للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعالِمِ السِّرِّ وعالِمِ الخَفا، ... لَقَدْ مَدَدْنا أَيْدِياً بَعْدَ الرَّجَا

وَقَالَ أُمية:

تُسَبِّحهُ الطَّيْرُ الكَوامِنُ فِي الخَفا، ... وإِذْ هِيَ فِي جَوِّ السماءِ تَصَعَّدُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَلِيٍّ الْقَالِي خَفَيْت أَظْهَرْتُ لَا غَيْرُ، وأَما أَخْفَيْت فَيَكُونُ للأَمرين وغَلَّطَ الأَصمعي وأَبا عُبَيْدٍ القاسمَ بنَ سَلَّامٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يَخْفِي صَوتَه بِآمِينَ

؛ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْيَاءِ مَنْ خَفَى يَخْفِي إِذا أَظْهَر كَقَوْلِهِ تَعَالَى:

إِن السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكاد أَخْفِيها، عَلَى إِحدى الْقِرَاءَتَيْنِ.

والخَفاء والخَافِي والخَافِيَة: الشيءُ الخَفِيُّ. قَالَ الليث: الخُفْية [الخِفْية] مِنْ قَوْلِكَ أَخْفَيْت الشيءَ أَي سَتَرْته، وَلَقِيتُهُ خَفِيّاً أَي سِرّاً. والخَافِيَة: نَقِيضُ الْعَلَانِيَةِ. وفَعَلَه خَفِيّاً وخِفْية، بكسر الخاء، وخفو

خِفْوة عَلَى المُعاقَبة. وَفِي التَّنْزِيلِ: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً

؛ أَي خَاضِعِينَ مُتَعَبِّدِين، وَقِيلَ أَي اعْتَقِدوا عبادَته فِي أَنفسكم لأَن الدُّعَاءَ مَعْنَاهُ الْعِبَادَةُ؛ هَذَا قَوْلُ الزَّجَّاجِ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ أَن تَذْكُرَهُ فِي نَفْسِكَ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: خُفْية فِي خَفْضٍ وَسُكُونٍ، وتضَرُّعاً تَمَسْكُناً. وَحُكِيَ أَيضاً: خَفِيتُ لَهُ خِفْية وخُفْية أَي اخْتَفَيْت؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:

حَفِظْتُ إِزاري، مُذْ نَشَأْتُ، وَلَمْ أَضَعْ ... إِزاري إِلى مُسْتَخْدَماتِ الوَلائِدِ

وأَبْناؤُهُنَّ المُسْلمون، إِذا بَدا ... لَكَ المَوْتُ وارْبَدَّتْ وجوهُ الأَساوِدِ

وهُنَّ الأُلى يَأْكُلْنَ زادَكَ خفو خِفْوَةً ... وهَمْساً، ويُوطِئْنَ، السُّرى، كُلَّ خابِطِ

أَي حفِظْت فَرْجي وَهُوَ مَوْضِعُ الإِزار أَي لَمْ أَجعل نَفْسِي إِلى الإِماء، وَقَوْلُهُ: يأْكُلْن زادَك خفو

خِفْوَة، يَقُولُ: يَسْرِقْنَ زَادَكَ فإِذا رأَينَك تَموت تركْنَك، وَقَوْلُهُ: ويُوطِئْن السُّرى كلَّ خابِطِ، يُرِيدُ كُلُّ مَنْ يأْتِيهن بِاللَّيْلِ يُمَكِّنَّهُ مِنْ أَنفُسِهن. واسْتَخْفَى مِنْهُ: اسْتَتَر وَتَوَارَى. وَفِي التَّنْزِيلِ: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ

؛ وَكَذَلِكَ اخْتَفَى، وَلَا تَقُل اخْتَفَيْت. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْفَرَّاءُ حَكَى أَنه قَدْ جَاءَ اخْتَفَيْت بِمَعْنَى اسْتَخَفْيت؛ وأَنشد:

أَصْبَحَ الثعلبُ يَسْمُو لِلعُلا، ... واخْتَفَى مِنْ شِدَّةِ الخَوْفِ الأَسَدْ

فَهُوَ عَلَى هَذَا مُطاوِع أَخْفَيْته فاخْتَفَى كَمَا تَقُولُ أَحْرَقْته فاحْتَرَق، وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ

، قَالَ: المُسْتَخْفِي الظَّاهِرُ، والسَّارِبُ المُتَواري؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ أَي مُسْتَتر وسارِبٌ بِالنَّهَارِ ظَاهِرٌ كأَنه قَالَ الظَّاهِرُ والخَفِيُّ عِنْدَهُ جَلَّ وَعَزَّ وَاحِدٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُ الأَخفش المُسْتَخْفِي الظَّاهِرُ خَطَأً والمُسْتَخْفِي بِمَعْنَى المُسْتتر كَمَا قَالَ الْفَرَّاءُ، وأَما الاخْتِفاء فَلَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما بِمَعْنَى خَفِيَ، وَالْآخَرُ بِمَعْنَى الاسْتِخْراج؛ وَمِنْهُ قِيلَ للنَّبَّاش المُخْتَفي، وجاءَ خَفَيْت بِمَعْنَيَيْنِ وَكَذَلِكَ أَخْفَيْت، وَكَلَامُ الْعَرَبِ الْعَالِي أَن تَقُولَ خَفَيْت الشيءَ أَخْفِيه أَي أَظهرته. واسْتَخْفَيت مِنْ فُلَانٍ أَي تَوارَيْت واسْتَترت وَلَا يَكُونُ بِمَعْنَى الظُّهُورِ. واخْتَفَى دمَهُ: قَتَلَه مِنْ غَيْرِ أَن يُعْلَم بِهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الغَنَوِيّ لأَبي الْعَالِيَةِ: إِن بَني عامِرٍ أَرادوا أَن يَخْتَفُوا دَمي. وَالنُّونُ الخَفِيَّة: السَّاكِنَةُ وَيُقَالُ لَهَا الخَفِيفة أَيضاً. والخِفاء: رِداءٌ تَلْبَسُه العَرُوس عَلَى ثَوْبها فَتُخْفِيه بِهِ. وكلُّ مَا سَتَر شَيْئًا فَهُوَ لَهُ خِفاءٌ. وأَخْفِيَة النَّوْرِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>