للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا ووقوعِها طَرَفاً، وإِن شِئْتَ قُلْتَ أَراد الدَّاوِيَّةَ المحذوفةَ اللَّامِ كالحانِيّة إِلا أَنه خَفَّفَ بالإِضافة كَمَا خَفَّفَ الْآخَرُ فِي قَوْلِهِ؛ أَنشده أَبو عَلِيٍّ أَيضاً:

بَكِّي بعَيْنِك واكِفَ القَطْرِ ... ابْنَ الحَوَارِي العالِيَ الذّكْرِ «١»

. وَقَالَ فِي قَوْلِهِمْ دَوِّيَّة قَالَ: إِنما سُمِّيَتْ دَوِّيَّة لَدوِيِّ الصَّوْتِ الَّذِي يُسْمَع فِيهَا، وَقِيلَ: سُمِّيَت دَوِّيَّة لأَنَّها تُدَوِّي بِمَنْ صَارَ فِيهَا أَي تَذْهَب بِهِمْ. وَيُقَالُ: قَدْ دَوَّى فِي الأَرض وَهُوَ ذَهابُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

دَوَّى بِهَا لَا يَعْذِرُ العَلائِلا، ... وَهُوَ يُصادِي شُزُناً مَثائِلا «٢»

. دَوَّى بِهَا: مَرَّ بِهَا يَعْنِي العَيْرَ وأُتُنَه، وَقِيلَ: الدَّوُّ أَرض مَسيرةُ أَربع ليالٍ شِبْهُ تُرْسٍ خاويةٌ يُسَارُ فِيهَا بِالنُّجُومِ ويخافُ فِيهَا الضلالُ، وَهِيَ عَلَى طَرِيقِ الْبَصْرَةِ مُتَيَاسِرَةٌ إِذا أَصْعَدْتَ إِلى مَكَّةُ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وإِنما سُمِّيَتِ الدَّوَّ لأَن الفُرْسَ كَانَتْ لَطائِمُهُم تَجُوزُ فِيهَا، فَكَانُوا إِذا سَلَكُوهَا تَحاضُّوا فِيهَا بالجِدِّ فقالوا بالفارسي: دَوْ دَوْ «٣». قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ قَطَعْتُ الدَّوَّ مَعَ القَرامِطَة، أَبادَهُم اللَّهُ، وَكَانَتْ مَطْرَقَهُم قَافِلِينَ مِنَ الهَبِير فسَقَوْا ظَهْرَهم واسْتَقَوْا بحَفْرِ أَبي مُوسَى الَّذِي عَلَى طَرِيقِ الْبَصْرَةِ وفَوَّزوا فِي الدوِّ، وَوَرَدُوا صبيحةَ خامسةٍ مَاءً يُقَالُ لَهُ ثَبْرَةُ، وعَطِبَ فِيهَا بُخْتٌ كَثِيرَةٌ مِنْ إِبل الْحَاجِّ لبُلُوغ العَطَش مِنْهَا والكَلالِ؛ وأَنشد شِمْرٌ:

بالدَّوّ أَو صَحْرائِهِ القَمُوصِ

وَمِنْهُ خُطْبَةُ الحَجّاج:

قَد، لَفَّها اللَّيْلُ بعُصْلُبِيِّ ... أَرْوَعَ خَرَّاجٍ مِنَ الدَّاوِيِ

يَعْنِي الفَلَوات جَمْعُ داوِيَّة، أَراد أَنه صَاحِبُ أَسفار ورِحَلٍ فَهُوَ لَا يَزَالُ يَخْرُج مِنَ الفَلَوات، وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ أَراد بِهِ أَنه بَصِيرٌ بالفَلَوات فَلَا يَشْتَبه عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا. والدَّوُّ: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ، وَهِيَ صَحْراء مَلْساء، وَقِيلَ: الدَّوُّ بَلَدٌ لِبَنِي تَمِيمٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

حَتَّى نِساءُ تمِيمٍ، وهْي نازِحةٌ ... بباحَةِ الدَّوِّ فالصَّمَّانِ فالعَقَدِ «٤»

. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ داوِيَّة وداوِيَةٌ، بِالتَّخْفِيفِ؛ وأَنشد لِكُثَيِّرٍ:

أَجْواز داوِيَةٍ خِلالَ دِماثِهَا ... جُدَدٌ صَحَاصِحُ، بَيْنَهُنَّ هُزومُ

والدَّوَّةُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ. الأَصمعي: دَوَّى الفَحْلُ إِذا سَمِعْت لهَدِيره دَوِيّاً. الْجَوْهَرِيُّ: الدَّوُّ والدَّوِّيُّ المَفازة، وَكَذَلِكَ الدَّوِّيَّة لأَنها مَفازَة مثلُها فنُسِبَتْ إِليها، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ قَعْسَرٌ وقَعْسَرِيّ ودَهْر دَوَّار ودَوَّارِيّ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:

ودَوِّيَّةٍ قَفْرٍ تَمَشَّى نَعامُها، ... كَمَشْيِ النَّصارَى فِي خِفافِ الأَرَنْدَجِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْكَلَامُ نَقَلَهُ مِنْ كَلَامِ الْجَاحِظِ لأَنه قَالَ سُمّيت دَوِّيّة بالدَّوِّيّ الَّذِي هُوَ عَزِيفُ الجنِّ،


(١). قوله [بكّي بعينك واكف إلخ] تقدم في مادة حور ضبطه بكى بفتح الكاف وواكف بالرفع، والصواب ما هنا
(٢). قوله
وَهُوَ يُصَادِي شُزُنًا مَثَائِلَا
كذا بالأصل، والذي في التهذيب:
وهو يصادي شزباً نسائلا
(٣). قوله [دو دو] أي أَسْرِعْ أَسْرِعْ، قاله ياقوت في المعجم
(٤). قوله [فالعقد] بفتح العين كما في المحكم، وقال في ياقوت: قال نصر بضم العين وفتح القاف وبالدال مَوْضِعٌ بَيْنَ الْبَصْرَةِ وَضَرِيَّةَ وأظنه بفتح العين وكسر القاف

<<  <  ج: ص:  >  >>