فَلَمَّا انْصَرَفَ دَرَأَ جُمْعةً مِنْ حَصَى الْمَسْجِدِ، وأَلْقَى عَلَيْها رَداءَهُ، واسْتَلْقَى
أَي سَوَّاها بيدِه وبَسَطَها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: يَا جارِيةُ ادْرَئِي إلَيَّ الوِسادَةَ أَي ابْسُطِي. وتقولُ: تَدَرَّأَ عَلَيْنَا فُلَانٌ أَي تَطَاول. قَالَ عَوفُ بْنُ الأَحْوَصِ:
لَقِينا، مِنْ تَدَرُّئِكم عَلَيْنا ... وقَتْلِ سَراتِنا، ذاتَ العَراقِي
أَراد بِقَوْلِهِ ذَاتَ العَراقِي أَي ذاتَ الدَّواهِي، مأْخوذ مِنْ عَراقِي الإِكام، وَهِيَ الَّتِي لَا تُرْتَقَى إلَّا بِمَشَقَّةٍ. والدَّرِيئة: الحَلْقةُ الَّتِي يَتَعَلَّم الرَّامي الطَّعْنَ والرَّمْيَ عَلَيْهَا. قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ:
ظَلِلْتُ كأَنِّي للرِّماح دَرِيئةٌ، ... أُقاتِلُ عَنْ أَبنْاءِ جَرْمٍ، وفَرَّتِ
قَالَ الأَصمعي: هُوَ مَهْمُوزٌ. وَفِي حَدِيثِ
دُرَيْد بْنِ الصِّمة فِي غَزْوة حُنَيْن: دَرِيئَةٌ أَمامَ الخَيْلِ.
الدَّرِيئةُ: حَلْقةٌ يُتَعَلَّم عَليْها الطَّعْنُ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الدَرِيئةُ، مَهْمُوزٌ: البَعِير أَو غيرُه الَّذِي يَسْتَتِرُ بِهِ الصَّائِدُ مِنَ الوحْشِ، يَخْتِل حتَّى إِذَا أَمْكَنَ رَمْيُه رَمَى؛ وأَنشد بَيْتَ عَمْرو أَيضاً، وأَنشد غَيْرَهُ فِي هَمْزِهِ أَيْضًا:
إِذَا ادَّرَؤُوا منْهُمْ بِقِرْدٍ رَمَيْتُه ... بِمُوهِيةٍ، تُوهِي عِظامَ الحَواجِب
غَيْرُهُ: الدَّرِيئَةُ: كُّل مَا اسْتُتِرُ بِهِ مِنَ الصيْد ليُخْتَلَ مِنْ بَعِير أَو غَيْرِهِ هُوَ مَهْمُوزٌ لأَنها تُدْرَأُ نَحْوَ الصيْدِ أَي تُدْفَع، وَالْجَمْعُ الدَّرايا والدَرائِئُ، بِهَمْزَتَيْنِ، كِلَاهُمَا نَادِرٌ. ودَرَأَ الدَّرِيئَةَ لِلصَّيْدِ يَدرَؤُها دَرْءًا: ساقَها واسْتَتَرَ بِهَا، فَإِذَا أَمْكَنه الصيدُ رَمَى. وتَدَرَّأَ القومُ: اسْتَتَرُوا عَنِ الشَّيْءِ ليَخْتِلُوه. وادَّرَأْتُ للصيْدِ، عَلَى افْتَعَلْتُ: إِذا اتَّخَذْت لَهُ دَرِيئةً. قَالَ ابْنُ الأَثير: الدَّريَّة، بِغَيْرِ هَمْزٍ: حَيَوَانٌ يَسْتَتِر بِهِ الصائدُ، فَيَتْرُكُه يَرْعَى مَعَ الوحْش، حَتَّى إِذَا أَنِسَتْ بِهِ وأَمكَنَتْ مِنْ طالِبها، رَماها. وَقِيلَ عَلَى العَكْسِ مِنْهُمَا فِي الْهَمْزِ وتَرْكِه. الأَصمعي: إِذا كَانَ مَعَ الغُدّة، وَهِيَ طاعونُ الإِبل، ورَمٌ فِي ضَرْعها فَهُوَ دارِئٌ. ابْنُ الأَعرابي: إِذَا دَرَأَ البعيرُ مِنْ غُدَّته رَجَوْا أَن يَسْلَم؛ قَالَ: ودَرَأَ إِذَا وَرِمَ نَحْرُه. ودَرَأَ البعيرُ يَدْرَأُ دُرُوءًا فَهُوَ دارِئٌ: أَغَدَّ ووَرِمَ ظَهْرُه، فَهُوَ دارِئٌ، وَكَذَلِكَ الأُنثى دارئٌ، بِغَيْرِ هاءٍ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: ناقةٌ دارِيٌ إِذَا أَخَذَتْها الغُدَّةُ مِنْ مَراقِها، واسْتَبانَ حَجْمُها. قَالَ: وَيُسَمَّى الحَجْمُ دَرْءاً بِالْفَتْحِ؛ وحَجْمُها نُتوؤُها، والمَراقُ بِتَخْفِيفِ الْقَافِ: مَجرى الْمَاءِ مِنْ حَلْقِها، وَاسْتَعَارَهُ رؤْبة للمُنْتَفِخِ المُتَغَضِّب، فَقَالَ:
يَا أَيُّها الدّارِئُ كَالمنْكُوفِ، ... والمُتَشَكِّي مَغْلةَ المَحْجُوفِ
جَعَلَ حِقْده الَّذِي نَفَخَهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَرَمِ الَّذِي فِي ظَهْرِ الْبَعِيرِ، والمَنْكُوفُ: الَّذِي يَشْتَكي نَكَفَتَه، وَهِيَ أَصل اللِّهْزِمة. وأَدْرَأَتِ الناقةُ بضَرْعِها، وَهِيَ مُدْرِئ إِذَا اسْتَرْخَى ضَرعُها؛ وَقِيلَ: هُوَ إِذَا أَنزلت اللَّبَنَ عندَ النِّتاجِ.