأَمْنَعُ ذِماراً مِنْ فُلَانٍ. وحَماهُ الناسَ يَحْمِيه إياهمْ حِمىً وحِمايةً: مَنَعَهُ. والحامِيَةُ: الرجلُ يَحْمِي أَصحابه فِي الْحَرْبِ، وهم أَيضاً الْجَمَاعَةُ يَحْمُون أَنفُسَهم؛ قَالَ لَبِيدٌ:

ومَعِي حَامِيةٌ مِنْ جَعْفرٍ، ... كلَّ يوْمٍ نَبْتَلي مَا فِي الخِلَلِ

وَفُلَانٌ عَلَى حَامِية الْقَوْمِ أَي آخِرُ مَنْ يَحْمِيهِمْ فِي انْهِزامِهم. وأَحْمَى المكانَ: جَعَلَهُ حِمىً لَا يُقْرَب. وأَحْمَاهُ: وجَدَه حِمىً. الأَصمعي: يُقَالُ حَمىَ فُلَانٌ الأَرضَ يَحْمِيها حِمًى لَا يُقْرَب. اللَّيْثُ: الحِمَى مَوْضِعٌ فِيهِ كَلأٌ يُحْمَى مِنَ النَّاسِ أَن يُرْعى. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فِي تَفْسِيرِ

قَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ ولِرَسُولِه

، قَالَ: كَانَ الشَّرِيفُ مِنَ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا نَزَلَ بَلَدًا فِي عَشِيرَتِهِ اسْتَعْوَى كَلْباً فحَمَى لخاصَّته مَدَى عُواءِ الكَلْبِ لَا يَشرَكُه فِيهِ غيرهُ فَلَمْ يَرْعَه مَعَهُ أَحد وَكَانَ شريكَ الْقَوْمِ فِي سَائِرِ المرَاتع حَوْله، قَالَ: فَنَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَنْ يُحْمَى عَلَى النَّاسِ حِمىً كَمَا كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَ، قَالَ: وَقَوْلُهُ إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، يَقُولُ: إِلَّا مَا يُحْمَى لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ ورِكابِهِم الَّتِي تُرْصَد لِلْجِهَادِ ويُحْمَل عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِبِلِ الزَّكَاةِ، كَمَا حَمَى عُمَرُ النَّقِيع لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ وَالْخَيْلِ المُعَدَّة فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبيَضَ بنِ حَمّالٍ لَا حِمَى فِي الأَراكَ، فَقَالَ أَبيَضُ: أَراكَةٌ فِي حِظاري

أَي فِي أَرضي، وَفِي رِوَايَةٍ:

أَنه سأَله عَمَّا يُحْمَى مِنَ الأَراك فَقَالَ مَا لَمْ تَنَلْهُ أَخفافُ الإِبلِ

؛ مَعْنَاهُ أَن الإِبل تأْكل مُنْتَهى مَا تَصِلُ إِلَيْهِ أَفواهها، لأَنها إِنَّمَا تَصِلُ إِلَيْهِ بِمَشْيِهَا عَلَى أَخفافها فيُحْمَى مَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: أَراد أَنه يُحْمَى مِنَ الأَراك مَا بَعُدَ عَنِ العِمارة وَلَمْ تَبْلُغْهُ الإِبلُ السَّارِحَةُ إِذَا أُرْسِلت فِي المَرْعَى، وَيُشْبِهُ أَن تَكُونَ هَذِهِ الأَراكة الَّتِي سأَل عَنْهَا يَوْمَ أَحْيا الأَرضَ وحَظَر عَلَيْهَا قائمةَ فِيهَا فأَحيا الأَرض فَمَلَكَهَا بالإِحياء وَلَمْ يَمْلِكِ الأَراكة، فأَما الأَراك إِذَا نَبَتَ فِي مِلك رَجُلٍ فَإِنَّهُ يَحْمِيهِ وَيَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْهُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

مِنْ سَراةِ الهِجانِ، صَلَّبَها العُضّ ... ورَعْيُ الحِمَى وطولُ الحِيال

رَعْيُ الحِمَى: يُرِيدُ حِمَى ضَرِيَّة، وَهُوَ مَراعي إِبِلِ المُلوك وحِمَى الرَّبَذَةِ دونَه. وَفِي حَدِيثِ الإِفْكِ:

أَحْمِي سَمْعي وبصَري

أَي أَمنَعُهما مِنْ أَن أَنسُب إِلَيْهِمَا مَا لَمْ يُدْرِكاه وَمِنَ الْعَذَابِ لَوْ كَذَبْت عَلَيْهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>