مَدَحْتُه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفُلَانٌ يُذَرِّي فُلَانًا: وَهُوَ أَن يَرْفَعَ فِي أَمره وَيَمْدَحَهُ. وَفُلَانٌ يُذَرِّي حَسَبَه أَي يَمْدَحُهُ ويَرْفَعُ مِنْ شأْنه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عَمْداً أُذَرّي حَسَبِي أَن يُشْتَمَا، ... لَا ظَالِمَ النَّاسِ وَلَا مُظَلَّما
وَلَمْ أَزَلْ، عَنْ عِرْضِ قَوْمِي، مِرْجَمَا ... بِهَدْرِ هَدَّارٍ يَمُجُّ البَلْغَما
أَي أَرْفَعُ حَسَبي عَنِ الشَّتِيمةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما أَثْبَتُّ هَذَا هُنَا لأَن الِاشْتِقَاقَ يُؤذِنُ بِذَلِكَ كأَنِّي جَعَلْتُهُ فِي الذِّرْوَةِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الزِّنَادِ: كَانَ يَقُولُ لِابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كيفَ حديثُ كَذَا؟
يريدُ أَن يُذَرِّيَ مِنْهُ أَي يَرْفَعَ مِنْ قَدْره ويُنَوِّهَ بذِكْرِه. والمِذْرَى: طَرَفُ الأَلْيةِ، والرَّانِفةُ ناحيَتُها. وَقَوْلُهُمْ: جَاءَ فُلَانٌ يَنْفُضُ مِذْرَوَيْه إِذا جَاءَ باغِياً يَتَهَدَّدُ؛ قَالَ عَنْتَرة يَهْجُو عُمارةَ بنَ زِيادٍ العَبِسِي:
أَحَوْلِيَ تَنْفُضُ اسْتُكَ مِذْرَوَيْها ... لِتَقْتُلَنِي؟ فَهَا أَنا ذَا عُمارَا
يُرِيدُ: يَا عُمارَةُ، وَقِيلَ: المِذْرَوَانِ أَطْرافُ الأَلْيَتَيْن لَيْسَ لَهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ أَجْوَدُ الْقَوْلَيْنِ لأَنه لَوْ قَالَ مِذْرَى لَقِيلَ فِي التَّثْنِيَةِ مِذْرَيانِ، بِالْيَاءِ، لِلْمُجَاوِرَةِ، ولَمَا كَانَتْ بِالْوَاوِ فِي التَّثْنِيَةِ وَلَكِنَّهُ مِنْ بَابِ عَقَلْتُه بِثنْيَايَيْنِ فِي أَنه لَمْ يُثَنَّ عَلَى الْوَاحِدِ؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: الدليلُ عَلَى أَن الأَلف فِي التَّثْنِيَةِ حَرْفُ إِعراب صِحَّةُ الْوَاوِ فِي مِذْرَوانِ، قَالَ: أَلا تَرَى أَنه لَوْ كَانَتِ الأَلف إِعراباً أَو دليلَ إِعراب وَلَيْسَتْ مَصُوغَةً فِي بِنَاءِ جُمْلَةِ الْكَلِمَةِ مُتَّصِلَةً بِهَا اتصالَ حِرَفِ الإِعراب بِمَا بَعْدَهُ، لَوَجَبَ أَن تُقْلَبَ الْوَاوُ يَاءً فَيُقَالُ مِذْريانِ لأَنها كَانَتْ تَكُونُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ طَرَفاً كلامِ مَغْزىً ومَدْعىً ومَلْهىً، فَصِحَّةُ الْوَاوِ فِي مِذْرَوانِ دلالةٌ عَلَى أَن الأَلف مِنْ جُمْلَةِ الْكَلِمَةِ، وأَنها لَيْسَتْ فِي تَقْدِيرِ الِانْفِصَالِ الَّذِي يَكُونُ فِي الإِعراب، قَالَ: فجَرَتِ الأَلف فِي مِذْرَوانِ مَجْرَى الْوَاوِ فِي عُنْفُوانٍ وإِن اخْتَلَفَتِ النُّونُ وَهَذَا حَسَنٌ فِي مَعْنَاهُ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمَقْصُورُ إِذا كَانَ عَلَى أَربعة أَحرف يُثَنَّى بِالْيَاءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ نَحْوَ مِقْلىً ومِقْلَيانِ. والمِذْرَوانِ: نَاحِيَتَا الرأْسِ مِثْلُ الفَوْدَيْن. وَيُقَالُ: قَنَّع الشيبُ مِذْرَوَيْه أَي جانِبَيْ رأْسه، وَهُمَا فَوْداهُ، سمِّيا مِذْرَوَينِ لأَنهما يَذْرَيانِ أَي يَشيبَانِ. والذُّرْوَةُ: هُوَ الشَّيْبُ، وَقَدْ ذَرِيَتْ لِحْيَتُه، ثُمَّ استُعِير للمَنْكِبَيْنِ والأَلْيَتَيْن والطَّرَفَيْن. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِذْرَوا القَوْس المَوْضِعان اللَّذَانِ يَقَعُ عَلَيْهِمَا الوَتَر مِنْ أَسْفلَ وأَعْلَى؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
عَلَى عَجْسِ هَتَّافَةِ المِذْرَوَيْنِ، ... صَفْرَاءَ مُضْجَعَةٍ فِي الشِّمالْ
قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو وَاحِدُهَا مِذْرىً، وَقِيلَ: لَا وَاحِدَ لَهَا، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَا تَشَاءُ أَن تَرَى أَحدهم يَنْفُضُ مِذْرَوَيْه، يقول ها أَنا ذَا فَاعْرِفُونِي. والمِذْرَوَانِ كَأَنَّهما فَرْعَا الأَلْيَتين، وَقِيلَ: المِذْرَوَانِ طَرَفَا كلِّ شَيْءٍ، وأَراد الْحَسَنُ بِهِمَا فَرْعَي المَنْكِبَيْن، يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ إِذا جَاءَ بَاغِيًا يَتَهَدَّدُ. والمِذْرَوَانِ: الجانِبَانِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، تَقُولُ الْعَرَبُ: جَاءَ فُلانٌ يَضْرِبُ أَصْدَرَيْه ويَهُزّ عِطْفَيه ويَنْفُضُ مِذْرَوَيْه، وَهُمَا مَنْكِبَاه. وإِنّ فُلَانًا لكَريمُ الذَّرَى أَي كِرِيمُ الطَّبِيعَة. وذَرَا اللَّهُ الخَلْق ذَرْواً: خَلَقهم، لُغَةٌ فِي ذَرَأَ. والذَّرْوُ والذَّرَا والذُّرِّيَّة: الخَلْق، وَقِيلَ: الذَّرْوُ والذَّرَا عددُ الذُّرِّيَّة. اللَّيْثُ: الذُّرِّيَّة تَقَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute