للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَي بالدَّاهِيةِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

يَحْمِلْنَ عَنْقَاءَ وعَنْقَفِيرَا، ... والدَّلْوَ والدَّيْلَم والزَّفِيرَا «١»

. والدَّلْوُ: بُرْجٌ مِنْ بُرُوج السَّمَاءِ مَعْرُوفٌ، سُمِّيَ بِهِ تَشْبِيهًا بالدَّلْو. والدَّالِيَةُ: شيءٌ يُتَّخذُ مِنْ خُوصٍ وخَشَبٍ يُسْتَقَى بِهِ بحِبالٍ تُشَدُّ فِي رأْس جِذْعٍ طَوِيلٍ؛ قَالَ مِسْكِين الدارمي:

بأَيْدِيهِمْ مَغارِفُ من حَديدٍ ... يُشَبِّهُها مُقَيَّرَةَ الدَّوَالِي

والدَّالِيَةُ: المَنْجَنُون، وَقِيلَ: المَنْجَنُون تُدِيرُها البَقَرَةُ، والناعُورَة يُديرُها الْمَاءُ. ابْنُ سِيدَهْ: والدَّالِيَةُ الأَرض تُسْقَى بالدَّلْو والمَنْجَنُون. والدَّوَالِي: عِنَبٌ أَسْوَدُ غيرُ حالِكٍ وعَناقِيدُه أَعْظَم العناقِيدِ كُلِّها تَرَاها كأَنَّها تُيُوس معلَّقة، وعِنَبه جافٌّ يتَكَسَّر فِي الْفَمِ مُدَحْرَج ويُزَبَّبُ؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: وأَدْلَى الفَرَسُ وغيرُه: أَخرج جُرْدانَه ليَبُولَ أَو يَضْرِبَ، وَكَذَلِكَ أَدْلَى العَيْرُ ودَلَّى؛ قِيلَ لابْنَةِ الخُسِّ: مَا مائَةٌ منَ الحُمُر؟ قَالَتْ: عازِبَةُ اللَّيْل وخِزْيُ المَجْلِس، لَا لَبَنَ فَتُحْلَبَ وَلَا صُوفَ فَتُجَزَّ، إنْ رُبِطَ عَيْرُها دَلَّى وَإِنْ أَرْسَلْتَه وَلَّى. والإِنسانُ يُدْلِي شَيْئًا فِي مَهْوَاةٍ ويَتَدَلَّى هُوَ نَفْسُه. ودَلَّى الشيءَ فِي المَهْواةِ: أَرْسَلَهُ فِيهَا؛ قَالَ:

مَنْ شَاءَ دَلَّى النَّفْسَ فِي هُوَّةٍ ... ضَنْكٍ، ولَكِنْ مَنْ لَهُ بِالمَضِيقْ

أَي بِالْخُرُوجِ مِنَ المَضِيق، وتَدَلَّيْتُ فِيهَا وَعَلَيْهَا؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ فَرَسًا:

فَتَدَلَّيْتُ عَلَيْها قَافِلًا، ... وَعَلَى الأَرضِ غَياياتُ الطَّفَلْ

أَراد أَنه نَزَل مِنْ مِرْبائه وَهُوَ عَلَى فَرَسِه راكبٌ. وَلَا يَكُونُ التَّدَلِّي إِلَّا مِنْ عُلْوٍ إِلَى اسْتِفَال، تَدَلَّى مِنَ الشَّجَرَةِ. وَيُقَالُ: تَدَلَّى فلانٌ عَلَيْنَا مِنْ أَرض كَذَا وَكَذَا أَيْ أَتانا. يُقَالُ: مِنْ أَيْنَ تَدَلَّيْتَ عَلَيْنَا؛ قَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:

تَدَلَّى عَلَيه وهُوَ زَرْقُ حَمامَةٍ، ... لَهُ طِحْلِبٌ، فِي مُنْتَهَى القيضِ، هامِدُ

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ

. قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: دلَّاهُما فِي المَعْصِيَة بأَن غَرَّهُما، وقال غيره: فَدلَّاهُما فأطْمَعَهُما؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي جُنْدُب الْهُذَلِيِّ:

أَحُصُّ فَلَا أُجِيرُ، ومَنْ أُجِرْهُ، ... فَلَيْسَ كَمَنْ يُدَلَّى بالغُرُورِ

أَحُصُّ: أَمْنَع، وَقِيلَ: أَحُصُّ أَقْطَع ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: كَمَنْ يُدَلَّى أَي يُطْمَع؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَصله الرَّجُلُ العَطْشانُ يُدَلَّى فِي الْبِئْرِ ليَرْوَى مِنْ مَائِها فَلَا يجدُ فِيهَا مَاءً فَيَكُونُ مُدَليِّاً فِيهَا بالغُرورِ، فوُضِعَت التَّدْلِيَة مَوْضِعَ الإِطْمَاع فِيمَا لَا يُجْدِي نَفْعاً؛ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ

، أَي جَرَّأهما إِبْلِيسُ عَلَى أَكْلِ الشَّجَرَةِ بغُرره، والأَصلُ فِيهِ دَلَّلهما، والدَّالُ والدَّالَّةُ: الجُرْأَة. الْجَوْهَرِيُّ: ودلَّاه بغُرُورٍ أَي أَوْقَعَه فِيمَا أَراد مِنْ تَغْرِيره وَهُوَ مِنْ إِدْلاءِ الدَّلْو. وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:


(١). قوله [يحملن عنقاء إلخ] كذا أنشده الجوهري وقال في التكملة: الإِنشاد فاسد والرواية:
أَنْعَتُ أَعْيَارًا رَعَيْنَ كِيرَا ... يَحْمِلْنَ عَنْقَاءَ وَعَنْقَفِيرَا
وَأُمُّ خَشَّافٍ وَخَنْشَفِيرَا ... والدَّلْو وَالدَّيْلَمَ والزفيرا
ثم قال: والكير اسم موضع بعينه

<<  <  ج: ص:  >  >>