الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ
حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ
مَعْنَاهُ هَلُمَّ وأَقْبِلْ، وفُتِحت الياءُ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ مَا قَبْلَهَا كَمَا قِيلَ لَيتَ ولعلَّ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: حَيَّ عَلَى الثَّرِيدِ، وَهُوَ اسمٌ لِفعل الأَمر، وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ حَيَّهَلْ فِي بَابِ اللَّامِ، وحاحَيْتُ فِي فَصْلِ الْحَاءِ والأَلف آخرَ الْكِتَابِ. الأَزهري: حَيَّ، مثَقَّلة، يُنْدَبُ بِهَا ويُدْعَى بِهَا، يُقَالُ: حَيَّ عَلَى الغَداء حَيَّ عَلَى الْخَيْرِ، قَالَ: وَلَمْ يُشْتَق مِنْهُ فِعْلٌ؛ قَالَ ذَلِكَ اللَّيْثُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: حَيَّ حَثٌّ ودُعاء؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الأَذان:
حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاح
أَي هَلُمُّوا إِلَيْهَا وأَقبلوا وتَعالَوْا مُسْرِعِينَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُمَا عَجِّلوا إِلَى الصَّلَاحِ وَإِلَى الْفَلَاحِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أَنشَأْتُ أَسْأَلُه مَا بالُ رُفْقَته، ... حَيَّ الحُمولَ، فإنَّ الركْبَ قَدْ ذَهَبا
أَي عَلَيْكَ بِالْحُمُولِ فَقَدْ ذَهَبُوا؛ قَالَ شَمِرٌ أَنشد مُحَارِبٌ لأَعرابي:
وَنَحْنُ فِي مَسْجدٍ يَدْع مُؤَذِّنُه: ... حَيَّ تَعالَوْا، وَمَا نَاموا وَمَا غَفَلوا
قَالَ: ذَهَبَ بِهِ إِلَى الصَّوْتِ نَحْوَ طاقٍ طاقٍ وغاقٍ غاقٍ. وَزَعَمَ أَبو الْخَطَّابِ أَن الْعَرَبَ تَقُولُ: حَيَّ هَلَ الصلاةَ أَي ائْتِ الصَّلَاةَ، جَعَلَهُما اسْمَيْنِ فَنصَبَهما. ابْنُ الأَعرابي: حَيَّ هَلْ بِفُلَانٍ وحَيَّ هَلَ بِفُلَانٍ وحَيَّ هَلًا بِفُلَانٍ أَي اعْجَلْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُون فَ حَيَّ هَلًا بِعُمَرَ
أَي ابْدَأ بِهِ وعَجِّلْ بِذِكْرِهِ، وَهُمَا كَلِمَتَانِ جُعِلَتَا كَلِمَةً وَاحِدَةً وَفِيهَا لُغَاتٌ. وهَلا: حَثٌّ وَاسْتِعْجَالٌ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوْتان رُكِّبا، وَمَعْنَى حَيَّ أَعْجِلْ؛ وأَنشد بَيْتَ ابْنِ أَحمر:
أَنْشَأْتُ أَسْأَلُه عَنْ حَالِ رُفْقَتِهِ، ... فقالَ: حَيَّ، فَإِنَّ الرَّكْبَ قَدْ ذَهَبا
قَالَ: وحَاحَيْتُ مِنْ بَناتِ الأَرْبعة؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
قَوْمٌ يُحاحُونَ بالبِهام، ونِسْوَانٌ ... قِصارٌ كهَيْئَةِ الحَجَلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنَ هَذَا الْفَصْلِ التَّحايِي. قَالَ ابْنُ قتيبةَ: رُبّما عَدَل القَمَر عن الهَنْعة فنزل ب التَّحايي، وَهِيَ ثَلَاثَةُ كَوَاكِبَ حِذَاءَ الهَنْعَة، الْوَاحِدَةُ مِنْهَا تِحْيَاة وَهِيَ بَيْنَ المَجَرَّةِ وتَوابِعِ العَيُّوق، وَكَانَ أَبو زِيَادٍ الْكِلَابِيُّ يَقُولُ: التَّحايِي هِيَ الهَنْعَة، وَتُهْمَزُ فَيُقَالُ التَّحَائي؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: بِهِنَّ يَنْزِلُ الْقَمَرُ لَا بالهَنْعة نَفْسِها، وَوَاحِدَتُهَا تِحْيَاة؛ قَالَ الشَّيْخُ: فَهُوَ عَلَى هَذَا تِفْعَلة كتِحْلَبَة مِنَ الأَبنية، ومَنَعْناهُ مِنْ فِعْلاةٍ كعِزْهاةٍ أَنَّ ت ح ي مهملٌ وأَنَّ جَعْلَه وح ي تَكَلُّفٌ، لإِبدال التَّاءِ دُونَ أَن تَكُونَ أَصلًا، فَلِهَذَا جَعَلناها مِنَ الحَيَاء لأَنهم قَالُوا لَهَا تَحِيَّة، تسمَّى الهَنْعة التَّحِيّة فَهَذَا مِنْ ح ي ي لَيْسَ إِلَّا، وأَصلها تحْيِيَة تَفْعِلة، وأَيضاً فإنَّ نوءَها كَبِيرُ الْحَيَا مِنْ أَنواء الْجَوْزَاءِ؛ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
سَرَتْ عَلَيْهِ منَ الجَوْزاء ساريةٌ، ... تُزْجي الشَّمالُ عَليَه سالِفَ البَرَد
والنَّوْءُ لِلْغَارِبِ، وَكَمَا أَن طُلُوعَ الْجَوْزَاءِ فِي الْحَرِّ الشديد كذلك نوؤها فِي الْبَرَدِ وَالْمَطَرِ وَالشِّتَاءِ، وَكَيْفَ كَانَتْ وَاحِدَتُهَا أَتِحْيَاةٌ، عَلَى مَا ذَكَرَ أَبو حَنِيفَةَ، أَمْ تَحِيَّة عَلَى مَا قَالَ غَيْرُهُ، فَالْهَمْزُ فِي جَمْعِهَا شَاذٌّ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، فَإِنْ صَحَّ بِهِ السَّمَاعُ فَهُوَ كمصائبَ ومعائِشَ فِي قِرَاءَةِ خَارِجَةَ، شُبِّهَت تَحِيَّة بفَعِيلة، فَكَمَا قِيلَ تَحَوِيٌّ فِي النَّسَبِ، وَقِيلَ فِي مَسِيل مُسْلان فِي أَحد الْقَوْلَيْنِ قِيلَ تَحائي، حَتَّى كأَنه فَعِيلة وفَعائل. وَذَكَرَ الأَزهري فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: الحَيْهَل شجرٌ؛ قَالَ النَّضْرُ: رأَيت