وقولها: لَهُ داءٌ خَبَرٌ لِكُلُّ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ صِفَةً لِدَاءٍ، وَدَاءٌ الثَّانِيَةُ خَبَرٌ لِكُلُّ أَي كُلُّ دَاءٍ فِيهِ بليغٌ مُتناهٍ، كَمَا يُقَالُ: إِنَّ هَذَا الفَرَسَ فَرَسٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وأَيُّ داءٍ أَدْوى مِنَ البُخْلِ
أَي أَيُّ عَيْبٍ أَقْبحُ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّوَابُ أَدْوَأُ مِنَ البُخْل، بِالْهَمْزِ وَمَوْضِعُهُ الْهَمْزُ، وَلَكِنَّ هذا يُرْوى إِلا أَن يُجْعَلَ مِنَ بَابِ دَوِيَ يَدْوَى دَوىً، فَهُوَ دَوٍ إِذا هَلَكَ بِمَرَضٍ بَاطِنٍ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
العَلاء بْنِ الحضْرَمِيّ: لَا داءَ وَلَا خِبْثَة
؛ قَالَ: هُوَ العَيْبُ الباطِن فِي السِّلْعة الَّذِي لمْ يَطَّلِعْ عَليه المُشْتري. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ الخَمر داءٌ ولَيْسَتْ بِدواءٍ
؛ اسْتَعْمَلَ لَفْظَ الداءِ فِي الإِثْمِ كَمَا اسْتَعْمَله فِي الْعَيْبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: دَبَّ إِليْكُم داءُ الأُمَمِ قَبْلَكُم البَغْضاءُ والحَسَدُ، فنَقَل الداءَ مِنَ الأَجْسامِ إِلى الْمَعَانِي ومنْ أَمْر الدُّنيا إِلى أَمْر الآخِرَةِ، قَالَ: وَلَيْسَتْ بدَواءٍ وإِن كَانَ فِيهَا دَواءٌ مِنْ بَعْضِ الأَمْراض، عَلَى التَّغْلِيبِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الذَّمِّ، وَهَذَا كَمَا نُقِلَ الرَّقُوبُ والمُفْلِسُ والصُّرَعةُ لِضَرْبٍ مِنَ التَّمْثِيل والتَّخْيِيل. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: إِلى مَرْعىً وبِيٍّ ومَشْرَبٍ دَوِيٍ
أَي فِيهِ داءٌ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى دَوٍ مَنْ دَوِيَ، بِالْكَسْرِ، يَدْوَى. وَمَا دُوِّيَ إِلا ثَلَاثًا «٥». حَتَّى مَاتَ أَو بَرَأَ أَي مَرِضَ. الأَصمعي: صَدْرُ فلانٍ دَوىً عَلَى فُلَانٍ، مَقْصُورٌ، وَمِثْلُهُ أَرض دَوِيَّة أَى ذَاتُ أَدْواءٍ. قَالَ: وَرَجُلٌ دَوىً ودَوٍ أَي مَرِيضٌ، قَالَ: وَرَجُلٌ دَوٍ، بِكَسْرِ الْوَاوِ، أَي فاسدُ الْجَوْفِ مِنْ داءٍ، وامرأَة دَوِيَةٌ، فإِذا قُلْتَ رَجُلٌ دَوىً، بِالْفَتْحِ، اسْتَوَى فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ لأَنه مَصْدَرٌ فِي الأَصل. وَرَجُلٌ دَوىً، بِالْفَتْحِ، أَي أَحمق؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
وَقَدْ أَقُود بالدَّوى المُزَمَّل
وأَرض دَوِيَةٌ، مُخَفَّفٌ، أَي ذَاتُ أَدْواءٍ. وأَرْضٌ دَوِيَةٌ: غَيْرُ مُوَافِقَةٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والدَّوى الأَحمق، يُكْتَبُ بِالْيَاءِ مَقْصُورٌ. والدَّوى: اللَّازِمُ مَكَانَهُ لَا يَبْرح. ودَوِيَ صَدْرُه أَيضاً أَي ضَغِنَ، وأَدْوَاهُ غيرُه أَي أَمْرَضَه، ودَاوَاهُ أَي عالَجَهُ. يُقَالُ: هُوَ يُدْوِي ويُدَاوِي أَي يُعالِجُ، ويُدَاوَى بِالشَّيْءِ أَي يُعالَجُ بِهِ، ابْنُ السِّكِّيتِ: الدَّوَاءُ مَا عُولِجَ بِهِ الفَرَسُ مِنْ تَضْمِير وحَنْذٍ، وَمَا عُولِجَتْ بِهِ الجارِيَة حَتَّى تَسْمَن؛ وأَنشد لِسَلَامَةَ بْنِ جَنْدَلٍ:
ليْسَ بأَسْفى وَلَا أَقْنى وَلَا سَغِلٍ ... يُسْقى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبوبِ
يَعْنِي اللَّبَنَ، وإِنما جَعَلَهُ دَوَاءً لأَنهم كَانُوا يُضَمِّرونَ الخيلَ بشُرْبِ اللَّبَنِ والحَنْذِ ويُقْفُون بِهِ الجارِية، وَهِيَ القَفِيَّة لأَنها تُؤْثَر بِهِ كَمَا يُؤْثَرُ الضَّيف والصَّبيُّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ امرأَة مِنْ بَنِي شُقيْر:
ونُقْفي وِليدَ الحَيِّ إِنْ كَانَ جائِعاً، ... ونُحْسِبُه إِنْ كَانَ ليْسَ بجائعِ
والدَّواةُ: مَا يُكْتَبُ مِنْهُ مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ دَوىً ودُوِيٌّ ودِوِيٌّ. التَّهْذِيبُ: إِذا عدَدْت قُلْتَ ثَلَاثَ دَوَياتٍ إِلى العَشْر، كَمَا يُقَالُ نَواةٌ وَثَلَاثُ نَوَياتٍ، وإِذا جَمَعْت مِنْ غَيْرِ عَدَدٍ فَهِيَ الدَّوَى كَمَا يُقَالُ نَواةٌ ونَوىً، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُجْمَع دُوِيّاً عَلَى فُعُول مِثْلُ صَفاةٍ وصَفاً وصُفِيٍّ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
عَرَفْتُ الديارَ كَخَطِّ الدُّوِيِّ ... حَبَّره الكاتِبُ الحِمْيَرِي
والدُّوَايَةُ والدِّوَايَةُ: جُلَيْدةٌ رَقِيقَةٌ تَعْلُو اللَّبَنَ
(٥). قوله [وَمَا دُوِّيَ إِلَّا ثَلَاثًا إلخ] هكذا ضبط في الأصل بضم الدال وتشديد الواو المكسورة